تحاول السعودية عدم تفويت أي فرصة عالمية في مجال الحفاظ على البيئة والكائنات الحية إلا وتشارك فيها بدور فاعل، سواء أكان عبر إنشاء محميات بحرية أو برية أم عبر إقرار أنظمة داخلية والانضمام إلى اتفاقات دولية تعنى في هذا الشأن. وآخر تلك الجهود انضمام المملكة إلى مذكرتي التفاهم في شأن «حفظ أسماك القرش المهاجرة»، و«المحافظة على الأنواع المهاجرة من الطيور الجارحة في أفريقيا وأوروبا وآسيا». وتنص المذكرة على بنود عدة، أبرزها «المشاركة في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، بحسب مقتضى الحال، لإدارة مصايد الأسماك واتفاقات البحار الإقليمية، والاتفاقات البيئة متعددة الأطراف الأخرى ذات الصلة بالتنوع البيولوجي والتعاون مع هذه الكيانات». وحذرت المنظمة من الإفراط في صيد الأسماك البحرية المهاجرة، فيما أشار الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة إلى أن نصف أنواع أسماك القرش والشفنينيات مهددة بالانقراض، بسبب عوامل، أبرزها الصيد المفرط. وتضم المملكة أكثر من 367 نوعاً من الكائنات الحية، ما بين ثديات وطيور وزواحف وبرمائيات، وتصل أصناف الطيور المهاجرة إلى حوالى 8 آلاف و600 نوع، أما بالنسبة لأنواع الأسماك والكائنات البحرية، فيقارب عددها 2000 نوع تعيش في البحر الأحمر والخليج العربي. إلا أن خبراء ومختصين يحذرون من إمكان انقراض بعضها، نتيجة عوامل مختلفة، مثل الصيد الجائر، وتهريب بعض أنواع الطيور من المملكة وإليها، ومخلفات المصانع التي تعدد أبرز أسباب التلوث البيئي. وسجلت جدة على ساحل البحر الأحمر قبل أشهر نفوق كميات كبيرة من الأسماك، وعزا المجلس البلدي فيها السبب الرئيس إلى التلوث البحري والجوي وحرق الإطارات، إضافة إلى المردم، مشيراً إلى أن هناك أكثر من موقع في المحافظة يعاني من ارتفاع معدلات التلوث، خصوصاً المناطق الصناعية في المدينة. وتعاني «قروش البحر الأحمر» من بيع زعانفها التي تستخدم في بعض المأكولات اليابانية بأسعار مرتفعة، إلا أن وزارة البيئة والمياه والزراعة منعت أخيراً صيدها، في محاولة منها للمحافظة عليها. وأكدت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في جدة أنها تمتلك واحداً من أكبر برامج رصد لهذا النوع من الأسماك في العالم، وذلك بواسطة تثبيت عدد كبير من أجهزة الرصد بالأقمار الاصطناعية على زعانفها، مشيرة إلى أن الصيد الجائر لهذه الأسماك في البحر الأحمر قلل من وجودها بشكل متنوع. ونوهت قيادة حرس الحدود في وقت سابق، إلى وجود عدد من أسماك القرش على امتداد منطقة الكورنيش الشمالي في جدة، وصولاً إلى منطقة المرجان على شاطئ البحر الأحمر، إلا أنها لم ترصد أي حالات هجوم أو اعتداء من أسماك القرش على مرتادي البحر. وعزت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي سبب انقراض أسماك القرش، إلى اصطدام البواخر والمركبات المائية، فضلاً على تعثرها بمعدات الصيد. من جهة أخرى، تعد المملكة معبراً للآلاف من الطيور خلال موسم هجرتها بين القارات الثلاث: أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولسلامتها أهمية بالغة باعتبارها النوع الثاني في قائمة الكائنات الحيوانية الحية بعد الأسماك، وكونها أحد المؤشرات البيئية. أما عن قائمة الطيور المسجلة في السعودية، فتضم حوالى 488 نوعاً مختلفاً من الطيور، لعل من أبرزها: الصقور، والنسور، والعقاب، والغراب، والبوم، والبلبل، والقماري، ونقار الخشب، والحبارى، والنعام، والبجع، والنورس، والهدهد، والوز، والبط، وغيرها من الطيور البرية، إلا أن هناك 15 نوعاً منها مهدد بالخطر عالمياً. وحظرت وزارة البيئة والمياه والزراعة في كانون الثاني (يناير) الماضي استيراد الطيور الحية والبيض من ألمانيا موقتاً، بسبب تحذير المنظمة العالمية للصحة الحيوانية حول ظهور إصابات بمرض أنفلونزا الطيور عالي الضراوة في تلك البلاد، وعليه تم توجيه المحاجر الحيوانية في منافذ المملكة المختلفة وبقية الجهات الحكومية ذات العلاقة باتخاذ اللازم. وفي العام الماضي، أحبطت الجمارك السعودية في منفذ سلوى محاولة تهريب 450 طيراً من نوع الحمام، مخبأة داخل صندوق بعدما تم وضع الأمتعة الشخصية عليها، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك. وفي إطار المحافظة على الكائنات الفطرية ومكافحة الاتجار غير المشروع بها، شاركت السعودية العام الماضي في الاجتماع ال17 لمؤتمر الأطراف في معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض (سايتس)، والذي عقد في مدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، لمناقشة المواضيع المتعلقة في الاتجار الدولي في الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض، ومكافحة الاتجار غير المشروع فيه، والتعديل على بعض قرارات الاتفاق وملاحقه، وإدراج أنواع جديدة.