يتوج الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد زيارته الى لبنان في يومها الثاني والاخير الخميس، بجولة في الجنوب يتوقف خلالها، بدعوة من حليفه حزب الله، في مدينة بنت جبيل على بعد كيلومترات قليلة من اسرائيل التي يدعو الى ازالتها من الوجود. واذا كان احمدي نجاد استقبل استقبال الابطال بين انصار حزب الله، فان قيادات في الاكثرية النيابية المناهضة للحزب الشيعي، ورغم مشاركتها في الغداء الرسمي الذي اقيم على شرفه في المقر الرئاسي، تتخوف من انعكاسات الزيارة على الوضع الداخلي المتسم بالتوتر اصلا. وقد اثارت الزيارة كذلك انتقادات في اسرائيل والولاياتالمتحدة اللتين وصفتا تحرك الرئيس الايراني ب"الاستفزازي". وبحسب برنامج الزيارة الرسمي، يصل الرئيس الايراني الى بنت جبيل الجنوبية الواقعة على بعد حوالى اربعة كيلومترات من الحدود مع اسرائيل الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر (12,30 ت غ). وسيلقي خطابا في احتفال شعبي في الملعب البلدي في المدينة التي تعرضت لتدمير واسع خلال حرب تموز/يوليو 2006 بين حزب الله واسرائيل. واذا كانت اعادة اعمار بنت جبيل تمت خصوصا بمساهمة قطرية، فان الجنوبيين يتحدثون باسهاب عن المساهمات الايرانية في اعادة بناء الجسور والطرق وانشاء المراكز التربوية والصحية والبنى التحتية. وكما طريق المطار وطرق الضاحية الجنوبية لبيروت، ازدانت طرق الجنوب بصور الرئيس الايراني مع عبارة "خوش آمديد" (اهلا وسهلا بالفارسية) و"شكرا"، بالاضافة الى الاعلام اللبنانية والايرانية". وسيتوقف احمدي نجاد في جولته الجنوبية في بلدة قانا حيث سيضع اكليلا من الزهور على نصب ضحايا القصف الاسرائيلي الذي تسبب في عامي 1996 و2006 بمجزرتين قتل في الاولى اكثر من 100 شخص وحوالي ثلاثين في الثانية، معظمهم من النساء والاطفال. ورأى احمدي نجاد الذي شكك مرارا بالمحرقة اليهودية، في خطاب القاه مساء الاربعاء في الضاحية الجنوبية لبيروت وسط الاف الاشخاص الذين كانوا يهتفون له، ان الكيان الصهيوني "يتدحرج اليوم في مهاوي السقوط وليس هناك من قوة قادرة على انقاذه". وفي الشأن اللبناني، تبنى الرئيس الايراني موقف حزب الله من المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، مشيرا الى وجود "استغلال" للمحكمة و"تلفيق اتهام الى اصدقاء". ويشهد لبنان مواجهة سياسية حادة بين فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، وحزب الله على خلفية تقارير تتحدث عن احتمال توجيه الاتهام في القرار الظني المنتظر صدوره عن المحكمة الخاصة بلبنان حول الجريمة الى حزب الله. ويعتبر حزب الله ان المحكمة "مسيسة" و"اداة اسرائيلية واميركية"، ويطلب وقف اي تمويل لبناني لها. في المقابل يتمسك فريق الاكثرية النيابية بالمحكمة "لاحقاق العدالة وكشف الحقيقة". وبدا هذا الانقسام واضحا خلال احتفال الضاحية الجنوبية عندما ذكر الرئيس الايراني اسم سعد الحريري لشكره على استقباله، فرد المحتشدون بصيحة استهجان، بينما صفقوا طويلا وهتفوا لدى ذكر اسماء رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والامين العام لحزب الله حسن نصر الله. واعتبر الرئيس اللبناني السابق امين الجميل في حديث تلفزيوني وزعه المكتب الاعلامي لحزب الكتائب الذي يرأسه، ان القلق "ليس من زيارة احمدي نجاد بالذات وانما مما بعد الزيارة في ظل الاستحقاقات الخطيرة المقبلة، خصوصا مع تمسك حلفاء ايران في لبنان بمواقف تعتبر بمثابة تحد لفريق من اللبنانيين لا سيما في ما يتعلق بالمحكمة الدولية والقرار الظني". وواصل الرئيس الايراني الذي اعلن امس في خطابه المسائي ان النظام الدولي الذي تهيمن عليه الولاياتالمتحدة يتجه الى التغيير وان اسرائيل تتجه الى "هاوية السقوط"، حملته اليوم الخميس على الغرب. وقال في محاضرة القاها في الجامعة اللبنانية (قطاع عام) حضرها عدد كبير من الطلاب والاساتذة ان الغربيين "حاولوا خداعنا بالقول ان الطاقة الذرية تعادل القنبلة الذرية"، معددا فوائد علمية للطاقة الذرية في قطاعات علمية "لخدمة البشرية". واضاف "نحن نبحث عن نشر العلم الحقيقي للطاقة الذرية وهم اغلقوا هذا الباب على الشعوب (...) يريدون منعنا من مواصلة علومنا في مجال الطاقة الذرية". وتابع "يصرون علينا بضرورة اغلاق باب الدراسات العلمية الذرية (...) وفي الوقت نفسه، الغربيون الذين يمتلكون الثروات الطائلة، يستفيدون حصريا من هذه الطاقة كما من النفط وسائر الطاقات ويدخلون في جيوبهم يوميا الملايين من الدولارات". ومنحت ادارة الجامعة احمدي نجاد دكتوراه فخرية في العلوم السياسية. واجتمع الرئيس الايراني ظهرا مع رئيس الحكومة الذي دعا الى مأدبة غداء في السراي الحكومي على شرفه.