توصل باحثون هولنديون في دراسة حديثة إلى أن الحمل يتسبب في إحداث تغيرات طويلة الأجل في بنية الدماغ، ما قد يعزز قدرة الأم على رعاية طفلها الحديث الولادة. وذكر موقع صحيفة «غارديان» البريطانية أن حجم المادة الرمادية، التي تتكون من خلايا عصبية، في مناطق معينة من الدماغ ينخفض لدى النساء الحوامل. وقالت المشرفة على الدراسة من جامعة لايدن الهولندية، إليسلين هوكيزما، إن «التغيرات في حجم المادة الرمادية في الدماغ كانت واضحة جداً. إذ تمكن الجهاز من تمييز النساء الحوامل من النساء الأخريات تلقائياً». وأوضحت هوكيزما أن الأبحاث تشير إلى أن تلك التغييرات يمكن أن تساعد الأمهات على فهم احتياجات الأطفال الحديثي الولادة، وأضافت: «تغيرات الدماغ قد تبدو مخيفة بعض الشيء، ولكن النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أنها قد تكون مفيدة وخصوصاً للأم». واستخدم الباحثون تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لمقارنة بنية الدماغ لحوالى 25 امرأة حامل قبل فترة وجيزة من الحمل وبعدها، مع 20 امرأة لم تختبرن تجربة الحمل. وأرجع العلماء سبب انخفاض نسبة المادة الرمادية في دماغ المرأة الحامل لأسباب تتعلق بالعمليات التي تحدث للدماغ بسبب التغيرات الهرمونية التي تمر بها الحامل، لافتين إلى أن التغيرات في نسبة المادة الرمادية قد تستمر لفترة تقل عن العامين. وأفاد العلماء بأن مناطق الدماغ التي انخفضت كمية المادة الرمادية فيها تتداخل مع مناطق أخرى في الدماغ تسمى «نظرية شبكة العقل»، وهي القدرة على تخيل كيف يمكن أن يفكر أو يشعر الآخرون. وقالت الدكتورة المختصة في تصوير الأعصاب من جامعة كامبريدج، كريستي ويتاكر إن «تداخل تلك المناطق في الدماغ يُفسر قدرة الأم على فهم وإدراك احتياجات طفلها». ووجدت الدراسة أن الذاكرة لا تتأثر عند النساء الحوامل وغيرهن من النساء الأخريات، عندما خضعن لسلسلة اختبارات. ولا تؤثر التغيرات في حجم المادة الرمادية في مستويات التعلق بين الأم وطفلها. وأشار الباحثون إلى أن المناطق التي شهدت انخفاضاً في حجم المادة الرمادية، أظهرت بالمقابل أقوى استجابة عندما عُرضت على الأمهات الجدد صور أشعة السونار للطفل الجديد. ولفت الباحثون إلى أن فقدان الحامل المادة الرمادية في هذه المناطق، لايعد خطراً عليها لأنها تمتلك خلايا أخرى تساعد في إعادة التنظيم والتغيير بين الأعصاب، موضحين أن تلك التغيرات في نسبة المادة الرمادية تشبه التغيرات التي تحدث في الدماغ خلال سن المراهقة.