اثر تصويت موسكو على قرار مجلس الأمن فرض عقوبات جديدة على ايران، صدرت تصريحات روسية متضاربة قد تكون مدعاة نزاع جديد مع ايران والغرب، على حد سواء. وبحسب البند الثامن من القرار 1929، يحظَّر تزويد ايران المركبات والدبابات والمركبات القتالية المدرعة، والانظمة المدفعية، والطائرات المقاتلة، والطائرات المروحية الهجومية، والسفن الحربية، والصواريخ، والأنظمة الصاروخيّة. وعليه، لا تشير هذه القائمة صراحةً الى نظام دفاع جوي، على رغم أن القرار يدعو الدول الى التحلّي بالمسؤوليّة، وتجنب تزويد إيران بالأسلحة أو أي وسائل قتاليّة أخرى. وعلى رغم أن الايرانيين يصنّعون أنواعاً كثيرة من الأسلحة، في وسع هجمات جوية تدمير العتاد هذا في أيام، على ما حصل في يوغوسلافيا في 1999، وفي العراق في 1991 و2003. ولذا تسعى الولاياتالمتحدة واسرائيل في اقناع روسيا بالتخلي عن بيع إيران نظام «اس 300». فالسيناتور الجمهوري عن ولاية اريزونا، جون كايل، وهو المشهور بمعارضة معاهدة «ستارت 3»، انتقد قرار مجلس الامن الدولي الأخير لأنه لا يحظر بيع إيران «اس 300»، ولا يوقف المشاركة الروسية في بناء محطة بوشهر النووية. ورأت مصادر ديبلوماسية إيرانية أن تقليص التعاون العسكري والتقني بين موسكووطهران غير مستبعد. ولا يقتصر خفض التعاون على نظام «اس 300». فسبق أن اشترت ايران من روسيا طائرات من طراز «ميغ 29» و «سو 24». ودبابات الجيش الايراني روسية الصنع، وهي تحتاج إلى صيانة منتظمة وقطع غيار. ويشير المصدر إلى أن حجم التعاون العسكري التقني العادي (والسنوي) مع روسيا يبلغ نحو بليون دولار. ولا يشمل المبلغ هذا العقود الكبيرة. ويطالب بعض السياسيين الايرانيين بخفض التعاون مع روسيا، ويدعون الى البحث عن شركاء آخرين، والى تطوير الصناعة العسكرية المحليّة. ولا تخفي طهران امتعاضها من موافقة روسيا على إقرار عقوبات جديدة عليها واستياءها من لهجة تصريحات كبار المسؤولين الروس الاخيرة في ملف ايران النووي. ودعا الرئيس الايراني، محمود احمدي نجاد، نظيره الروسي الى «توخي الحذر» وعدم مجاراة سياسة الولاياتالمتحدة. ويوضح أحد المسؤولين الروس أن بلاده تحتكم الى البراغماتية في معالجة المشكلة الايرانية. فحجم التبادل التجاري السنوي بين روسياوإيران، من غير التعاون العسكري التقني، لا يتعدى 3.5 بليون دولار، فيما يبلغ مع الولاياتالمتحدة 20 بليون دولار سنوياً. والصين هي أبرز شركاء ايران التجاريين، بحسب وزارة الاقتصاد والمالية الإيرانيّة، ويبلغ حجم التبادل معها 30 بليون دولار. ويرى خبراء كثر ان روسيا لن تزود إيران منظومة «اس 300»، وأنها تنوي استخدام الصفقة ورقة مساومة مع الغرب. وبعض الدول الغربيّة يبحث في احتمال فرض عقوبات خاصة على ايران. ويرى المسؤولون الروس أنّ روسيا تحتفظ بحقّ الرّد إذا طاولت مثل هذه القرارات أشخاصاً روساً أو شركات روسية. وقبل أعوام، فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات خاصة على الشركة الروسيّة «روس اوبورون اكسبورت»، وشركات أخرى، بذريعة انتهاك قانون مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل الاميركي وسريانه على سورية وايران وكوريا الشمالية. وأغلب الظن أن العقوبات هذه كانت رداً على بيع الروس إيران نظم الدفاع الجوي «تور م1» وإبرام صفقة «اس 300». ورفعت واشنطن هذه العقوبات في أوائل أيار (مايو) الاخير. وهي تلوح بها مجدداً. عن «فريميا» الروسيّة، 11/6/2010، اعداد علي شرف الدين