بعدما علق متأسفاً على حكم قاضٍ بجلد صحافي من صحيفة «الجزيرة» في القصيم، وصل الزميل خلف الحربي إلى نتيجة أن الصحافة هي السلطة الرابعة والأربعون. والحقيقة أنني اختلف مع الزميل العزيز، فمنذ زمن عندما تذكر مقولة «السلطة الرابعة»، أرد أنها «السلطة» بفتح السين واللام. وحينما ارتفع الاهتمام بالسلطة الخضراء لأسباب صحية، وجرى الحث على الإكثار منها من اختصاصيي التغذية، أعدت النظر في تصنيفي للصحافة، حتى لا يفهم أنها سلطة خضراء، والأخيرة اكتشفت قيمتها الغذائية العالية، فأعدت تصنيفها إلى نوع محدد من السلطة، «سلطة الفلاح» المكوّنة من البصل والطماطم. لكن، بعد ارتفاع أسعار الطماطم، كان لا بد من - إعادة التقويم - مثل محفظة الأسهم المنخفضة، صارت الصحافة «سلطة» مكوّنة من البصل لا غير، والبصل مهما تنوّع يحمل الصفات نفسها ويستدر الدموع. صحيح أنه مفيد ومقوٍ للقلب وقاتل للجراثيم والبكتيريا، ودائماً تتم الإشادة بمكوناته المميزة، بل تبرز صوره الملوّنة مع قائمة الخضراوات والورقيات، لكنه عند الأكل «ما يحرص عليه» في العلن على الأقل، فلا يذكر عنه سوى رائحته غير المستحبة، ألا ترون أن صفاته تنطبق على الصحافة؟ يأتي ذكر صفة السلطة الرابعة، خصوصاً في الدول النامية، من قبيل «توسيع صدر» المنتمين لهذه المهنة والمنشغلين بها عن غيرها. ولا يختلف عنه قولهم «بلاط» صاحبة الجلالة، وهي مقولة شائعة عن الصحافة، على اعتبار أن لكل سلطة بلاطاً، لكن بلاط الصحافة من النوع الأسمنتي الرخيص، لمعانه تكشطه عوامل التعرية بسهولة، ليعود إلى أصله الأسمنتي. ولا يستغرب ألا يشفع لصحافي - كما حدث لمحرر صحيفة «الجزيرة» – اهتمامه بشأن من حوله من المواطنين، بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي عنهم، هنا يغيب، خير الناس أنفعهم للناس، والجسد الواحد الذي تتضامن أعضاؤه مع بعضها البعض، فيتم الجلد. والحمد لله أن شركة الكهرباء لم تكلّف بتنفيذ الحكم الذي أصدره القاضي عملاً بمبدأ العين بالعين والتيار بالتيار! نصل من كل هذا إلى نتيجة أن الصحافة ليست سوى سلطة على بلاطة، ولوضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها، أفكر جدياً في إعداد وتقديم برنامج تلفزيوني بعنوان «واجه... البلاطة»! www.asuwayed.com