جاهرت أصوات في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بطلب عودة الرئيس عبدالله غول إلى الحزب، بعدما اعتقد كثيرون بأن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حسم لمصلحته سجالاً صامتاً مع غل حول مستقبلهما السياسي، إذ يخطط أردوغان للترشّح للرئاسة من دون التخلي عن هيمنته على الحزب، عبر تعيين وريث ضعيف لزعامته وخروج غل من الساحة. وفاجأ محمد علي شاهين، النائب والرئيس السابق للبرلمان، حزبه وأردوغان بقوله إنه لا يُصدّق حديث غل عن انسحابه من الساحة السياسية، وإنه لا خطط سياسية لديه، بعد خروجه من قصر الرئاسة إثر الانتخابات في آب (أغسطس) المقبل. وقال شاهين: «أنا متأكد أن غل لا يعني ترك المشهد السياسي، وأنه سيلبّي طلب ملايين من ناخبي الحزب وقواعده، للعودة إلى زعامته». وذكّر بأن بولنت أرينش، نائب رئيس الوزراء، كان رحّب بفكرة عودة غل إلى زعامة الحزب، إذا انتُخِب أردوغان رئيساً للجمهورية. وبذلك بات شاهين أول صوت داخل الحزب الحاكم يجاهر بطلب عودة غل إليه، بعد استطلاع للرأي أعدّه أردوغان بين نواب في الحزب، أظهر شبه إجماع على وجوب أن يتفرّد رئيس الوزراء بمصير الحزب والرئاسة في آنٍ، وأن لا مكان لغل في الحزب، بل إن نواباً في الحزب نقلوا عن أردوغان قوله: «يكفي غل الرئاسة 7 سنوات، ولم يعد له مكان في الحزب ولسنا مدينين له بشيء». ويقول مطّلعون على كواليس الحزب إن بعض قياداته تعتبر عودة غل فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي واستعادة الحزب روحه الإصلاحية وتخلّصه من البطانة الجديدة من المنتفعين التي تحيط بأردوغان، وتهم الفساد التي تلاحقهم. ويرى هؤلاء في تخلّي أردوغان عن رئاسة الحزب فرصة لميلاد جديد له، وبينهم عدد لا يُستهان به من رجاله الأوائل وقياداته. ويذكّر هؤلاء بأن استطلاعات للرأي أُعِدّت قبل الانتخابات البلدية التي نُظمت الشهر الماضي، أظهرت أن قواعد الحزب تفضّل بقاء غل في الرئاسة وأردوغان في زعامة الحزب، معتبرين أن المهم هو رأي القاعدة الحزبية لملايين الناخبين، لا رأي 300 نائب اختارهم أردوغان ومصالحهم مرتبطة به. وكان غل استبعد، بعد تلقيه رسائل أردوغان الرافضة عودته، تبادل المناصب معه، معتبراً أن الأمر ليس ديموقراطياً. وأضاف أنه لا يفكر بالعودة إلى السياسة في هذه الظروف، لكن مقرّبين له اعتبروا أنه يقصد رفض عودته رئيساً للوزراء تحت وصاية أردوغان، لا رفضه العودة بالمطلق. في المقابل، يسعى أردوغان إلى تغيير قانون الانتخابات النيابية المرتقبة العام المقبل، واعتماد نظام الدائرة المصغرة، لزيادة عدد الدوائر الانتخابية في الأناضول حيث مخزونه الانتخابي، من أجل ضمان أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات التي يراهن على فوز حزبه فيها، في شكل يمكّنه من تعديل الدستور وإقرار نظام رئاسي. لكن المعارضة رفضت مشروع أردوغان، وطرح حزب الشعب الجمهوري إلغاء العتبة الانتخابية (10 في المئة)، من أجل تمثيل أكثر عدالة للأحزاب في البرلمان. ورفض أردوغان أن تنظّم نقابات العمال تظاهرة لمناسبة الأول من أيار (مايو)، في ساحة «تقسيم» في اسطنبول التي شهدت احتجاجات مناهضة للحكومة أوقعت قتلى في حزيران (يونيو) 2013. وتوعد بأن تقمع الشرطة كل تجمّع «محظور» قد يثير «فوضى» في المدينة. إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن حزب «العدالة والتنمية» ليس «مجرد حزب سياسي، بل حركة تاريخية، شأنها شأن السلاجقة والعثمانيين، تمثل بصدق رغبات الشعب التركي وتطلعاته». وأشار إلى «تلازم واضح بين قدر الحزب وقدر تركيا».