افتتح في الدوحة أمس، مؤتمر وزراء الثقافة العرب المعقود لمدة يومين، لمناقشة شؤون ثقافية مشتركة. وفي هذا الإطار، أعيد طرح دعوة لعقد قمّة ثقافية عربية سبق أن أطلقها الأمير خالد الفيصل رئيس «مؤسسة الفكر العربي». وقد استمع الوزراء الى كلمة الأمير خالد في هذا الموضوع، وألقاها بالنيابة عنه الأمين العام للمؤسسة الدكتور سليمان عبدالمنعم. ومما جاء في الكلمة: «أشكر لكم الدعوة للحديث أمام جمعكم المرموق بصفتي رئيساً لمؤسسة الفكر العربي، التي انطلقت منذ 10 سنوات في إطار اقتناعنا بالمسؤولية الاجتماعية والقومية لرأس المال فإنني أودّ تأكيد أولويتين: الأولى هي ضرورة تكريس جهودنا لإعلاء شأن الثقافة، والفكر، والمعرفة، والإبداع في وطننا العربي. إنّ هذه المنظومة، فضلاً عن قيمتها الحضارية تمثّل في الوقت ذاته أسس البنية التحتية لعملية التنمية البشرية المستدامة في كلّ جوانبها وأبعادها. أما الأولوية الثانية فهي أهمية السعي المخلص الدؤوب لتحقيق التضامن الثقافي العربي الذي اعتبرناه أحد أهم أهداف مؤسسة الفكر العربي منذ بداية انطلاقها. ولعلكم تشاطرونني الرأي في أنّ هذا التضامن الذي هو بالضرورة أساس كل تضامن عربي آخر، يتطلب دعم العمل الثقافي العربي المشترك الذي يوجب بدوره حشد الجهود وتكامل الأدوار بين المؤسسات الثقافية الرسمية والمجتمع الأهلي والقطاع الخاص. في إطار السعي لتحقيق هاتين الأولويتين كنّا أطلقنا في أول تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي الدعوة لعقد قمة ثقافية عربية في حضور جمع من المفكرين والمثقفين العرب في أحد مؤتمرات مؤسسة الفكر العربي في بيروت. وقد أسعدني تجاوب السيد أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى مع دعوتنا، فعقد في كانون الثاني (يناير) من هذا العام لقاء تشاوري في دار الجامعة في القاهرة بدعوة كريمة من السيد أمين عام الجامعة ودار نقاش حرّ ومطوّل مع عدد من المفكرين والمثقفين العرب. وقد انتهى هذا اللقاء بتكليف مؤسسة الفكر العربي والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (أليكسو) بمهمة تنظيم لقاءات تحضيرية للقمة الثقافية العربية المرتقبة. وكان لمؤسّسة الفكر العربي شرف تنظيم اللقاء التحضيري الأول في بيروت في تموز (يوليو) الماضي، بالتنسيق مع (أليكسو) تحت مظلة الجامعة العربية. وقد شارك في هذا اللقاء نحو 150 مثقفاً من 18 دولة عربية. وسبق اللقاء استطلاع رأي لحوالى 350 من المفكرين والمبدعين والمثقفين العرب، أجرته المؤسسة حول أولويات الثقافة العربية وقضايا العمل الثقافي العربي المشترك التي يودون مناقشتها في اللقاء التحضيري تمهيداً لاقتراح طرحها حال التوافق عليها على أجندة القمة الثقافية المرتقبة. ودعوت في الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء إلى ضرورة وضع قضية اللّغة العربية على رأس أولوياتنا الثقافية في العقدين المقبلين، كما دعوت أيضاً لإنشاء صندوق للتمويل الثقافي العربي. وانتهى هذا اللقاء التحضيري الناجح بكل المقاييس إلى إصدار وثيقة اختتامية تتضمن عدداً من التوصيات والرؤى حول أولويات العمل الثقافي العربي المشترك والقضايا الملحّة للثقافة العربية التي خلص إليها المشاركون في اللقاء التحضيري. وإذ أدعو أن تكلّل أعمال مؤتمركم بالتوفيق يسعدني أن أضع قدرات وإمكانيات مؤسسة الفكر العربي تحت تصرفكم لتكون مع كلّ جهد عربي آخر عنصراً معزّزاً، على طريق التحضير للقمة الثقافية العربية ولكل مبادرة تطلقونها لدعم العمل الثقافي العربي المشترك. وفي هذه المناسبة يسعدنا أن نضع بين أيديكم نتائج أكبر عمل بحثي وميداني حول واقع اللّغة العربية من خلال أضخم مجموعة استطلاعات للرأي تجريها مؤسسة الفكر العربي في عشر دول عربية للتعرف إلى جوانب أزمة اللّغة العربية في المؤسسات التعليمية والإعلامية وفي حقول الإبداع والبحث اللغوي، وفي أوساط الشباب.