الأمن الغذائي: السماح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق للأسواق العالمية    ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8 % في سبتمبر من 2024    هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    خادم الحرمين يصدر أمرًا ملكيًا بتعيين 125 عضوًا بمرتبة مُلازم تحقيق على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    أكثر من 750 ساعة تخدير و60 عملية فصل ناجحة لتوائم ملتصقة من 21 دولة حول العالم    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    المدى السعودي بلا مدى    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن علوي ل«الحياة»: اليمن لن يتشرذم ودول الخليج ليست مخزناً للأموال... الفتنة المذهبية احتمال بعيد

قال الوزير العُماني المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله، إن دول مجلس التعاون الخليجي تشهد مرحلة «الرفاهية الذهبية»، رافضاً أن تكون «منجماً أو مخزناً للأموال» لأنها «دول نامية تستعد للغد».
وفي حديث مطوّل الى «الحياة»، شدّد بن علوي على أن «الكثير من المشاريع والتوجهات» سيعرض على القمة الخليجية المرتقبة في الكويت الشهر المقبل. وتحدث عن استكمال انشاء السوق الخليجية المشتركة، و «الانتهاء من تنظيمات الاتحاد الجمركي».
وأعرب عن أمله ب «ألا يكون التطرف وباءً في البلدان العربية»، وأشار الى أن عُمان على صلة بمحيطها، لذلك «لا نستبعد بعض الشرارات من هنا وهناك، لكنها لن تشعل ناراً» في السلطنة. وذكر أن الفتنة المذهبية في المنطقة احتمال بعيد.
ورأى أن لا وجود للقرار العربي، إذ «أدخلنا تعديلات على ميثاق الجامعة العربية وأنشأنا مجلس الأمن العربي، ولكن لم يطبق شيء». وزاد أن «ليست هناك مشكلة بين إسرائيل وإيران... المشكلة هي العرب والقضية الفلسطينية والمستعمرات»، رغم وصفه العرب بأنهم «سلعة التهديد المتبادل بين إسرائيل وإيران».
ونبَّه الى أن «أزمة الشمال وأزمة الجنوب في اليمن لا يمكن أن تحل إلا بالحوار الوطني الصحيح الذي يستوعب الجميع»، معتبراً أن اليمن لن يتشرذم، ومؤكداً على مسؤولية المعارضة بمشاركة الحكومة في إيجاد الحلول. وشدَّد على أن سلطنة عُمان «لا تستهويها الوساطات»، نافياً أن تكون مسقط واجهت ضغوطاً أميركية لاتخاذ خطوات جزئية للتطبيع مع إسرائيل. وذكر أن واشنطن اقتنعت باستحالة مثل هذه الخطوات، لافتاً الى أن «حلم» الإسرائيليين بدولة يهودية لن يتحقق.
وهنا نص الحديث:
 السلطان قابوس بن سعيد شدّد في خطابه في افتتاح دور الانعقاد السنوي لمجلس عُمان، على أن السلطنة تتمسك بثوابت لا تتغير، أي سياسة السلام والأمن. في رأيكم كيف ظلت عُمان في منأى عن تمدد الأزمات في المنطقة وتمدد التيارات المتطرفة، باستثناء قضيتين عابرتين طويتا سريعاً؟
- كما تفضل صاحب الجلالة في خطابه (في 16/11/2009)، سياسة السلطنة الخارجية والداخلية معروفة وثابتة مبنية على مبدأين، هما الصدق والثبات على المبدأ. وليست لعُمان مآرب في محيطها إلا مآرب التعاون والتطور والتنمية. ولو ذهبت الى أي مكان في عُمان سترى ملامح هذه السياسة، ولم يعلن صاحب الجلالة عن توجه سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً إلا وتم الثبات عليه وتحقق. وما يريده الإنسان في عُمان إن كان اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً فهو موجود، ولا يشذ عن هذا المسار إلا إنسان هالك. وبالتالي كل ما ذكرت عن الأزمات أو بعض الانحرافات من بعض الجماعات أو الأشخاص تبدد، وبعض هؤلاء عاد طوعاً الى صوابه في حين بقي آخرون في زاوية وحدهم.
أي زائر لعُمان يتلمس استمرارية في النهضة والعمران واستغلال طاقات الشباب. ولكن أليس في ذلك تقدم بطيء الى حد ما؟
- التقدم ليس بطيئاً لكنه التقدم الثابت. ليس البطء العاجز بل البطء الثابت الذي لو غرست شيئاً يأتي أُكُله وينبت نباتاً حسناً. نحن في مرحلة من مراحل بناء الذات والنفس، وفي هذا البلاد كانت هناك حضارات عدة وشواهدها موجودة، لكنها لم تكن في سباق مع الزمن لأن من يسابق الزمن يخسر والذي يتوافق معه يحقق الهدف الذي يصبو إليه.
هل تعتبر أن المجتمع العُماني بات محصناً ضد الأصولية، أو التيارات المتطرفة التي باتت هاجساً أول في العالم العربي؟
- أصبحنا واثقين من أنفسنا، ونأمل بألا يكون ما سمي بالتطرف وباءً في البلاد العربية، وإنما هذه مرحلة ستنتهي بانتهاء أصحابها ولا بد أن نكون متفائلين لأن الجيل المقبل ستكون له نظرة أخرى وسيتحمل المسؤولية في ما له صلة بالأسس التي قامت عليها البلاد العربية.
نحن بطبيعتنا لسنا متطرفين ولسنا دمويين، بالتالي لم نتأثر بجر بلادنا الى مآسٍ وأحزان، ولكن لا بد من أن مثل هذه الحركات قد يستهوي بعض الناس وإذا كانت ظهرت بعض الحالات هنا أو هناك فلأننا على صلة بمحيطنا، ولا نستبعد بعض الشرارات من هنا وهناك، لكنها لن تشعل ناراً في هذا البلد الطيب.
القمة الخليجية مرتقبة الشهر المقبل في الكويت، وطرحت قطر أخيراً ورقة لتفعيل مجلس التعاون. ما أبرز ما في الورقة، وهل ترون خطوات قريبة عشية القمة؟
- كل الدول الأعضاء في مجلس التعاون، حرصها الأول والأخير، كيف يمكن أن تُسعِد شعوبها، بالتالي كلنا نعمل كخلية نحل، لكن رضا الناس غاية لا تُدرك. إن دول المجلس تشهد مرحلة الرفاهية الذهبية، وسوف يعرض على القمة الكثير من المشاريع والتوجهات، بعضها استكمال لتنفيذ قرارات، وبعضها جديد. الاستكمال هو إنشاء السوق الخليجية المشتركة والانتهاء من تنظيمات الاتحاد الجمركي، والجديد هو السكك الحديد، المشروع الضخم، فللمرة الأولى ستكون هذه السكك على طول ساحل الخليج من الكويت الى مسقط. وموانئنا تحتاج إليها وستستفيد منها دول المنطقة. هناك أيضاً توجه لربط هذه الشبكة في المستقبل بشبكة العراق وتركيا وأوروبا. أما الشبكة الضخمة التي ستُنشأ في المملكة العربية السعودية فربما تكون أساساً لإعادة شبكة خط الحجاز، الذي يمتد الى الأردن وسورية ولبنان ودول عربية أخرى، كذلك ربط الشبكة بموانئ البحر الأبيض المتوسط. نأمل بأن يرى مثل هذه القرارات النور في القمة الخليجية المقبلة في دولة الكويت.
لكن هناك تباينات، مثلاً التحفظ الإماراتي على أن يكون مقر المصرف المركزي الخليجي في الرياض، وهناك مشروع العملة الموحدة الذي تأخر.
- هذه قضايا فنية، وفي المسيرة (الخليجية) الضخمة بديهي أن يبرز بعض التناقضات وإلا لا نكون بشراً. منذ البداية هناك توجه أن إذا لم تستطع دولة (من أعضاء المجلس) أن تذهب بعيداً في تطبيق قراراته لأسبابها الداخلية، يمكن أن تلتحق في ما بعد. صحيح أن قرارات مجلس التعاون تكون بالإجماع، لكن هناك استثناءات في بعض المسائل.
بالعودة الى الورقة القطرية لتفعيل مجلس التعاون، لم نقرأ أو نسمع الكثير عن جوهر مضمونها، باستثناء المبدأ العام وهو الحاجة الى تفعيل عمل المجلس...
- التفعيل موجود، لكن هذه مرحلة جديدة تتوافق مع متطلبات التطور العالمي. ومن أهم ميزاتها التفكير في إنشاء آلية مالية كي تستطيع دول مجلس التعاون، حين تدخل في دعم الاقتصاد العالمي أو مواجهة المصاعب العالمية مثل الكوارث وقضايا الفقر والتنمية في الدول النامية، أن تجمّع مساعداتها لتقدّم ككتلة واحدة.
في السنة الماضية، بدأ الحديث عن مسألة الأمن الغذائي، وبدأ الناس يفكرون في أن هذا الأمن لن يكون إلا في صورة جماعية. وكانت دول مجلس التعاون تشتري الرز في شكل جماعي، كما كان هناك تعاون في شراء الأدوية في صورة جماعية، ووجدنا أن هذه أمور إيجابية فيها مصلحة وأقل كلفة.
خلال هذه المسيرة وجدنا أن في بعض الأشياء إيجابيات، وفي أخرى سلبيات. العالم ينظر الى دول مجلس التعاون وكأنها منجم أموال. ونحن لسنا منجم أموال. نحن اقتصادات نامية وسكان يتكاثرون ولا يمكن أن نقبل بأن نكون مخزناً للأموال تُدفع من هنا وهناك. الورقة القطرية تهدف الى تحقيق هذه الرؤية، أي أننا لسنا مخزن أموال، بل دول نامية واقتصاد نامٍ وشعوبنا أيضاً نامية تزداد عدداً بمعدلات كبيرة ونستعد للغد.
أمن الخليج
أمن الخليج كان دائماً أولوية لدى مجلس التعاون. في ظل المعطيات المستجدة في المنطقة، هل تؤيدون دعوة الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى الى حوار عربي - إيراني؟
- أولاً ليست لدينا مشاكل كأمة عربية مع إيران، فالحوار ليس لإنهاء مشكلة. نعتبر إيران جواراً، وهو ينبغي أن يكون دائماً إيجابياً وليس سلبياً، بالتالي الحوار يُبنى على أسس إيجابية، وليس على مفاوضات. هناك فرق، المفاوضات تتعلق بالقضايا الخلافية، وهذه القضايا بين إيران والدول العربية تتباين بين دولة وأخرى ومن مصلحة الى أخرى. الحوار ينبغي أن يكون مدعاة الى رص الصفوف، وألا ننظر إليه بوصفه تحقيق مكاسب لطرف على آخر. نحن منفتحون ولكن ينبغي أن نقبل بالحوار إذا كان مبنياً على هذه النظرة، أي التعاون وليس المفاوضات، لأن المفاوضات ليست مؤهلة للدول العربية كمجموعة مع جمهورية إيران الإسلامية، فلكل دولة رؤيتها لكيفية التعامل مع هذه العلاقة. أما الحوار الذي يدعو الى السلم والتعاون ورصّ الصفوف فهو مطلوب اليوم أو غداً. الحكمة تقتضي أن يكون في ذهننا الحوار الإيجابي ليس فقط مع إيران بل مع كل الجوار، وهو في معظمه إسلامي. تركيا بلد إسلامي وإيران وباكستان كذلك، حوار العرب مع محيطهم وجوارهم مهم ليس من أجل تجييش الجيوش، بل من أجل الاستقرار والتنمية، والحفاظ على الرابطة الروحية التي تربط العرب بإخوانهم المسلمين.
هناك من يعتقد أن إيران باتت تشكل عنصر إقلاق لدول عربية عدة. فهي متهمة بالتدخل في لبنان وغزة والعراق، وأخيراً في الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين؟
- المصالح العالمية باتت متداخلة، وكل من يعتقد أن المصلحة في مكان ما، يرى أن عليه أن يحافظ عليها. المصالح التي تسبب المشاكل جزئية، وليست مصالح تكامل، وعلينا جميعاً أن نخرج من هذه الحال وأن ننأى بأنفسنا عن مثل هذا الإحساس. الاتهام لا يأتي بشيء إيجابي، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم».
قد تكون هناك خلافات، لكنها ينبغي أن تُحل بمثل هذا التوجيه الرباني.
لكن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي حدد المشاكل التي يعانيها اليمن، وكأنه يفرض ما سمته الحكومة اليمنية «وصاية»...
- هذه الحالة تحتاج منّا صبراً وأن نتحمل ونفكر ملياً. التوجيه الصحيح لكلا الطرفين يكمن في الآية القرآنية الكريمة التي ذكرناها، أما التنابذ بالتصريحات فيجعل في القلوب غلظة وعداوة هما من الجاهلية، والرسول (صلى الله عليه وسلّم) يقول: لا عصبية في الإسلام. لذلك، نحن متفائلون بأن المسلمين سيبقون في النهاية مسلمين، وهذه (الخلافات) ستنتهي.
في الشرق الأوسط شواهد على التدخلات الإقليمية. هناك انطباع لدى البعض بوجود «تواطؤ» أميركي - إيراني ضمني أو تقاطع مصالح على حساب القرار العربي والمصالح العربية، في ظل تمدد الأزمات، من فلسطين ولبنان والعراق الى الصومال والسودان وأخيراً اليمن، وشبهات قوية بتدخلات إيرانية؟
- للمرء أن يقول ما يشاء، ولكن أين هو القرار العربي؟ ليس هناك قرار عربي ولو كان موجوداً لحسمت كل هذه القضايا. من غير الطبيعي أن يجمع 22 دولة قرار عربي، فكلٌ يرى نفسه أحق بأن يُتّبع ويُستمع إليه. إذاً مسألة القرار العربي والمصالح العربية يجب أن ننساها.
ننساها؟
- نعم، ننساها حتى تتحقق، وعندما تتحقق نقول يجب اتباعها. الآن ليس هناك قرار عربي، بل آمال وتطلعات عربية. أدخلنا تعديلات واسعة على ميثاق الجامعة العربية وأنشأنا مجلس الأمن العربي، ولكن لم يُطبَق شيء منها. أردنا أن نكون مثلاً أفارقة، أن نُقلّد والتقليد لا يحقق شيئاً، علينا أن نبحث عما فيه مصالحنا وما قُلِد من تقاليدنا وعاداتنا وأفكارنا. أما أن أقلد فلاناً أو زيد أو عبيد فهذا يكون لفترة قصيرة ثم يتلاشى.
«القنبلة» الإيرانية
ألا يقلقكم احتمال امتلاك إيران القدرة على تصنيع قنبلة نووية؟
- السؤال ينبغي أن يكون هل يقلِق إيران أن تمتلك قنبلة نووية، وإذا كنا سنقلق، هناك باكستان لديها قنبلة نووية، وإسرائيل كذلك وأميركا وروسيا والغرب، فلماذا نقلق من إحدى الدول ولا نقلق من الجميع؟
لكن إسرائيل لا تهدد بضرب المنشآت النووية الباكستانية بل تهدد بضرب إيران؟
- وما الفارق إذا هددت باكستان أو إيران أو مصر؟ يظل التهديد قائماً بحسب ما هي مصالحهم مع إيران، ولماذا التهديد؟ لإثنائك عما تعتقد أن فيه مصلحتك. هذا السلاح وجد للتهديد فلماذا تترك فلاناً يهدد وفلاناً لا، ينبغي أن نكون واعين لهذه المسألة، لماذا إسرائيل وإيران تتبادلان التهديد، على ماذا؟ علينا نحن العرب.
تقصد على حساب العرب؟
- لا، نحن الوسيلة أو السلعة التي من أجلها هذا يهدد وذاك يهدد.
نحن السلعة في الصراع الإيراني - الإسرائيلي؟
- نعم، ليست بين إسرائيل وإيران مشكلة، المشكلة هي العرب والقضية الفلسطينية والمستعمرات، وإسرائيل تقول إن الإيرانيين يؤيدون «حزب الله» و«حماس» والمتطرفين، فهي تعتبر بالنسبة إليهم تهديداً وإيران تقول إن إسرائيل تهدد البلدان الإسلامية والمسلمين في هذه المنطقة. إذاً نحن العرب وأراضينا ومقدساتنا أصبحنا سلعة التهديد. لماذا يُسمح لطرف بأن يهدد ولا يُسمح للآخر؟ إنه الكيل بمكيالين.
تمرد الحوثيين
كيف تروْنَ الموقف الإيراني من الصراع بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين؟
- إيران بلد جار لنا ومصالحنا ومصالحها متداخلة ونتوقع ألا يكون لها شأن في إيذاء العرب، سواء اليمن أو غيره، ولا نرى أن لها مصلحة في إيذاء اي بلد عربي، ولكن كما قيل في الماضي: إذا خُطفت سفينة في بحر الكاريبي يكون وراءها جمال عبدالناصر! كلنا قلقون من الأوضاع في اليمن، ومن مسؤولية أحزاب اللقاء المشترك (المعارض) أن توجد حلولاً للمشاكل التي يواجهها البلد بدلاً من أن تُرمى على عاتق الحكومة اليمنية وحدها.
اليمن يحتاج مرحلة استقرار كي يستطيع الخروج من الأزمات فهو لم يتح له الاستقرار منذ الثورة، وهو في حرب تلو أخرى. ينبغي أن توفر لليمن كل الوسائل كي يبني نفسه ويبني اقتصاده، ونحن لم نرَ سوى الخلافات فيه خلال السنوات الخمس الماضية التي حاولت خلالها دول مجلس التعاون وغيرها من الدول دعم اليمن مالياً للتنمية ولدعم المشروعات وبناء اقتصاد يستوعب الشباب اليمني. يبدو أن للقادة السياسيين هناك توجهاتهم، كيف يتغنّون بالسياسة وكيف يتعاركون على السياسة.
للأسف، هذا لا يستحقه اليمن، بل يستحق تنمية يشترك فيها ويجني ثمارها الجميع. إن دول مجلس التعاون لن تتأخر عن دعم اليمن، ولكن على اليمنيين أن يساعدوا أنفسهم. على قادتهم التعاون لبناء بلدهم والخروج من هذه الأزمة، وينبغي ألا تستمر المعارضة في معارضتها للحكومة، وألا تستمر الحكومة في البحث عن كيفية التخلص من هذه المعارضة. إن أزمة الشمال وأزمة الجنوب في اليمن لا يمكن أن تُحل إلا بالحوار الوطني الصحيح الذي يستوعب الجميع.
ألا تخشون احتمال تشرذم اليمن أو تفتته بسبب مشكلة الحوثيين و«الحراك» في الجنوب؟
- لا لكن ما يقلقنا هو عدم قدرة اليمنيين على تنمية أنفسهم. اليمني لن يتشرذم سواء كان في الجنوب أو الوسط أو أي منطقة، لكن تلك المشكلات لن توفر لليمنيين الوقت الثمين الذي ينبغي أن يستغلوه لبناء اقتصاد وإيجاد الطبقة الوسطى التي هي عماد الاستقرار.
اليمني لن يتشرذم، ولكن ماذا عن اليمن كبلد ودولة إذا استمر الصراع بين السلطة والحوثيين، ومسألة «الحراك» الجنوبي؟
- أعتقد أن الحوثيين وحراك الجنوب، في حالة غير مريحة، لكن أحزاب اللقاء المشترك تستطيع مع الحكومة أن تجد قاعدةً يتفق عليها باستيعاب المشكلات في الشمال والجنوب. وأعتقد أن الرئيس علي عبدالله صالح بما لديه من خبرة يستطيع أن يكون وسيلة إيجابية في أي حوار، ضمن هذا النطاق.
أليس اعتداء الحوثيين على الأراضي السعودية اعتداءً على كل دول مجلس التعاون؟
- صحيح، وإن كانت المعلومات التي لدينا محدودة. إن أي إيذاء لأيٍ من دول مجلس التعاون هو إيذاء لكل هذه الدول، ونثق بأن المملكة العربية السعودية قادرة على أن تتعامل مع هذا الوضع، وتستطيع أن تحمي حدودها وأن تردع الحوثيين وغيرهم. ونحن في مجلس التعاون نقف صفاً واحداً مرصوصاً.
طُرِحت سابقاً مسألة انضمام اليمن الى مجلس التعاون الخليجي. هل تعتبرون أن مثل هذه الخطوة قد يشكل مدخلاً لتسوية أزمات اليمن الاقتصادية ومشكلات الفقر والبطالة التي تشكل تربة خصبة للاضطراب السياسي؟
- لا نعتقد ذلك في مجلس التعاون، ودخول اليمن المجلس أمر تجاوزناه، ولكن ستكون بين الجانبين علاقة خاصة جداً.
يُعتقد بأن هناك فتوراً ما أو برودة في العلاقات الأميركية - الخليجية، وكنتم عبرتم خلال الاجتماع الوزاري الخليجي أخيراً عن خيبة أمل من موقف واشنطن حيال الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وتهويد القدس.
- كنا ربما متفائلين أكثر مما ينبغي، نعلم أن العلاقة خاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والعلاقة العربية - الأميركية هي دون العلاقة الأميركية - الإسرائيلية، لكننا لم نتوقع أن تصل الى هذا المستوى، وأن يستطيع (بنيامين) نتانياهو أن يجد من الإدارة الأميركية هذه الاستجابة. ولكن، أعتقد أن وزيرة الخارجية الأميركية (هيلاري كلينتون) والبيت الأبيض لم ينظرا إليها بطريقة نظرتنا، لأنهم حديثو العهد بالمواقف الإسرائيلية. العرب يعرفون الألاعيب الإسرائيلية ووسائلها لضم الضفة الغربية. بعض الإسرائيليين يقول إنه يصعب ضم الضفة الغربية وابتلاعها، بالتالي لديهم الرغبة في الابتلاع، وإن لم يستطيعوا، يبتلعون معظمها. الإسرائيليون بعد كل هذه المراحل، من مفاوضات مدريد وأوسلو الى خريطة الطريق، اتضح أن هدفهم هو وصول الجميع الى الطريق المسدود، والرئيس محمود عباس كشف هذه الحقيقة المرّة، وكشف سياسة الإسرائيليين بطريقة لم يتوقعوها.
إن قيام الدولة الفلسطينية بحدود 1967 أمر لا بد منه، ولا ينبغي لإسرائيل إلا أن تقبل بذلك، وليست لهذه الأرض سيادة مطلقة ولا للدولة الفلسطينية سيادة مطلقة. هذه أرض مقدسة للأديان السماوية الثلاثة، بالتالي السيادة المطلقة غير ممكنة. السيادة المطلقة لدولة يهودية لا يعيش فيها إلا اليهود، حلم لن يتحقق، والفلسطينيون، ليسوا خاسرين وإن لم يستطيعوا إقناع العالم بوجهة نظرهم، أي انسحاب الإسرائيليين ووقف المستوطنات. هم لم يخسروا لأنهم لم يعطوا إسرائيل ولن يعطوها شيئاً ولن تستطيع أن تحصل منهم على شيء.
ضغوط أميركية؟
لكنها تبتلع الأرض وتهوِّد القدس؟
- كل ما بُني على باطل هو باطل. لو كانوا يعتقدون أن لديهم قدرة على هذا لما رأيتهم يستنجدون بكل من يستطيعون الاستنجاد به كي يُثني الفلسطينيين عن إعلان دولتهم.
ألا تواجهون ضغوطاً أميركية لاتخاذ ما يسمى بعض خطوات التطبيع أو «تشجيع» إسرائيل على استئناف عملية السلام؟
- لم تكن هناك ضغوط، بل رغبات، وفي النهاية اقتنعوا بأن هذا غير ممكن.
مبادرة الملك عبدالله
أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة للمصالحات العربية في القمة الاقتصادية العربية في الكويت. هل أنتم متفائلون باستكمال مسار المصالحات بعد الانفتاح السوري - السعودي؟
- لديّ ثقة قوية جداً في قناعات خادم الحرمين الشريفين، وهو في هذا لا يسعى لأن تكسب المملكة شيئاً، لكن لديه مشاعر عربية جياشة، ويريد أن يجمع العرب على الأقل بالحد الأدنى للتفاهم، وإيمانه لا يتزعزع بمستقبل الأمة العربية.
إن المشكلة تكمن في مضمون الواقع العربي في هذه المرحلة الانتقالية. كلنا نتغنى بالوحدة العربية لكننا لا نعمل من أجلها، وخلافاتنا قُدِّر لها ألا تنتهي من الغرب الى المشرق، على قضايا حدود، وقضايا ليست من أصول المصالح العربية الكبرى، وأخرى مصالح آنية.
مسؤول عُماني قال: لا تستغرب أن تكون السلطنة تتولى وساطات صامتة من دون أن تعلن عنها. هل هناك تحرك عُماني وفي أي ملف؟
- لا تستهوينا سياسة الوساطات، وأي خلاف بين أي دولتين عربيتين مضر. إذا كانت الظروف مواتية كي يعمل أحد شيئاً، فهذا إيجابي، لكننا لا نشجع طرفاً على طرف، ولا نريد أن نرى طرفاً في مواجهة آخر.
إذا رأينا أن الحالة تستوجب أن نتحدث في أمر مع شقيق فلا نتردد، أما أن نقوم بمعالجة ملفات ونتولى وساطات فهذا غير وارد.
الانهيارات الفلسطينية
هل ترون بصيص أمل لوقف الانهيارات الفلسطينية في ظل تعثر الوساطة المصرية؟
- هذه من المسائل النفسية عند القادة الفلسطينيين. صعب عليّ أن أستوعب كونهم يسعون الى التصالح وفي الوقت ذاته يقدمون على التنابذ بالألقاب. ما نراه لا يبشر بالخير، ونتمنى على إخواننا الفلسطينيين أن يترفعوا عن التنابذ. قلت لأحدهم مرة: أنتم الفلسطينيين فشلتم في خدمة قضيتكم منذ 1948، والآن آن لهذا الخلاف أن ينتهي، هم تحت السلطة الإسرائيلية ويتنافسون على مَن يكون له دور، دور مع مَن؟ الأشقاء المصريون بذلوا كل جهد، ولكن لا حياة لمن تنادي.
ومن المُدان في تعثر الوساطة المصرية، «حماس» أم السلطة أم كلاهما؟
- لا نستطيع القول إن فلاناً مدان لأننا لا نعرف الحقائق كلها. كلٌ يقول حجته ونحن نقول كلها ينبغي ألا تكون، إنما ينبغي أن تكون هناك حجة واحدة، تعالوا الى كلمة سواء، ان تحرروا فلسطين، لكن أن نتنابذ بالألقاب ونشتم بعضنا بعضاً ونتهم فلاناً... فأنا لم أسمع بأن هناك أناساً يتصالحون ويفعلون هذا الشيء. الشعب الفلسطيني يعرف ذلك لكنه مقهور.
وما الحل إذا بقيت الأمور على حالها؟
- لا تهدي من أحببت إن الله يهدي من يشاء.
باتريوس
ما هدف زيارة الجنرال باتريوس لسلطنة عُمان؟
- الجنرال باتريوس باعتباره قائداً للقوات المركزية الأميركية، يزور كل دول الخليج. هي زيارة روتينية، ولدى الأميركيين مشكلة كبيرة في باكستان وأفغانستان، ويسعون الى مخرج من هذه الأزمة.
هل الخشية من فتنة مذهبية في المنطقة مبالغ فيها أم واقعية؟
- لا هذا ولا ذاك، لأن الفتنة ممكن أن تحصل في أي مكان وأي وقت. الفتنة احتمال بعيد، تحصل خلافات وما أشبه، لكن فتنة كبرى، لا أعتقد، وستستقيم الحال إذا اقتنع الغرب بأن مصلحته ليست في إثارة الفتنة بل في مساعدة التنمية والتطور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.