أظهر تبادل الرسائل عبر وسائل الإعلام بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس عبدالله غل، استعداد الأول لخوض انتخابات الرئاسة في آب (أغسطس) المقبل، ما قد يمهّد لعودة الثاني إلى رئاسة الحكومة. وأعلن أردوغان «تأييده» قاعدة في النظام الداخلي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم تُلزم أعضاء الحزب بالامتناع عن الترشح لأكثر من ثلاث دورات برلمانية، ما يعني في شكل غير مباشر أن رئيس الوزراء يخطط لتغيير مساره السياسي نحو رئاسة الجمهورية، لا تمديد فترة رئاسته الحكومة. واعتبر أردوغان أن «من المبكر جداً» إعلان قراره في هذا الصدد، لافتاً إلى أنه «يشارك غل رأيه» أن «في إمكاننا مناقشة مسألة الرئاسة واتخاذ قرار» في شأنها. واستدرك أن «الحياة السياسية لا تنتهي بثلاث ولايات، إذ إن الفرصة متاحة أمام الجميع لمواصلة العمل السياسي، بعد استراحة لولاية واحدة». وأعلن أردوغان رفضه تنظيم انتخابات نيابية مبكرة، علماً بأنها مرتقبة عام 2015، قائلاً: «لا انتخابات مبكرة إطلاقاً، هذا مبدأ حزبنا. تقريب موعد الانتخابات هو إشارة إلى عدم الاستقرار في الدولة، وتركيا بلد استقرار ولا تحتاج إلى هذه التدابير الاستثنائية». ويعني ذلك أنه في حال انتخاب أردوغان رئيساً الصيف المقبل، على غل الانتظار إلى أيار (مايو) 2015 للترشح للانتخابات النيابية إذا أراد أن يعود إلى حزب «العدالة والتنمية» ورئاسة الوزراء، إذ ينص القانون التركي على وجوب أن يكون رئيس الوزراء نائباً في البرلمان. وكان غل اعتبر أن «الوقت حان» ليبحث وأردوغان في مسألة الترشح للرئاسة، ولم يستبعد عودته إلى الحزب الحاكم ورئاسة الوزراء. أما بولنت أرينش، نائب رئيس الحكومة، فرأى أن «نتائج الانتخابات البلدية أظهرت أن طريق الرئاسة مفتوح أمام أردوغان». وزاد: «إذا رغِب في الترشح للرئاسة أثق بأن غل سيحترم هذه الرغبة، وبأنه لن يترشح في مواجهته». وفي كواليس البرلمان حديث عن سبب تبادل أردوغان وغل الرسائل حول قضية الرئاسة عبر وسائل الإعلام، لكن أوساطاً سياسية برّرت الأمر باحتمال وجود خلاف بين الرجلين منعهما من الحديث بصراحة وفي شكل مباشر خلال لقائهما بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية الأسبوع الماضي. ورجّحت أن يكون سبب الخلاف غضب رئيس الوزراء من امتناع رئيس الجمهورية عن تقديم دعم مطلق له في أزمة فضيحة الفساد التي تطاول أردوغان ومقرّبين منه. التباين بين أردوغان وغل تجلّى أيضاً في موقفيهما من أمر أصدرته المحكمة الدستورية بإلغاء حجب موقع «تويتر»، إذ اعتبر غل قرار المحكمة «مهماً جداً، وعزّز دولة القانون في البلاد»، معرباً عن «فخره به». في المقابل، قال رئيس الوزراء إنه «سيطبق قرار المحكمة» على رغم أنه «لا يحترمه ولا يوافق عليه»، مشيراً إلى أن رفضه واجب ل «أسباب إجرائية». واعتبر أن المحكمة تحمي أداة لنفوذ دولة أجنبية، مذكّراً بأن «تويتر» هو «نتاج لشركة أميركية». وتابع أن قرار المحكمة يخالف «قيمنا الوطنية والأخلاقية التي تم الاستخفاف بها، وكل الإهانات التي تستهدف رئيس الوزراء ووزراء كانت واضحة». تزامن ذلك مع أمر قضائي آخر أصدرته محكمة في أنقرة بإلغاء حظر موقع «يوتيوب»، إذ رأت فيه «انتهاكاً لحرية التعبير»، لكنها قررت إبقاء حجب الوصول إلى 15 شريط فيديو على الموقع «تنتهك القوانين التركية». في غضون ذلك، اعلن مصدر في «حزب الشعب الجمهوري» أن اللجنة الانتخابية في أنقرة رفضت طعن الحزب بنتائج الانتخابات البلدية في العاصمة، وطلبه إعادة فرز الأصوات، لاشتباهه في تزوير بعد فوز مرشح الحزب الحاكم بفارق ضئيل عن مرشحه. وذكر المصدر أن الحزب المعارض سيطعن في قرار الهيئة.