لم تتمكن فريدة سلطان من مغالبة مشاعرها في حديثها عن تجربتها في أداء الحج حتى انهمرت دموعها، الحاجة فريدة سلطان العربية الأصل والأميركية الجنسية تحدثت أمام مئات الحجاج الأميركيين بحضور القنصل الأميركي في جدة «مارتن كوين» وسط قاعة في أحد فنادق جدة عمّا أحست به وهي تطأ بقدميها بقعةً لم تطأها من قبل لتؤدي فريضة الحج، شكرت كل من شاركها هذه التجربة وخصت إحدى زميلاتها بالامتنان عندما ساعدتها في معرفة المناسك وطرق تأديتها. وبعدما أسهبت سلطان عن تجربتها، لاكت ألسن مئات الحجاج الأميركيين قصصاً عدة رووها من منصة خصصت للاحتفال بتجربة الحج بالنسبة للأميركيين، كانوا يمثلون 17 ألف حاج أميركي قدموا هذا العام وغالبيتهم من أصول عربية وآسيوية وقليل منهم كانوا من المسلمين الجدد، رووا مشاهداتهم وتجربتهم أمام الملأ، تعتريهم الدهشة مما رأوا، وينقلون أحاسيس روحانية كانوا في اشتياق لها منذ زمن. إذ إن القنصل العام الأميركي في جدة حضر وحيا وهنأ مواطنيه بالعربية وعبر عن فخره وإعجابه بهم، وقال: «إن الحج هو معلم في طريقهم»، وتحدث عن المطر الذي صادف الحجاج عند الطواف بالكعبة «أنا أعرف أن الإسلام يعتبر نزول المطر بركة من الله». الحاج «ريك شاون» هو أحد المسلمين القدامى من ولاية «أوهايو» الأميركية، ولم تتح له فرصة الحج إلا في هذا العام مصطحباً معه زوجته في رحلة العمر، يقول شاون: «عندما رأيت المسلمين يتوافدون من كل زوايا العالم، يتساوون في وقوفهم أمام الله، ويمشون في بقاع درجت عليها خطى الرسول الكريم، أيقنت أنني على الدين الحق، وأنني كنت على صواب عندما اعتنقت الإسلام ديناً». وعلى موائد الحفلة، لعبت أحاديث الجالسين على أوتار شجون المسلمين الأميركيين وقضاياهم، وكانت كل طاولة بمثابة حلقة نقاش عن أوضاعهم هناك، والطريقة الأمثل للتكاتف والتعاون. وفي جنبات القاعة، يعلو صوت الشيخ حمد الشبلي يهنئ حاجاً ويستقبل ضيفاً، ويشاطر الجميع أحاديثهم باهتمام، الشبلي شيخ الحملة ويعمل مندوباً لرابطة العالم الإسلامي في نيويورك وهو من أصل لبناني، حدثنا عن حجاته المتتالية منذ 30 عاماً، وعن قضايا المسلمين في أميركا، يحاول الشبلي أن يثبت نظريته حول أوضاع المسلمين بقوله: «لا تصدقوا ما ينقله لكم الإعلام الأميركي عنا، فالإسلام والمسلمون بخير وهم مكون مهم في النسيج الأميركي، ربما يواجه البعض صعوبات نعمل بجد على حلحلتها». وعند ذكر الدكتور الراحل محمد عبده يماني، انهمر لسان الشيخ الشبلي بعبارات المديح وذكر مآثر ومناقب الفقيد، وحكى قصةً عن دعمه وتواصله معهم «قبل أشهر التقيت الشيخ يماني وطلبت منه المساعدة بالتبرع لأحد المراكز الإسلامية حديثة الإنشاء التابعة للجمعية الإسلامية في وسط «نيوجيرسي»، ولم تكن إلا أياماً عدة حتى استقبلنا شحنة جوية كانت عبارة عن ألف متر من السجاد الفاخر لمسجد المركز». ويمكن القول إن من كان يقف وراء هذا المشهد وهذه الحملة أحد أشهر منظمي رحلات الحج في أميركا الشمالية منذ 25 عاماً هو الحاج مصطفى أحمد، اصطحب معه 2000 حاج هذا العام من أصول وجنسيات مختلفة، لكن قصته التي يرويها مفتخراً هذا العام هي لسيدة أميركية تعرفت على الإسلام منذ 31 عاماً وربت أبناءها على قراءة القرآن الكريم وزيارة المساجد، لكنها لم تسلم طوال هذه الفترة، حتى رأت في منامها أنها تطوف حول الكعبة فقررت أن تنطق بالشهادتين، وتسارع في اللحاق بركب الحجاج القادمين هذا العام، لتترجم تجربة عاشتها منذ ثلاثة عقود، وحلماً رأته ذات ليلة أحالته واقعاً لا تزال تعيشه الآن في مكة.