ما يزال السجال قائماً في قضية مبنى نادي جدة الأدبي الذي يقيم فيه فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، وإذا كان هناك متعاطفون مع الجمعية ويرون أن النادي كان متعسفاً في موقفه، من خلال إصراره على مغادرة الجمعية من مبناه أو دفع الإيجار، فهناك طرف آخر، وهو الغالب من مسؤولي النادي سابقاً، ويرون أن الجمعية ليس لها الحق في المبنى، ويذهبون إلى أن الرئيس السابق الدكتور عبدالمحسن القحطاني هو من أوجد هذه المشكلة. أمير سر نادي جدة الأدبي سابقاً والعضو المؤسس فيه الكاتب محمد علي قدس، يرد في حديث إلى «الحياة» على ما يعتبره «ادعاءات» بحق الجمعية البقاء في مبنى النادي الأدبي القديم. وقال: «لا أظن أنني بحاجة إلى أن أتناول الحوار الذي يدور حول أحقية وجود فرع جمعية الثقافة والفنون في مبنى النادي القديم، باعتبار أن المبنى لأدباء وفناني محافظة جدة، فذلك جدال لا جدوى منه، والذين يتحججون بأن الأرض أرض الأمانة وهي ليست ملكاً للنادي، الرد هنا كيف إذن تحصل النادي من الأمانة على تصريح البناء عليها قبل ما يقارب ال30 عاماً». ويضيف أن الكثير ممن يخوض في هذا الموضوع ليست لديهم الخلفية الكاملة «عن حصول النادي على الأرض، ولا كيف جمعت التبرعات لبناء المبنى، وهناك شهود على قصة هذا البناء وما واجهناه من صعوبات وعقبات عند تشييده، ما زال البعض منهم على قيد الحياة، أولهم أمين جدة الأسبق المهندس محمد سعيد فارسي، الذي يعود له الفضل بعد الله في إقامة هذا المبنى، وأستاذنا عبدالفتاح أبومين رئيس النادي السابق، الدكتور عبدالله دحلان الأمين العام لغرفة تجارة جدة في ذلك الوقت، والدكتور عبدالله مناع والعبد لله أمين سر النادي السابق». وأوضح قدس أن حجة المتعاطفين مع الجمعية التي يدافعون بها ويجهلون الخلفيات، «مرفوضة ولا معنى لها، لأنه لم يكن بين الذين شاركوا في الاجتماعات والسعي بين الأمانة والغرفة التجارية ومختلف الجهات الرسمية ذات العلاقة، من كان يمثل الفنانين، وكان على رأس العمل في الجمعية في ذلك الوقت الفنانون غازي علي، سراج عمر، الدكتور عبدالحليم رضوي، حمدن صدقة، ومحمد رجب، حتى يدعي من يدعي أن المبنى منح لأدباء وفناني جدة». ويمضي قائلاً: «القضية الآن، وأنا ليس لي أي خلافات مع المسؤولين في الجمعية، بدءاً من مديرها العام سلطان البازعي، ولا مدير فرع الجمعية في جدة الفنان عمر الجاسر وهو صديق لي، ولست في موقع من يطالب بحق خاص لي، بل هو حق لكيان نادي جدة الأدبي، الذي شهد هذا تاريخاً حافلاً بالنشاطات، في فترة هي الأكثر تأثيراً وفعالية، حيث ساهم النادي في الحراك الثقافي والأدبي واشتعلت على منبره حوار الحداثة المثير. العتاب هنا أن هناك اتفاقاً تم بين مجلس إدارة النادي السابقة والجمعية، وكان تسلم إدارة الجمعية الأديب عبدالله التعزي الذي كان عضواً في مجلس الإدارة السابقة لمدة محدودة، ولم يكن من حق المجلس ولا غيره منحه منحة لأي جهة أخرى. وإذا كان لا بد من التمديد أن يتم وفق اتفاق ووفق شروط وعلى أقل تقدير فلا بد أن يكون هناك تنسيق بين الجمعية والنادي، وبينهما علاقة مصالح متبادلة وتعاون مشترك». في حين قال الدكتور الشاعر يوسف العارف ل«الحياة» إن القضية تتعلق بجانبين، «جانب الجمعية وجانب النادي»، مقترحاً على مجلس إدارة النادي أن ينظر للأمر ويعتبره قضية ثقافية، «فكل ما تقوم به الجمعية لا يخرج عما تقوم به الأندية الأدبية، وهذا دليل التعاون، واستشارة أعضاء الجمعية العمومية في هذا الأمر، لا سيما وأن مجلس الإدارة السابق حريص على موقع النادي وكل مكوناته، فقد منح الجمعية هذا المبنى منذ خمس سنوات، وبإمكان المجلس الحالي تمديد الفترة لحين انتقال الجمعية لمبنى جديد». وأوضح أن على الجمعية «البدء في البحث عن مقر جديد، لا سيما - كما سمعت - وأن مستشار الملك سلمان أمير منطقة مكةالمكرمة أهداهم أرضاً في المطار القديم، إضافة إلى وعد المستشار أحمد باديب بإيجاد البديل»، مشيراً إلى أن الجمعية «في حاجة إلى جهود ذاتية للتحرك وإيجاد البديل والتوجه إلى رجال الأعمال ومخاطبتهم والبحث عن ممول لإنشاء مبنى للجمعية، وبإمكانهم في نهاية الأمر استغلال الجزء الشمالي من أدبي جدة وبناء مبنى خاص بالجمعية فيه». وقال عضو الجمعية العمومية في نادي جدة الباحث مشعل الحارثي، إنه يربأ بأعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي أن يتخذوا موقفاً متشدداً تجاه الجمعية، «وهم من نعتبرهم بيت الثقافة والأدب ومرجعيته، وألا يكون موقفهم موقفاً عدائياً من الجمعية ومن ينتسب إليها أو يستفيد مما تقدمه من أنشطة، خصوصاً بعد أن وفقت الجمعية في سنواتها الأخيرة بقيادي مثل عمر الجاسر، وهو الشخصية العاملة النشطة المنجزة الذي لمس كل منصف ومتابع ما أنجزه خلال هذه الفترة القصيرة منذ توليه إدارتها، من مناشط وفعاليات مستمرة ولا تكاد تنقطع، دافعه وزملاؤه من وراء ذلك كله هو الحب والولاء والعشق، على رغم أنهم يعملون من دون موازنة مالية»، مضيفاً أن النادي لا يشتكي من ضيق وعدم اتساع في مبناه، «بل إن أجزاء كبيرة منه غير مستغلة، وأنا على ثقة تامة بأن النادي لو عرض الأمر على أعضاء الجمعية العمومية لوقفوا جميعاً إلى جانب الجمعية ومنحوهم نظرة إلى ميسرة، حتى ينشطوا في إيجاد المكان المناسب لهم».