أعلن محافظ المصرف المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري إرجاء تحرير نظام صرف العملة المحلية الدرهم أمام العملات الأجنبية إلى النصف الثاني من العام المقبل، لاستكمال بعض الإجراءات الاحترازية والإدارية والقانونية والتشريعية، بما يضمن النجاح الكامل للعملية التي تهدف إلى جلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحسين التنافسية الخارجية ودمج الاقتصاد المغربي في الاقتصاد العالمي. وأضاف في مقابلة مع «الحياة»: «خلال الاجتماع مع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، جدّد الأخير ثقته في قدرة الاقتصاد المغربي على إنجاح تجربة تحرير نظام صرف العملة لأن المغرب اتخذ هذا القرار في شكل إرادي وسيادي ومن دون إكراه خارجي، وفي ظل وضعية مالية ونقدية سليمة». ولفت إلى أن «عجز الموازنة سيتراجع إلى 3.1 في المئة العام المقبل، وإلى 2.8 عام 2018، كما سنخفض عجز الحساب الخارجي نحو 2 في المئة، وتستقر الديون عند 64 في المئة من الناتج المحلي، في حين ستتراجع معدلات التضخم دون 2 في المئة، وسيسجل النمو 4.2 في المئة عام 2017 و3.7 في المئة في 2018». وكشف أن «السلطات المالية المغربية تفضل التريث إلى حين تكون كل الأطراف جاهزة لقانون الصرف الجديد، الذي يجري إعداده بالتنسيق مع المصارف التجارية والخزينة العامة ووزارة المال والاقتصاد والشركاء الآخرين، من بينهم اتحاد رجال الأعمال والشركات العاملة في السوق الدولية، مثل المكتب الشريف للفوسفات والخطوط الجوية الملكية وشركة الطرق السيارة والطاقة وغيرها، لاطلاعها على تفاصيل الخطة والأهداف والإجراءات». وأشار الجواهري إلى أن «التأجيل يسمح بتحليل المعطيات والوقوف على التجارب السابقة والاستفادة من محطات دول أخرى أقدمت على تعويم عملتها المحلية إرادياً أو تحت الضغط»، لافتاً إلى أن «الدولار سيزداد قوة بعد رفع الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيديرالي، في حين قد يبقى اليورو ضعيفاً ويتأثر سلباً بالوضع الأوروبي الداخلي، حيث تقل الهوامش المالية داخل دول الاتحاد، باستثناء ألمانيا وهولندا ولوكسمبورغ». ويستند الدرهم في سلته المرجعية بنسبة 60 في المئة على اليورو، و40 في المئة على الدولار. وقال إن «الوضع المال والاقتصادي في المغرب يسمح بالانتقال إلى تجربة تحرير سعر الصرف تدريجاً، نتيجة عناصر مشجعة، مثل وجود نظام مصرفي متطور وفاعل في القارة الإفريقية، واحتياط نقدي مقبول، وديون عامة في تراجع، وقرار سيادي حر». وأضاف: «بفضل هذه العناصر كلها، لن يكون هناك أي تأثير على الأسعار أو قيمة العملة المحلية، كما أن مكتب الصرف شرع في الإجراءات التمهيدية بالتعاون مع المصارف المعتمدة حصرياً للتأقلم مع تحرير الأسعار». وأوضح الجواهري أن «انهيار العملات المحلية في بعض الدول عند تحرير نظام الصرف، كان بسبب محلات الصرافة والضغوط الخارجية بهدف الاقتراض»، مشيراً إلى «تجربة مصر مع صندوق النقد الدولي وعدم استعجال الإجراءات الضرورية المطلوبة لتحرير العملة، وهو وضع تعانيه اقتصادات عربية تمر بظروف صعبة». واعتبر الجواهري أن «الأوضاع الدولية تمر بفترة عدم استقرار وضبابية ويُستحسن الانتظار إلى حين انكشاف الرؤية، خصوصاً السياسة المرتقبة في الإدارة الأميركية، والانتخابات في فرنسا وايطاليا وألمانيا والنتائج الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وتوقع «المركزي» ارتفاع النمو إلى 1.5 في المئة في دول الاتحاد الأوروبي، وإلى 2.4 في المئة في الولاياتالمتحدة، في حين سيستقر سعر النفط فوق 52 دولاراً للبرميل، وستتحسن أسعار الفوسفات». وأضاف الجواهري: «ستتضح الصورة أكثر خلال الصيف المقبل، موعد إطلاق برنامج مرونة تحرير نظام الصرف». وتتزامن عملية تحرير العملة مع انخفاض أسعار الفائدة المصرفية في منحى هبوطي قدر ب95 نقطة أساس إلى 5 في المئة، في مسعى إلى تحريك عجلة الاقتصاد وتمويل مشاريع القطاع الخاص ليرتفع الطلب على القروض من 3.5 في المئة خلال العام الحالي إلى 4 في المئة العام المقبل و4.5 عام 2018. واعتبر الجواهري أن «المشكلة الأبرز في الاقتصاد المغربي هي عدم قدرته على توفير فرص عمل كافية للشباب، إذ خسرت سوق العمل 73 وظيفة هذه السنة، وارتفعت بطالة الشباب الحاصل على الشهادات إلى 41 في المئة من الفئة النشيطة في المجتمع، كما يعاني 4 من كل 10 شباب من البطالة، ما يهدد الأمن الاجتماعي على المدى المتوسط أكثر من أخطار تعويم سعر صرف العملة، وفقاً الى خبراء.