فيما حاولت نائب وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي حوتوبيللي التقليل من أهمية «اللهجة الجديدة» التي حملها بيان البيت الأبيض باعتباره أن إعلان الحكومة الإسرائيلية بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة «قد لا يفيد في سبيل تحقيق السلام مع الفلسطينيين»، حذرت أوساط سياسية رفيعة من «(الرئيس دونالد) ترامب غير المتوَقع»، واعتبرت البيان «إشارة تحذير» للحكومة الإسرائيلية بأن «لا تتمادى أو تشد الحبل أكثر من اللزوم». واتفق مراقبون على أن اللقاء المرتقب منتصف الشهر الجاري بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، سيحسم هذا الموضوع. وجاء في بيان الإدارة الأميركية أنه «على رغم عدم اعتقادنا بأن وجود المستوطنات عقبة أمام السلام، الا أن بناء مستوطنات جديدة أو توسيع المستوطنات القائمة خارج حدودها الحالية قد لا يكون مفيداً في سبيل تحقيق هذا الهدف». وأوردت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن مسؤولاً كبيراً في البيت الأبيض قال كلاماً أكثر وضوحاً خلال إيجازه لصحافيين، إذ اعتبر الإعلان الإسرائيلي الأخير عن بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة «إعلاناً أحادياً يمس بجهود الرئيس الأميركي لتحقيق السلام»، فيما الإدارة الأميركية تدعو الطرفين إلى تجنب القيام «بخطوات أحادية الجانب من شأنها أن تمس بقدرات واشنطن على الدفع بالعملية السياسية». وبينما لم يعقب مكتب رئيس الحكومة وزير الخارجية بنيامين نتانياهو على البيان، قرأت نائب وزيرة الخارجية تسيبي حوتوبيللي بياناً لوسائل الإعلام قالت فيه إن «الحكومة الحالية انتُخبت كي تبني في جميع أجزاء أرض إسرائيل. واضح أن إدارة الرئيس ترامب، بحسب بيان البيت الأبيض، لا ترى في المستوطنات عقبة أمام السلام، وعليه فإن مواصلة البناء لا تمس بعملية السلام». وأضافت: «ما يعرقل عملية السلام هو الرفض العنيد للفلسطينيين في السنوات ال25 الأخيرة للتوصل إلى سلام مع إسرائيل ورفض جميع الاقتراحات، وعليه فالمطلوب الآن بالذات عشية سفر رئيس الحكومة إلى واشنطن للقاء المهم مع الرئيس ترامب، الشروع في التفكير من جديد بحلول إقليمية لا تبقي إسرائيل رهينة بيد الفلسطينيين». من جهته أيضاً، قال سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة داني دانون للإذاعة العامة أمس، إن من السابق لأوانه القول إن البيان يعتبر «تحولاً من الإدارة الأميركية، لكن من الواضح أن القضية ستطرح للنقاش عندما يلتقي نتانياهو مع الرئيس ترامب»، متوقعاً التفاهم على المسائل المختلفة. وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية النائب آفي ديختر، إن بيان البيت الأبيض «هو قول جديد بالنسبة إلى إسرائيل، إذ إنه سيتيح للمستوطنين في الضفة الغربية حياة طبيعية أسوةً باليهود في حدود إسرائيل». ونقلت الإذاعة العامة عن أوساط سياسية تحذيرها من أن تقوم إسرائيل ب «شد الحبل أكثر من اللزوم» مع ترامب وإدارته، مستذكرةً أن «ترامب رجل غير متوقع»، ويجدر بإسرائيل انتظار اللقاء المرتقب بين الرئيس ونتانياهو للاطلاع على المواقف الأميركية عن كثب. كما استذكرت «تراجع» الرئيس عن حماسته لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وتصريحه الأسبوع الماضي بأن الموضوع سيبحث لاحقاً. ولفت المعلق السياسي في «هآرتس» باراك دافيد إلى أن بيان البيت الأبيض يأتي بلغة مغايرة عن بيانات إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، لكنه مع ذلك «صيغ بأكف من حرير وديبلوماسية وأدب، لكن السطر الأخير واضح للغاية، ويقول إنه بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، وابتداء من يوم أمس، فإن «حكومة إسرائيل تقع أيضاً تحت التحذير». ورأى المعلق أن ترامب يسير في الطريق التي انتهجها الرئيس السابق جورج بوش الابن الذي رأى أن الهدف الرئيس من اتفاق سلام فلسطيني– إسرائيلي هو حل الدولتين، و «عليه، فاستمرار البناء في المستوطنات لا يساعد في تحقيق هذا الهدف، والبناء المسموح به هو فقط في التكتلات الاستيطانية الكبرى المفترض أن تبقى داخل حدود إسرائيل في أي اتفاق في المستقبل». وتوقع المعلق أن يكون وزير الخارجية ريكس تيليرسون الجديد تناول الموضوع مع نتانياهو خلال محادثتهما الهاتفية أول من أمس، مضيفاً أن الوزير الجديد سيعيد للخارجية الأميركية دورها الرئيس والحاسم في تحريك العملية السلمية، وسيعالج الملف كصفحة جديدة. واختتم بأنه لا يعتقد أن هناك ديبلوماسياً أميركياً واحداً يدعم البناء في المستوطنات، أو نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو ضم الضفة الغربيةالمحتلة إلى السيادة الإسرائيلية.