دعا المشاركون في المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي نظمته الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة، إلى إنشاء مراكز رعاية أولية للمعالجة الفكرية في كل مدينة، تهتم بتقديم الاستشارات الفكرية للأسرة، وتقديم برامج عملية فكرية وقائية ضد الغلو والأفكار المنحرفة. وأشاد المشاركون في المؤتمر الذي اختتم أعماله أمس، بالمعالجة الحكيمة التي تضمنها الأمر السامي الكريم الذي صدر أخيراً، وبيان وزارة الداخلية المبني عليه، والذي تناول الإرهاب ومكافحة كل ما يستهدفه من إخلال بمنهج البلاد الشرعي ونظام الدولة ووحدتها وأمنها واستقرارها أو إلحاق الضرر بمكانتها عربياً، وإسلامياً، ودولياً، أو بعلاقتها مع الدول الأخرى، كما أشادوا بتجربة السعودية في المعالجة الفكرية للإرهاب وبرامج الوقاية والمناصحة والرعاية التي تقوم بها الوزارات والجامعات. ودعا المؤتمرون مؤسساتِ الدول العربية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني فيها بالعمل على إنشاء مراكز تتولى وضع برامج مدروسة لإعادة تأهيل المنحرفين والجناة الذين يخرجون من السجون بعد قضاء محكوميتهم، تقوم على تحقيق الرعاية الفكرية، الصحية، والاجتماعية لإشعارهم بالاستقرار والسلام النفسي وإكسابهم الخبرة في ما يحسنون من المهن وإشباع حاجتهم المالية ومتابعتهم بالتوجيه والنصح. وأوصى المؤتمر بإنشاء معهد أو مؤسسة أو مركز يُعنى بجمع الحلول الإبداعية المقدمة من المهتمين كافة بمحاربة فكر التطرف، وتحويل هذه الحلول إلى برامج عملية للتطبيق، واقتراح الموازنات والدعم المالي والتقني والجهات التي تقوم بذلك. واقترح المؤتمر على وزارات التربية والتعليم العالي أن تحدث المفردات والكتب والمقررات وربطها بمتطلبات التنمية وسوق العمل وغرس حب العمل في نفوس الطلاب، وتنمية روح المبادرة والإبداع فيهم، لما في ذلك من حد للبطالة ومن آثار إيجابية في إرساء الأمن ومكافحة الإرهاب. ورأى المؤتمر أن يُعاد النظر من المسؤولين عن التعليم العام في العالم العربي والإسلامي في أهداف ومناهج تدريس المواد الدينية والتاريخية في مراحل التعليم المختلفة. وناشد المؤتمرون وزارات الثقافة والإعلام تفعيل البرامج الثقافية والإعلامية في مجالات تأهيل الأسرة بتكثيف توعيتها باستعمال الحكمة في التوجيه والإرشاد، والإقناع والتأثير بالقول والعمل بما يتناسب مع روح العصر، كما ناشدوا المسؤولين عن القنوات الفضائية في العالم العربي والإسلامي بوضع سياسة إعلامية بمشاركة لجان خبرة من أهل الشريعة والإعلام لتبني الأعمال الإعلامية الجادة التي تتناول المعالجة الفكرية للإرهاب والإنفاق عليها وتمويلها وإنتاجها وتوزيعها لإيصالها إلى شريحة عريضة من فئات المجتمع. وحث المؤتمر الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة في الدول العربية والإسلامية على أن تعنى بإعداد برامج تنموية واجتماعية واقتصادية ومشاريع مستمرة شاملة لذوي الدخل المحدود لتأمين فرص عمل لهم، أو توفير قروض صغيرة ميسرة، لسد الطريق أمام استغلال المتطرفين الذين يستهدفونهم لحاجتهم المادية في أعمالهم الإرهابية. وأوصى أن تُكوِّن وزارات الثقافة والإعلام - في كل الدول العربية والإسلامية - لجنة علمية فيها، لمتابعة ما ينشر في الصحف والمجلات وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية من مقالات وأبحاث ودراسات ونقاشات مؤيدة للإرهاب ومخالفة للنهج الوسطي المعتدل، داعياً أن تستكتب وزارات الثقافة والإعلام الباحثين المشتغلين في مجال الدعوة والإعلام في جميع أنحاء العالم لإعداد دراسات وبحوث علمية مؤصلة تبرز الآثار السلبية للبرامج واللقاءات والأحاديث التلفازية السيئة التي تبث من القنوات الفضائية المختلفة في الوقت الحاضر وتحدث ثلمة في الثوابت الشرعية لدى الشباب، وتؤثر في فكرهم وأخلاقهم وسلوكهم وتفرخ فيهم الإرهاب، وأن يتم التعاون بين الوزارات المعنية والجمعيات والمراكز الإسلامية المختصة في دعم هذه الكتابات بالنشر والتوزيع بين فئات المجتمع المختلفة. وأكد المؤتمر أهمية مراجعة جميع توصيات المؤتمرات والندوات السابقة المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والإفادة منها وترجمتها إلى مختلف اللغات ومتابعة تفعيلها، ويقترح إنشاء أمانة عامة لهذه المؤتمرات في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة تتولى القيام بذلك.