ينتظر رئيسَ الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو عامٌ جديدٌ صعب سيكون عليه خلاله مواجهة العزلة الدولية المتنامية التي يتوقع أن يكرّسها مؤتمر باريس للسلام الذي يسبق تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، كما سيكون عليه الدفاع عن نفسه إزاء شبهات بالفساد المالي بعدما تقرر فتح تحقيق جنائي علني معه في ملفيْن من ستة ملفات تتضمن شبهات بالفساد. وما زالت أصداء قرار مجلس الأمن ضد الاستيطان وخطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن تصور إدارته لسلام مبني على حل الدولتين من دون استيطان، تتردد في إسرائيل، التي بدأت تستعد لخطوات ثأرية بهدف إبطال مفاعيله، ومنها إعلان زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، وزير التعليم نفتالي بينيت أمس، أنه سيطرح قريباً أمام الكنيست مشروعاً لفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات الكبرى، بدءاً بضم مستوطنة «معاليه أدوميم» أولاً، ثم منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في ما تبقى من الضفة الغربية. وقال بينيت للإذاعة الإسرائيلية أمس، إنه سيطرح قريباً على الكنيست مشروع قانون «معاليه أدوميم أولاً»، أي ضم المستوطنة المقامة على أراضي قرية أبو ديس شرق القدسالمحتلة في الطريق إلى أريحا، رسمياً إلى السيادة الإسرائيلية «تمهيداً لضم جميع الأراضي الإسرائيلية (المستوطنات) في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية. ورأى أن مشروعه يأتي ليؤكد أن «الحكومة القومية الحالية» ترى أن لا مكان لدولة فلسطينية في الضفة والقدس، «إذ إن هذه الدولة موجودة الآن في قطاع غزة الذي يديره نظام محلي، وله حدود واضحة... سنضم الأراضي الإسرائيلية في الضفة، ونمنح حكماً ذاتياً للأراضي الفلسطينية». وجاءت أقوال بينيت هذه تعقيباً على نتائج استطلاع للرأي نشرته الإذاعة، وأفادت بأن 39 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة كلها إلى السيادة الإسرائيلية، على أن تكون دولة واحدة بين البحر المتوسط ونهر الأردن. في هذه الأثناء، كان لافتاً النقد الذي وجهته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لخطاب كيري، إذ قال الناطق باسمها: «لا نعتقد... أن طريقة التفاوض من أجل السلام هي التركيز على قضية واحدة فقط (الاستيطان)... ولا نعتقد أن من الملائم مهاجمة تشكيلة حكومة منتخبة ديموقراطياً لحليف». وكان كيري قال الأربعاء إن بناء المستوطنات يعرّض عملية السلام في الشرق الأوسط للخطر، ووصف حكومة نتانياهو بأنها «الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل». على صعيد آخر يتعلق بشبهات الفساد، كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن وحدة التحقيقات في الشرطة ستزور منزل نتانياهو الأسبوع المقبل بعدما تتلقى رسمياً الضوء الأخضر لذلك من المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت «الذي اقتنع بأنه ينبغي الانتقال من الفحص إلى التحقيق الجنائي العلني» مع رئيس الحكومة في ملفيْن من ستة ملفات فحصتها الشرطة في الأشهر الأخيرة في شأن شبهات فساد مالي. وتشتبه الشرطة في أن نتانياهو حصل على «هدايا ومنافع مالية كبيرة» من رجليْ أعمال، وضلوعه وأفراد من عائلته (أحد ولديه وربما زوجته) بقضية فساد مالي. وأصدر نتانياهو بياناً أمس قال فيه إن «ما يبدو أنه ملفات وما نشر في الأيام الأخيرة سيتضح سريعاً أنه مجرد هراء... قلنا ونكرر... لن يكون شيء لأنه لم يكن هناك شيء». ورأى المعلق في الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» يوسي فيرطر، أن التطورات السياسية والتحقيق بشبهات الفساد «دلالات انهيار (حكم) نتانياهو»، مضيفاً أنه على رغم تفاؤل نتانياهو بقدوم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إلا أن الأخير «لن يخلّصه من الوحل الجنائي»، فضلاً عن أن ترامب «شخصية إشكالية غير متزنة ومتقلبة المزاج».