ضيّقت «قوات سورية الديموقراطية» الكردية - العربية الخناق أكثر أمس على مدينة منبج في شمال سورية، وأعلنت تطويقها من ثلاث جهات، وسط تقارير عن فرار أعضاء في تنظيم «داعش» مع أسرهم منها. وتزامن ذلك مع معلومات عن تقدم إضافي للقوات النظامية السورية في اتجاه مدينة الطبقة في ريف الرقة الجنوبي، في خطوة يمكن أن تؤدي في حال نجاحها إلى قطع خطوط إمداد «داعش» بين محافظتي الرقة وحلب. وشن «داعش» هجوماً معاكساً أمس على القوات النظامية المتقدمة نحو الطبقة من ريف حماة الشمالي الشرقي، وتمكن من قطع طريق إمدادها بين منطقتي السلمية وأثريا. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إلى اشتباكات عنيفة تدور لليوم السابع بين «قوات سورية الديموقراطية» المدعمة بطائرات التحالف الدولي وقوات أميركية خاصة من جهة، وعناصر «داعش» من جهة أخرى، في جنوب وشرق وشمال شرقي مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، حيث يحاول الطرف الأول «الوصول إلى مدينة منبج ودخولها من ثلاثة محاور». وأوضح أن «قوات سورية الديموقراطية» باتت على مشارف منبج و «يفصلها عنها من جهة الجنوب أقل من 4 كلم ومن جهة الشرق من 7 إلى 10 كلم، فيما باتت على مسافة ما بين 10 - 15 كلم من الجهة الشمالية الشرقية لمدينة منبج، عقب سيطرتها على 48 قرية ومزرعة من بينها خربة الروس ورميلات وتلة حسن آغا وبنية والنعيمة وأخريات، وتمكنها اليوم (أمس) من قطع طريق منبج - جرابلس، بعد أيام من قطعها طريق منبج - الرقة». وتابع المرصد أن المدينة وريفها شهدا «حركة نزوح لآلاف المواطنين نحو مناطق مجاورة ومناطق آمنة أكثر»، لافتاً إلى أن المعارك وضربات التحالف خلّفت مزيداً من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين. وقدّم حصيلة للقتلى بلغت 107 بينهم 25 مدنياً و56 من «داعش» و19 من «قوات سورية الديموقراطية» من ضمنهم قائد «كتائب شمس الشمال» فيصل عبدي سعدون المعروف بلقب «أبو ليلى». ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن شرفان درويش وهو الناطق باسم «مجلس منبج العسكري» إن عناصر «داعش» يفرون من منبج مع أسرهم بعدما اقتربت «قوات سورية الديموقراطية» منها إلى مسافة نحو ستة كيلومترات، مشيراً إلى مقتل أكثر من 150 من «داعش» جثث 50 منهم موجودة في حوزة القوات المهاجمة المدعومة من الأميركيين. وأقر بأن هناك عدداً من القتلى في صفوف المهاجمين، مضيفاً أن العدد سيعلن لاحقاً. وقال درويش مستشهداً بتقارير من منبج: «هناك الكثير من البيوت كان داعش استولى عليها وسكن فيها في منبج وأصبحت الآن فارغة. فقد حملوا (عناصر داعش وأسرهم) كل ما يستطيعون حمله وخرجوا من المدينة». ولم يتسن ل «رويترز» التحقق في شكل مستقل من الرواية. وقال درويش إن الهجوم الذي تدعمه قوات أميركية خاصة يتقدم كما هو مقرر له. وأضاف: «لكي نكون صريحين: إذا كنا نريد أن نصل قبل هذا الوقت أو نريد مباشرة الوصول كنا نستطيع الوصول ولكن المنطقة واسعة وهناك عدد هائل من المدنيين». وقالت وكالة إنسانية تابعة للأمم المتحدة في تقرير نشر أمس في جنيف إن الهجوم على منبج ومحيطها يهدد بإجبار 216 ألف شخص على النزوح، بالإضافة إلى 20 ألفاً أفادت تقارير بأنهم نزحوا بالفعل. وأشار التقرير الذي احتوى على معلومات حتى يوم السبت إلى أن هناك احتمالاً أن يواجه الناس «عراقيل» أمام خروجهم من مناطق سيطرة «داعش» وإن هناك حاجة ماسة لأن يتوافر لهم المأوى ومياه الشرب والطعام والرعاية الصحية. في غضون ذلك، قال المرصد إن قوات النظام والمسلحين الموالين لها حققوا تقدماً جديداً داخل محافظة الرقة، المعقل الأبرز ل «داعش» في سورية، في إطار هجوم لاستعادة السيطرة على مدينة الطبقة. وبدأت قوات النظام الخميس هجوماً من منطقة اثريا في ريف حماة الشمالي على محافظة الرقة بهدف أوّلي يقضي باستعادة السيطرة على مدينة الطبقة الواقعة على بحيرة الفرات على بعد خمسين كيلومتراً غرب مدينة الرقة، والتي يجاورها مطار عسكري وسجن. وقال المرصد إن «قوات النظام ومقاتلي صقور الصحراء الموالين لها وبدعم جوي روسي، تمكنوا من التقدم داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة وباتوا على بعد أقل من ثلاثين كيلومتراً من مطار الطبقة العسكري ونحو 25 كيلومتراً من بحيرة الفرات». وبحسب مدير المرصد رامي عبدالرحمن، فإن هذا التقدم هو الأبرز «في عمق محافظة الرقة». وكانت قوات النظام وقوات «صقور الصحراء» التي تضم مقاتلين دربتهم روسيا، دخلت حدود محافظة الرقة السبت. وبحسب المرصد، تسببت الاشتباكات العنيفة المستمرة بين قوات النظام و «داعش» منذ السبت بمقتل سبعين عنصراً على الأقل من التنظيم المتشدد وتسعة من قوات «صقور الصحراء». وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أمس أن «وحدات من الجيش أعادت الأمن والاستقرار إلى قرية أبو العلاج وعدد من التلال في منطقة أثريا بريف حماة الشرقي» في إطار تقدمها نحو الطبقة. لكن المرصد السوري قال، من جهته، إن اشتباكات تدور منذ ما بعد منتصف ليلة الأحد - الاثنين بين قوات النظام وتنظيم «داعش» في منطقة أثريا بريف حماة الشمالي الشرقي «إثر هجوم للتنظيم على المنطقة، ما أدى إلى قطع الطريق الواصل بين أثريا وسلمية». وفي محافظة حمص، ذكر المرصد أن اشتباكات تدور بين قوات النظام و «داعش» قرب مدينة تدمر بريف حمص الشرقي «وسط معلومات عن تقدم قوات النظام وسيطرتها على نقاط شرق الصوامع شمال شرقي تدمر»، فيما قصفت طائرات حربية مدينة السخنة بريف حمص الشرقي والتي يسيطر عليها «داعش». أما في محافظة دير الزور (شرق سورية)، فقد قُتل 16 شخصاً بينهم مواطنات وأطفال في «مجزرة ارتكبتها طائرات حربية باستهدافها منطقة سوق بلدة الشعارة بريف دير الزور الشرقي»، بحسب المرصد الذي أوضح أن هذه السوق «تُعتبر من الأسواق المكتظة بالمواطنين وتعد سوقاً رئيسية لعدة قرى وبلدات أخرى قريبة». ولفت إلى اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام و «داعش» في محيط مطار دير الزور العسكري، «وسط استهدافات متبادلة بين الطرفين ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوفهما». وفي محافظة الحسكة المجاورة (شمال شرقي سورية)، قال المرصد إن قوات تركية دخلت الأراضي الزراعية الحدودية في قرية جطل الواقعة على بعد نحو كيلومتر واحد إلى الغرب من بلدة الدرباسية «حيث شوهدت آليات وجرافات تقوم بعمليات حفر وتجهيزات لبناء جدار حدودي بين الجانبين السوري والتركي». ونشر المرصد صوراً لآليات تركية تقوم بعملية الحفر.