أطلق أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي تحقيقاً في عمليات التجسس الروسية، مؤكدين أن تقارير الاستخبارات حول تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية، واحتمال وجود علاقات لها مع أطراف أميركيين «يثير قلقاً عميقاً». والتحقيق الذي يدعمه «الديموقراطيون» و«الجمهوريون»، قد يقضي بمثول مسؤولين في إدارة باراك أوباما المنتهية ولايتها والإدارة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، للإدلاء بشهاداتهم. وتقول وكالات الاستخبارات الأميركية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر أوامر بعمليات قرصنة وحملات نشر أخبار كاذبة للتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية سعياً إلى دعم حظوظ ترامب في الفوز والإضرار بمنافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون. ويفيد تقرير لمدير الاستخبارات الوطنية كشف مطلع الشهر بأن روسيا لجأت إلى قرصنة كمبيوترات وحسابات «الحزب الديموقراطي» لنشر معلومات محرجة عن كلينتون، وأطلقت حملة إعلامية لتحقيق الهدف نفسه. لكن تساؤلات أحاطت بنشر التقرير الذي لم يعط سوى أدلة ضعيفة لدعم استخلاصاته. في الوقت نفسه، كشف هذا الأسبوع عن تقرير أعده عميل سابق في أجهزة الاستخبارات البريطانية الخارجية (أم آي 6) من دون دعمه بأدلة، يفيد عن وجود روابط وثيقة بين حملة ترامب والحكومة الروسية، مضيفاً أن لموسكو أشرطة فيديو فاضحة له مع مومسات أثناء زيارات إلى موسكو. وقالت لجنة مجلس الشيوخ أمس (الجمعة) إن «من الأهمية بمكان معرفة هدف أنشطة الاستخبارات الروسية للتأثير على الولاياتالمتحدة». وترامب الذي سيتولى مهامه خلال أسبوع، أنكر مراراً معلومات مفادها أن موسكو ساهمت في فوزه في الانتخابات. وشبّه عمل أجهزة الاستخبارات الأميركية بأساليب «ألمانيا النازية»، متهماً الوكالات بالوقوف خلف تسريب التقارير للإعلام من أجل تقويض موقعه. وقالت اللجنة إن التحقيق سيدرس تقييم الأوساط الاستخباراتية وتحليلات أخرى «بما في ذلك أي معلومات استخباراتية تتعلق بصلات بين روسيا وأشخاص مرتبطين بحملات سياسية». وهذا يعني أنه قد تتم أيضاً مراجعة تقرير العميل البريطاني السابق. وأضافت اللجنة أنها ستنجز عملها بعيداً من الأضواء لحماية المعلومات السرية مشددة على أنها «ستصحح الوضع». وفي ضوء الادعاءات المتعلقة بالقرصنة، باتت علاقات ترامب الوثيقة مع روسيا وخصوصاً مع الرئيس بوتين تخضع لتدقيق أكبر. وترامب الذي رأى وجود فرصة للتعاون مع موسكو في محاربة المجموعات المتطرفة مثل تنظيم «الدولة الإسلامية»، عبّر مراراً عن إعجابه ببوتين وقبل على مضض باستنتاجات الاستخبارات الأميركية بأن قراصنة روس يتحركون بقرار من بوتين تدخلوا في الانتخابات الرئاسية. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن مستشار ترامب الجديد للأمن القومي مايكل فلين، اتصل مراراً بالسفير الروسي لدى واشنطن سيرغي كيسلياك قبل يوم من كشف أوباما عن تدابير عقابية ضد موسكو لأعمال القرصنة التي نفذتها للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقال الناطق المقبل باسم البيت الأبيض شون سبايسر إن فلين تحادث في الواقع مع السفير يوم عيد الميلاد وبعث له رسالة نصية تمنى له فيها عيد ميلاد سعيداً وعاماً مجيداً. وأضاف سبايسر أن فلين كتب للسفير «اتطلع لتعاوننا معاً مستقبلاً وأتمنى لكم التوفيق»، مشيراً إلى أن السفير رد متمنياً له أعياداً مجيدة. وفي 28 كانون الأول (ديسمبر) تحادث المسؤولان هاتفياً عن «طريقة إجراء اتصال بين الرئيس الروسي والرئيس المنتخب بعد تنصيبه وتبادلا المعلومات عن كيفية القيام بهذه المكالمة الهاتفية». وتابع «هذا ببساطة كل ما في الأمر». وفي حديث لصحيفة «وول ستريت جورنال» ألمح ترامب إلى إمكان إلغاء إجراءات أوباما العقابية ضد موسكو، مؤكداً استعداده للقاء بوتين بعد توليه منصبه في 20 كانون الثاني (يناير). وفي موقف آخر، انتقد بشدة تسريبات لتقارير لا تستند إلى أدلة تفيد أن روسيا تعمل على جمع معلومات مالية وشخصية محرجة عنه، واصفاً إياها بأنها «من تلفيق شخصيات سياسية حقيرة». ووعد بإجراء «تحقيق شامل» في مزاعم حصول عمليات قرصنة خلال 90 يوماً. وفي الجولة الأولى من جلسات الاستماع لإعضاء فريق ترامب التي انتهت أمس قبل أسبوع من وصوله إلى البيت الأبيض، اتخذ العديد منهم مواقف مناقضة له تماماً. لكن ترامب نفى أن يكون هناك تباع في المواقف. وخلافاً لموقف ترامب الذي يسعى إلى التقارب من موسكو، هاجم ريكس تيلرسون رئيس مجلس الإدارة السابق لمجموعة «إكسون موبيل» الذي اختاره الرئيس المنتخب لتولي حقيبة الخارجية، روسيا بشدة، وهو ما قام به أيضاً جيمس ماتيس الضابط السابق في سلاح مشاة البحرية الأميركية الذي اختير لرئاسة «البنتاغون». وأكدا أن روسيا تطرح «تهديداً» على أوروبا و«تسعى إلى إضعاف حلف شمال الأطلسي».