اتخذ زعيم حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في خطوة لترتيب البيت الداخلي لحزبه وتفادي فراغ أو صراع داخلي يلي مرحلة توليه الرئاسة في الانتخابات المقررة العام 2014، قراراً جريئاً ب «استيراد» خليفته من خارج الحزب وهو غريمه السياسي نعمان كورطولمش، زعيم حزب «صوت الشعب الاسلامي التوجه» (الحزب الخاص اختصاراً)، والذي ائتمنه الزعيم الاسلامي الراحل نجم الدين أربكان على زعامة «حزب السعادة» بعده، لكنه انشق وأسس حزبه الخاص العام 2010. وفيما عكس القرار تفضيل اردوغان عدم ترجيح كفة مرشح من داخل الحزب لخلافته بين ثلاثة بارزين، هم وزير الخارجية احمد داود أوغلو ونائب رئيس الوزراء بولنت ارينش ونائبه بشير اطالاي، اعلن كورطولمش ما اعتبِر «مفاجأة كبيرة» موافقته على عرض أردوغان ضم حزبه ومن يرغب من قياداته الى حزب «العدالة والتنمية»، اثر مفاوضات سرية جرت بينهما، من دون علم اي من قادة الحزبين. وعلى رغم ان اياً من قادة «العدالة والتنمية» لم يعترض علناً على الخطوة، أثار الاعلان ازمة داخل «الحزب الخاص»، بعد رفض عدد من قاداته الخطوة، وبينهم السياسي البارز محمد بكار أوغلو الذي كان رفيق درب لأردوغان واربكان سابقاً، وشجع كورطولمش على تشكيل الحزب الجديد للتخلص من وصاية اربكان، والتصدي لما وصفه بأنه «ديكتاتورية اردوغان». وعقد بكار اوغلو مؤتمراً صحافياً ذكر خلاله ان «كورطولمش أسس حزبه الجديد للتصدي لسياسات اردوغان الذي وصفه سابقاً بأنه فرعون، واقسم امام اعضاء الحزب على العمل لكشف حقيقة أردوغان امام الشعب، ورفض سياساته التبعية للغرب واحتكار السلطة والتفرد بالقرار ورفض الآخر». وتساءل «ماذا تغيّر كي ينسى كورطولمش تعهداته، ويتحول الى مساعد لأردوغان؟» . في المقابل، لم يتضح تأثير القرار على حزب «العدالة والتنمية» وقادته المرشحين لخلافة اردوغان. ورأت اوساط داخل الحزب ان الخطوة تهدف فقط الى كسب اصوات مزيد من الاسلاميين والمحافظين في الانتخابات البلدية المقبلة، وان اردوغان قد يغيّر رأيه في كورطولمش بعدها. لكن مقربين من رئيس الوزراء يؤكدون انه حسم خيار خليفته، واغلق الباب بقوة امام احتمال عودة عبدالله غل الى الحزب بعد انتهاء ولايته الرئاسية، على رغم ان غل كرر مرات أنه لا يفكر في العودة الى السياسة. ونعمان كورطولمش بروفيسور في علم الاقتصاد واستاذ جامعي يتمتع بكاريزما قوية، وقبول جماهيري واسع، اكمل دراساته العليا في الولاياتالمتحدة و»اكتشفه» اربكان وأوصله الى زعامة «حزب السعادة». وفيما يُعرَف كورطولمش باستقامته وصدقه وقوة رأيه، ابدى مقربون كثيرون منه غضبهم ودهشتهم من قبوله دعوة اردوغان الذي بنى الأول كل رصيده السياسي على انتقاده وتوجيه تهم اليه. ومنح ذلك معلّقين اتاتوركيين ويساريين فرصة للاصطياد في الماء العكر، فاعتبروا ان «قوة المال والسلطة اللذين يتمتع بهما اردوغان لم تعبد له طريق السيطرة على الاعلام والمؤسسات الاقتصادية فقط، بل ايضاً اجتذاب ألد اعدائه».