يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    "مركز الأرصاد" يصدر تنبيهًا من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    «الغرف»: تشكيل أول لجنة من نوعها ل«الطاقة» والبتروكيماويات    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    نائب وزير التجارة تبحث تعزيز الشراكة السعودية – البريطانية    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    30 عاماً تحوّل الرياض إلى مركز طبي عالمي في فصل التوائم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن علوي ل «الحياة»: زمن الوحدة العربية «تعدى»... وتداول السلطة يتخلله صراع مرير غير موجود في الخليج
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 2014

لا يريد وزير خارجية سلطنة عمان لحواره مع «الحياة» أن يمضي عابراً من دون مكاشفة، فمنذ جوابه الأول، صارح قراءه بأن الخليج ليس مستعداً لتداول السلطة، بسبب كلفته العالية وما يتخلله من «صراع مرير بين فئات المجتمع غير موجود في الخليج»!
وأعلن صراحة أن الخليجيين الطيبين شاركوا إخوتهم العرب ثرواتهم بالبلايين، انطلاقاً من قناعة بأن الجميع إخوة في العروبة ومستقبلهم في سفينة واحدة، إلا أن الأقدار كما يقول الوزير «قضت بعكس ذلك، مثلما صار في 2011 وما زلنا نعاني ونعاني من إفرازاته في الوقت الحاضر».
وبدا أن بن علوي موجوع من تصرفات عرب لم يسمّهم، إذ عاد إليهم في إجابة أخرى، وشدد على أن «فأساً» وقع في الرأس، ملمحاً إلى مواقف من أولئك العرب كانت صادمة.
إلا أنه اعتبر السبب وراء ذلك يعود إلى الخليجيين أنفسهم الذين لم يكلفوا أنفسهم قراءة التاريخ، ف «أنا عربي في عمان لا أعرف عن التونسي إلا مظهره ولا أعرف جوهر التونسي، ولا أعرف جوهر الليبي كما ينبغي، حتى التاريخ لم نكلف أنفسنا قراءته، ولا نكلف أنفسنا أن نقول لأحد اقرأ التاريخ، وما هو تاريخ العرب، حتى عندما نساعد عربياً فالمفترض أن نعرف تاريخه (...) ولكن عندما وقع الفأس في الرأس وجدنا أن العرب الذين كنا نقف معهم ونناصرهم (...) هم غير الذين كنا، والآن عرفنا كيف يتصرفون من خلال واقعهم»!
وفي الشق الخليجي، اعتبر الوزير الخليجي المخضرم أن الخلافات بين دول مجلس التعاون موجودة، ولا بد من أن تكون كذلك ما دامت الحياة موجودة.
غير أنه أبدى ثقته بصلابة البيت الخليجي الذي قال إن دوله قادرة على استيعاب خلافاتها «الطبيعية»، واستطاعت إنهاء أزمة الخلاف مع قطر ذاتياً، من دون حاجة إلى وسطاء من خارج البيت الخليجي الذي جزم بأنه «لم ولن يسمح بذلك».
غير أن التماسك الخليجي لا يصل في نظر بن علوي إلى إمكان تحول مجلس التعاون إلى «اتحاد» مثلما تطمح بعض دوله، معتبراً نظام المجلس الذي ينصّ على أنه يستهدف الوصول إلى «اتحاد» صِيغ في زمن القومية العربية الذي «تعدى»، وبات غير ممكن التطبيق، لذلك رأت بلاده كما روى ل «الحياة»، أفضلية ترحيله للأجيال القادمة.
وفي شأن الوساطة العمانية بين إيران وأميركا التي أثارت جدلاً خليجياً واسعاً، تفهّم بن علوي التساؤلات التي تتردد في هذا الصدد، إلا أنه خلص إلى أن المكسب من تلك الوساطة كان لكل الخليج والإقليم.
وأشار إلى أن كلا الطرفين الأميركي والإيراني بدا مقتنعاً بأن الخيارات أمامهم غدت محدودة، فإما حوار حقيقي أو صراع مميت، ما جعلهم يفضلون «النقاش المباشر عبر الوسيط».. في ما يأتي نص الحوار.
كوزراء خارجية في دول مجلس التعاون الخليجي مضت على بعضكم عقود في هذه المناصب.. متى ستغادرونها وتتيحون المجال لغيركم؟
- متى ما يريد رب العالمين.. أولاً نحن لا نخدم حزباً ولا نخدم فلسفة، نحن و«معازيبنا» ما زلنا نخدم بلداً أو بلداناً، الديموقراطية الغربية تداول السُلطة، وتداول السُلطة يتخلله صراع مرير بين فئات المجتمع، وهذا غير موجود في دول الخليج. ولكن لا يبقى إلا الصالح، أما الفاسد ففساده بذاته هو ما سينبذه.
كيف تشخّص الحال داخل البيت الخليجي بعد سحب السفراء والخلافات التي تحت الرماد؟
- بغض النظر عمّن يشخصه كما يشخص الطبيب المريض لأن الطبيب عنده علم محدد، وعنده حال معروفة، لأنه ربما شخّصها آلاف المرات فهو يتحكم بها، أما في ما يتعلق بالسياسة فالسياسة تتأثر وتؤثر، فدول الخليج بغض النظر عمّا نسمعه ونشاهده ونقوله ونتحدث فيه، يظل صفاء أهل الخليج صفاء طبيعياً لا شيء فيه، أي شيء من المسائل التي يمكن أن تلمعها أو تجملها، ولكن ما يحصل في الإقليم ومؤثراته على دول الخليج على كل مستوياته شيء لم يكن متوقعاً، لأن دول الخليج كانت على الدوام فاعلة في العمل العربي المشترك، وحريصة على أن تكون عوناً ومعيناً لإخواننا العرب في كل المراحل التي مرّت بها، ولكن الحاصل في هذه المرحلة من التاريخ الخليجي أو التاريخ العربي تغيّر، ولم يكن تغيراً في طبيعة الاجتهاد بشأن التطور، لأنه إذا ذهبنا إلى أية دولة خليجية نجد التطور الذي قامت به مشهوداً ولا يحتاج إلى تحليل.
الخليج شارك العرب ثرواته
كل الثروات التي وهبها الله لها استخدمت في التطوير في كل المسارات، واستخدمت بنية وإرادة صادقتين لتطوير المجتمعات الخليجية وليس هذا فقط. ولكن هذه الأموال والثروات النفطية التي يتحدث عنها العالم البعيد والقريب، تشارك أهل الخليج فيها مع الآخرين، لا بل شاركوا فيها العرب وغير العرب، والدليل على هذا الصناديق الاستثمارية التي خصصت لدعم الدول العربية والإسلامية وبكل نوايا حسنة.
هذه الدول تتطور، ومثل هذا العمل لا يأتي بمجرد رؤية بالليل ومتنفس بالنهار إذا لم يكن هناك أفق وقناعات بأن هذا المال الموجود لا بد من أن يكون عوناً للآخرين، ولو جئنا لنرى المبالغ التي صُرفت خلال ال40 عاماً الماضية، فهي بلايين صُرفت، وأرقام فلكية صرفت، ولكن حسن التدبير والتصرف ربما لم يكن على المستوى المطلوب أحياناً، وما كسبه الخليج من هذا هو الأخوة العربية والعروبة، والنظر إلى أن مستقبلنا واحد، ونحن في سفينة واحدة، فقضت الأقدار بعكس ذلك مثلما صار في 2011، وما زلنا نعاني ونعاني من إفرازاته في الوقت الحاضر، لكن هذه كما يقال عاصفة شمسية وتمر، والناس ما زالوا على العهد نفسه.
لكن الخلافات وصلت إلى داخل البيت الخليجي.. وآخرها سحب السفراء؟
- أنا دائماً أقول إنها وسيلة من وسائل التعبير، وهي تحصل بين الأسرة الواحدة.
ولكن ألا تتوقع أن هناك تصعيداً؟
- المقصود هو التعبير عن تباين الخلافات الحاصلة، وهذا الشيء طبيعي يحصل بين الناس ولكن ليس هو الجوهر، بالقياس على الذي رآه الناس هو شيء كبير، وكأنه شيء لا يحصل ولا ينبغي أن يكون، ونحن بشر ولا بد من أن نقبل بالواقع والمرحلة الحالية التي نحن فيها، ونحن نختلف ونعبّر بطرق مختلفة في هذا الجانب، وفي المرحلة الحالية التي نحن فيها، كل واحد يعبّر عن خلافه مع الآخرين بشيء من الانزعاج واتخاذ إجراء.
لم نسمح ولن نسمح!
لكن خلافات البيت الخليجي ما كانت تخرج؟
- ما دمنا في بيت فيمكن أن تخرج. خذ دولة عربية أو مسلمة، لا بد من أن تكون مثل هذه الخلافات موجودة ما دامت الحياة موجودة.
أين دور سلطنة عُمان؟ وهل قامت بدور الوسيط بين أشقائها؟
- أعتقد أننا تجاوزنا هذه المسألة. المشكلة انتهت.
هل قمتم بالدور؟
- خلاص خلصت.
انتهى موضوع أزمة السفراء والخلاف الخليجي؟
- انتهى، ولم يترك لأحد أن يتدخل فيه غير البيت الخليجي، ولم نسمح، ولن نسمح.
ولكن السفراء لم يعودوا؟
- السفراء اعتبرهم في إجازة، وبإمكانهم أن يرجعوا وهذه ليست مشكلة.
ألا تلاحظ اللغة الموجودة اليوم في الإعلام الجديد والتقليدي، وأنها كلها تصب الزيت على النار؟
- أكيد، ولا أحد يستطيع منعهم، ولكن هذه مرحلة تاريخية يمرّ بها الإنسان الخليجي. أنا أقول - وما زلت - إن هذا شيء طبيعي يحصل، لأننا في المراحل الأخيرة من الدولة الوطنية، فمثلاً أنت ما زلت تقول أنا سعودي، وما زلت أقول أنا عماني. والهوية الخليجية ما زالت فيها هذه الوسائل، فهذا ليس شيئاً غير معروف، ولكن أنت تتحدث عن متى نزيل هذه الأشياء. وهذا هو موضوع الاتحاد الخليجي، ولكننا لسنا مؤهلين له الآن.
زمن الوحدة العربية «تعدى»!
لكنك تعرف أن المادة الرابعة في النظام الأساسي عند تأسيس مجلس التعاون الخليجي تقول (...) وصولاً إلى الوحدة؟
- «وصولاً».. هذه كانت عبارة عن تطلع.. يتحقق هذا التطلع أو لا يتحقق، ولن يتحقق في القريب العاجل، هذا الموضوع له علاقة بوحدة الأمة العربية، وأخذت من أدبيات القومية العربية، ونحن عرب وهم عرب، والعرب الذين كانوا في ذلك الزمن هدفهم الوحيد كان القومية العربية والوحدة العربية وزمنهم تعدى.
ألا ترى أن المخاطر والتحديات الموجودة تأخذكم باتجاه الاتحاد والوحدة؟
- المخاطر الآن على كوكب الأرض كثيرة، وتنسى نفسك، ونحن إن شاء الله على ما نحن عليه، مخاطرنا هي أقل المخاطر، وهذا ليس بقوتنا الجبارة، ولكن بحسن النوايا التي نبديها تجاه الآخرين، ولو عملنا بما يبديه الآخرون لكنا دخلنا في مخاطر ومسائل لا أول لها ولا آخر، ولكن الحمد لله، إنما الأعمال بالنيات، ونوايا القادة الخليجيين طيبة جداً مع أنفسهم ومع من يتعاملون معهم.
ساعدنا عرباً نجهل تاريخهم!
بعض الدول الخليجية لا تريد الدخول في مشكلات، ولا تتدخل في شؤون الآخرين، ولكن بعضها تتجاوز وتتدخل!
- هذه المرحلة كانت موجودة، وكانت لدى البعض تطلعات كبيرة في أمور كثيرة إلى آخره، وكنا لا نعرف عن بعضنا البعض إلا القشور. وأنا عربي في عُمان لا أعرف عن التونسي إلا مظهره، ولا أعرف جوهر التونسي، ولا أعرف جوهر الليبي كما ينبغي، حتى التاريخ لم نكلف أنفسنا قراءته، ولا نكلف أنفسنا أن نقول لأحد اقرأ التاريخ.
وما هو تاريخ العرب؟ حتى عندما نساعد عربياً فالمفترض أن نعرف تاريخه، وما هي الصعوبات الحقيقية التي تواجهه، وهذا ما كنا ننظر إليه، ولكن عندما وقع الفأس في الرأس وجدنا أن العرب الذين كنا نقف معهم ونناصرهم، وآمالنا من آمالهم، وتطلعاتهم من تطلعاتنا وإلى غير ذلك، هم غير الذين كنّا.
ووجدنا حقيقة أخرى. الآن عرفنا كيف يتصرفون من خلال واقعهم. هذا ما كنّا لا نعرفه، ولذلك لما بحثنا في كيفية مساعدتهم كنا نجهل ما تحت التراب، ولكن ما زال المجال متاحاً، وبالإمكان مساعدتهم في ظل ما عرفناه الآن.
هل تبدون داخل المجلس الملاحظات على الدول الأعضاء التي تتدخل في شؤون غيرها، وأنه يجب عليها التوقف، أم تجاملون بعضكم بعضاً؟
- لا هذا تحصيل حاصل، والتدخل في شؤون الآخرين أمر غير مقبول، لا منّا نحن ولا من العالم. وهذا موجود في المواثيق الدولية. أنا أتدخل في شؤون أخي جميل بحسن النية لأساعده عندما أريد مساعدته، وأنا لا أعرف طبعه، ولكن ربما أكتشف وأنا أريد مساعدته أني أخطأت في حقه.
ولكن إذا اكتشفت ذلك المرة الأولى والثانية يبقى هنا السؤال، وهنا يجب علينا أن نراجع تصرفاتنا، لمصلحتنا ولتمكين أنفسنا من مساعدة الآخرين بطريقة مفيدة، ولا بد من أن نساعد الآخرين، وهذا قدرنا أن نساعدهم، ولكن يجب أن نساعدهم بطريقة صحيحة وحقيقية وواضحة.
السلطنة قامت بوساطة أفضت إلى ترتيب الاتفاق النووي بين إيران ودول «5+1». هل هذه الوساطة طلبتها أميركا من مسقط؟ أم طلبتها إيران؟ أم مسقط نفسها بادرت برغبة منها؟ ولماذا مسقط لم تبلغ أشقاءها بأن هناك وساطة ومحادثات بين إيران وأميركا وهي من تستضيف هذه الوساطة؟
- أولاً أتفهم طرحك هذا السؤال الذي يدور في خلد الكثيرين، لماذا كذا. ولماذا كذا؟ أولاً نحن مثل أشقائنا في المجلس حريصون كل الحرص على أن نوفر وسائل الاستقرار في كل المنطقة، لأن استمرار تطورنا وقدرتنا على مساعدة الآخرين في البلاد العربية فقط عندما نكون مستقرين، وعندما نكون غير مستقرين لأسباب تخصنا أو لأسباب تخص من حولنا لا نستطيع أن نتطور، بالتالي كان هو المبدأ الأساسي لعُمان ولسياستها مع الجميع، وما تسعى إليه.
نحن ندرك ونعلم أن علاقات كثير من أشقائنا العرب وفي الخليج أيضاً ليست على ما يرام مع أميركا أو مع إيران، وبالتالي المساحة المتاحة في هذا الشأن يجب أن تكون موضع قبول منا جميعاً. يعني هذه المساحة محدودة كمجلس تعاون في ما يتعلق بما يخصك أنت، وبين مصالح غير موجودة أو معرقلة أو تحس فيها بخطر عليها، وبين الدولة الأخرى.
نحن يا أخي جميل في عُمان ووفقاً لمعايير السياسة العمانية نؤمن بالحوار، ولا ينقطع الحوار حتى مع اختلافنا معهم. علينا أن نتحاور حتى نزيل ما يمكن إزالته من اختلاف في أي مرحلة. وهذا وفّر لنا بيئة تجعلنا نستطيع أن نتحرك بشيء من المرونة هذا أولاً.
ثانياً: علاقتنا مع طرفي الخلاف النووي واشنطن وطهران مبنية على واقع وصراحة وشفافية، ونقبل ما نعتقد أنه صحيح، ونرفض ما نعتقد أنه غير صحيح. وما حصل هو أن كلاً من الولايات المتحدة وإيران وصلوا إلى قناعة أن عليهم أن يتفقوا. والرئيس بوش في الإدارة الأميركية السابقة وأحمدي نجاد لم يكونا مستعدين أن يفهما أنه يتوجب عليهما أن يتفقا، ولكن الرئيسين أوباما وروحاني كان لهما رأي مختلف، ولذلك فالإرادة كانت موجودة من الطرفين لأن الوقت حان، ولأن البديل سيكون كارثة، ونحن وجدنا فرصة. وإذا كان هذا يحقق لنا جميعاً استقراراً طبيعياً وحقيقياً في المنطقة فلِمَ لا؟
هنالك رأيان حول إيران
وأنا أذكر لك في أحد اجتماعات القمة، وعلى ما أذكر أنه كان في الكويت بعد التحرير، اتفق القادة على أن مسألة الملف النووي الإيراني مسألة دولية، ونحن لا نتدخل فيها على الإطلاق. وكان هناك كلام بأن هذا يمسنا بطريقة أو بأخرى، وعلى صلة ب «5+1»، ولكن كان رأي القادة لا.
وهكذا استمرت المسألة، ونحن نعتقد أن هذا فيه مصلحة كبيرة، وطبعاً هناك من له نظرة أخرى بأن إيران فيها 90 مليوناً، ولها فلسفة مختلفة عن فلسفتنا وتتقوى أكثر مما نستطيع أن نتحمله. وبالتالي إذا دخلت في مشكلة مع الآخرين فسيكون لمصلحتنا، وفي رأي ثانٍ أنه مهما كانت هذه الدولة فهي جارة لنا عبر التاريخ، وإذا استطعنا في كل الأحوال أن نصل معها إلى قناعات مشتركة فهذا أفضل من الاختلافات الدائمة، ومن هنا أتت الوساطة.
هذا يعني أن سلطنة عُمان هي من بادرت بالوساطة؟
- لا أستطيع أن أقول إنها بادرت بالوساطة، ولكن موضوع الاستقرار وعلاقتنا المتطورة بين الطرفين كان فيها حيز عن موضوع الخلاف الإيراني - الأميركي، لكن كان الاثنان يبحثان عن مداخل ومخارج لقناعتهما الداخلية وليس لقناعة سلطنة عُمان أو لقناعة طرف دون الآخر، وكان كل واحد يريد أن يكسب قدراً كبيراً من المساحة في تحقيق أهدافه.
أنا قصدت بالسؤال عن الوساطة إن كانوا حضروا إليكم وقالوا نحن نريد أن تستضيفوا المحادثات؟
- هي ليست فجأة، وهذه التفاصيل أخذت أعواماً وفترة زمنية طويلة، وربما لأننا بخلاف إخواننا في الخليج وحتى الدول الأخرى ليست لدينا مشكلة مع إيران أو أميركا.
لكن العتب الخليجي على الشقيق العُماني حضر بقوة؟
- بكل شفافية هذا الموضوع يُثار من قبلنا نحن دول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في كل لقاء وفي كل اجتماع يحدث بينا وبين المسؤولين الأميركيين، وهم يعبّرون عن التزاماتهم تجاه دول الخليج، ونظرتهم تجاه هذا الموضوع طوال هذه السنين كلها من أيام ريغان، وبالتالي لم يكن هناك شيء نستطيع أن نقوله نيابة عن الآخرين، أعني الآخرين إن كانوا الإيرانيين أو الأميركيين وهم على صلات مباشرة مع دول الخليج.
صراع مميت أو حوار حقيقي
ولكن أنتم منظومة واحدة وأعضاء في مجلس واحد ووو إلخ؟!
- مفهوم، ولكن هذا الأمر يخص الجانب الأميركي والجانب الإيراني وهم على صلة مع دول الخليج، وهذا الموضوع يتحدثون فيه سوية، والأميركيون يرون أن هناك عدم قناعات في شأن التقارب الأميركي - الإيراني، لذلك قرروا الصمت وفضلوا أن يكون سراً، لكن الاثنين التقوا في أنهم وصلوا إلى مرحلة إما أن يدخلوا في حوار ويصلوا إلى قناعات أو يدخلوا في صراع حقيقي، ويكون صراعاً مميتاً، ففضلوا أن يلجأوا إلى الخيار الآخر والنقاش المباشر عبر الوسيط.
بعض الأحيان تصدر من سلطنة عُمان تصريحات تعلن أنه ليس من الضروري أن يكون هناك تطابق سياسي بين دول مجلس التعاون.. ألا يخالف هذا الأرضية التي بُني عليها مجلس التعاون الخليجي؟
- لا، الأرضية ليس فيها شيء يدل على أن نكون متطابقين سياسياً، ولكن علينا أن نحترم بعضنا بعضاً في ما قد يكون فيه شيء من التباين والرؤى، ولكن بما لا يضيع التوافق، وهذا هو الذي مشينا عليه، لأن نظام المجلس - وهذا تم بحثه أيام التشكيل الأولي - نصّ على أن يكون اتخاذ القرارات بالتصويت وبالإجماع.
وهل يتم الآن بالتصويت؟
- لا، تم رفضه من قبل الدول، ونحن 6 دول وهي الأغلبية نبدأ بخلافات من البداية واتفقنا بالإجماع، ولأننا نريد أن نبني ما لا نستطيع أن نعمله نؤجله ويرحّل إلى مرحلة أخرى.
لهذا عارضنا انضمام المغرب
هناك تصريحات سابقة لك شخصياً علقت فيها على دعوة دول مجلس التعاون الخليجي للأردن والمغرب للانضمام للمجلس بأنه لا ينبغي أن نكون بديلاً للجامعة العربية.. ألا ترى أن فيه اتهاماً لدول مجلس التعاون نفسها بأنها عندما تضم الأردن والمغرب ومصر سيكون ذلك تفكيكاً للجامعة العربية؟
- هذا سيحصل، أنت تبني كياناً سياسياً داخل المجموعة العربية التي أنت عضو فيها، أما مجلس التعاون فله خصوصياته كمنطقة واحدة وخصوصيات بين أهله، كان هذا بالاتفاق مع الدول العربية، وإذا توسعنا في هذا المجال مع من نحب ونكره فسندخل في منظومة أخرى.
ماذا عن المجلس الذي دعت له السلطنة كمجلس إقليمي أكبر يضم العراق وإيران؟
- غير صحيح، لا لم ندعُ إليه. كان هناك اجتماع في 76 أو 77 حول الملاحة في الخليج حضرته العراق وإيران، وموضوعه الملاحة في المضيق وفي الخليج، وهذا الاجتماع عقد في مسقط لكنه لم يخرج بنتيجة، وكان اجتماعاً واحداً وانتهى، لأنه كان يناقش موضوعاً معروضاً أصلاً على مؤتمر قانون البحار، وهو كيف تكون الملاحة في المضايق، ومضيق هرمز من ضمن المضايق، وكان هناك من يريد أن تكون الملاحة في الخليج حرة، ولكن في النهاية جاء القانون بأن الملاحة العابرة غير حرة وهذا تعريف قانوني، وما دام العالم كله وافق على هذه القاعدة «أن يكون مروراً عابراً لا يتوقف، أما إذا كان حراً فيصير موضوعاً ثانياً»، انتهت الفكرة الأصلية ولم يعد الحديث عن المجلس وجاء في مرحلة زمن إيقاف إطلاق النار في دعوة مجلس الأمن للدول الإقليمية أن تتبنى في ما بينها إجراءات تحقيق الاستقرار السلمي في الإقليم، ويقصد به دول الخليج وإيران والعراق.
غداً حلقة ثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.