95 دقيقة كانت كافية ليتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن انتقاده المشاركين في مسيرات نسائية ضخمة، اعتُبرت سابقة في الولاياتالمتحدة والعالم، احتجاجاً على تنصيبه. لكن «حرباً» تشنّها إدارته على وسائل الإعلام استعرت أمس، إذ اتهمتها بمحاولة «نزع الشرعية» عن عهده، متعهدةً أن تواجه «هجماتها بضراوة». (للمزيد) ورأى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن انتخاب ترامب «طوى نهائياً صفحة العالم القديم للقرن العشرين»، مرجّحاً «حقبة مضطربة»، فيما حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف مواطنيه من «وهم» رفعٍ قريب للعقوبات الغربية المفروضة على بلاده. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يتطلّع إلى معرفة «موقف ترامب من الشرق الأوسط المشتعل»، فيما توعدته حركة «طالبان» ب «هزيمة تاريخية مخزية»، إذا لم يسحب القوات الأميركية من أفغانستان. وكانت الولاياتالمتحدة استعادت أجواء حركات الاحتجاج المناهضة لحرب فيتنام، والمدافعة عن الحقوق المدنية، بعدما سجّلت التظاهرات النسائية المناهضة لترامب السبت، حشوداً ضخمة فاقت التوقعات. وأعلن منظمو المسيرات أنها جذبت حوالى 5 ملايين شخص في العالم، بينهم مليون محتج في واشنطن، شلّوا لساعات الحركة وسط العاصمة قرب البيت الأبيض، وفي متنزّه مؤدٍ إلى مبنى الكابيتول. وبدا أن مسيرة واشنطن جذبت حشوداً أكثر من المشاركين في احتفال تنصيب ترامب رئيساً الجمعة الماضي، علماً أن لا أرقام رسمية تؤكد ذلك. لكن الرئيس الأميركي سخر من المتظاهرين، إذ كتب على موقع «تويتر» الساعة السابعة والدقيقة 51 صباحاً: «شاهدت احتجاجات أمس، ولكن أعتقد بأننا نظمنا انتخابات! لماذا لم يصوّت هؤلاء؟ المشاهير يلحقون أضراراً كبرى بالقضية». واستدرك عند الساعة التاسعة والدقيقة 26، إذ كتب في لهجة تصالحية على «تويتر»: «الاحتجاجات السلمية من سمات ديموقراطيتنا. ولو لم أوافق عليها دوماً، أُقرّ بحق الناس في التعبير عن آرائهم». وكان ترامب اغتنم زيارته مقرّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) السبت، ليشنّ حملة عنيفة على وسائل الإعلام، إذ اتهمها بالتقليل من حجم المشاركين في احتفال تنصيبه، معتبراً أن الصحافيين هم بين «الأشخاص الأقل نزاهة في العالم». وتوعد شون سبايسر، الناطق باسم ترامب، ب «محاسبة الصحافة»، منتقداً محاولات «مخجلة وخاطئة لتقليل الاهتمام باحتفال التنصيب»، ومؤكداً أن «عدد المشاركين فيه كان الأضخم في تاريخ الولاياتالمتحدة». وكرّر رينس بريبوس، أبرز موظفي البيت الأبيض، انتقادات ترامب لوسائل الإعلام في هذا الصدد، وزاد: «المسألة ليست في حجم الحشد، بل في هجماتٍ وهوس الإعلام بمحاولة نزع الشرعية عن الرئيس في اليوم الأول (لتسلّمه الحكم). لن نجلس مكتوفي الأيدي ونقبل بذلك. سنقاتل بضراوة يومياً». لكن كيليان كونواي، وهي مساعدة بارزة لترامب، قلّلت من أهمية حجم الحشد خلال احتفال التنصيب، مرجّحة أن تكون توقعات بهطول المطر كبحت مشاركة أنصار الرئيس الأميركي، وتابعت: «أعتقد بأن الحكم على الرؤساء في نهاية المطاف لن يستند إلى أحجام الحشود خلال تنصيبهم، بل إلى إنجازاتهم». وأعلنت كونواي أن ترامب لن يكشف حساباته الضريبية، ما يشكّل كسراً لتقليد في الشفافية مستمرّ منذ عام 1976. واعتبرت أن الشعب «لم يهتم بذلك» خلال الحملة الانتخابية. إلى ذلك، أعلن أردوغان أنه مهتم بمعرفة «ماذا سيكون موقف ترامب من الشرق الأوسط المشتعل الآن»، مضيفاً: «تصلنا الآن تصريحات مزعجة متعلّقة بالشرق الأوسط، لذلك يجب أن نجلس ونقوّم كل ذلك» حين يلتقي نظيره الأميركي. واعتبر أن تركيا «أقوى دولة» في المنطقة، و «وسيط»، محذراً من «اتخاذ دولٍ لا علاقة لها بالمنطقة، قرارات تتعلّق بها». ووصفت «طالبان» ترامب بأنه «لغز بالنسبة إلى الأميركيين وبلايين من الناس»، معربة عن أملٍ ب «ألا يواصل البليونير الأبيض الخطوات الشريرة وغير الحكيمة لسلفه (باراك) أوباما الأسود». ونبّهت إلى أن ترامب «سيغرق عميقاً في مستنقع اسمه أفغانستان، من دون أن يتمكّن من الخروج منه»، وزادت: «أميركا لم تخض في تاريخها حرباً طويلة وشرسة كهذه، ولكن إذا تمسّكت بسياساتها المتعالية، ينتظرها دمار شامل وهزيمة تاريخية مخزية». إلى ذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن نيك شابيرو، نائب جون برينان، مدير «سي آي إي» المنتهية ولايته، قوله إن الأخير «يشعر بحزن كبير وغضب، لترويج ترامب لنفسه» أمام النصب التذكاري لأبطال الوكالة. وأضاف «يرى برينان أن على ترامب أن يخجل».