يواصل الناخبون في رومانيا التصويت في انتخابات تشريعية ترجح استطلاعات الرأي أن تسمح بعودة «الاشتراكيين الديموقراطيين» إلى السلطة بعد عام على إقصائهم عقب الحريق الذي طال ملهى ليلياً في بوخارست. وكانت حكومة فكتور بونتا اتُهمت بالفساد بعد هذا الحريق الذي أودى بحياة 64 شخصاً بسبب عدم احترام معايير السلامة، واضطرت إلى الاستقالة تحت ضغط تظاهرات الشارع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. ولكن في بلاد يطاول الفقر عدداً كبيراً من سكانها، يبدو أن الوعود بزيادة الرواتب وبدلات التقاعد جذبت عدداً من الناخبين المستعدين لمنح «الاشتراكيين الديموقراطيين» فرصة جديدة، علماً بأن استطلاعات الرأي توقعت أن يحوز هؤلاء 40 في المئة من الأصوات. أما «الحزب الوطني الليبرالي» واتحاد «أنقذوا رومانيا» (يمين وسط) اللذان توقعت الاستطلاعات أن يحصدا على التوالي 35 و40 في المئة من الأصوات فيأملان بإحداث مفاجأة، لكن كل شيء يبقى رهناً بتعبئة الناخبين. وقبل ثلاث ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع، لم تتجاوز نسبة المشاركة 34.5 في المئة. وقال مارين أوانا المتحدر من سنغوريني الفقيرة في جنوب البلاد «رومانيا دُمرت تماماً. لم يعد العيش فيها ممكناً. لا وظائف والناس يسافرون للعمل في الخارج». وقالت دينيسا غراجدان «آمل بأن يفهم (المسؤولون السياسيون) مشاكل مجتمعنا ويستثمروا في شكل أكبر في الصحة والتعليم». ومن أصل 20 مليون نسمة هو تعداد سكان البلاد، هاجر حوالى ثلاثة ملايين في الأعوام الأخيرة. وكانت رومانيا العضو في الاتحاد الأوروبي منذ العام 2007، شهدت عودة نمو اقتصادي متين بعد فترة انكماش قاسية، لكنها تبقى ثاني أفقر دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي ال 28. وفي بوخارست، انتقد عدد كبير من الناخبين الطبقة السياسية الحالية «الفاسدة» مطالبين ب «تغيير». وقال فلورين (35 عاماً) الذي يعمل مهندساً «على جميع السياسيين الحاليين أن يرحلوا»، فيما أورد أحمد المتحدر من سورية «على الجيل الجديد أن يحرك الأمور ويدفع بطبقة سياسية جديدة إلى الحكم، وإلا فلا أمل». وتأمل ثلاثة أحزاب صغيرة بتجاوز عتبة الخمسة في المئة التي تتيح لها دخول البرلمان وأداء دور رئيس في المفاوضات لتشكيل غالبية. وقال المحلل أوتيليا نوتو إن «المعركة ستجري بين احتمال العودة إلى الممارسات الفاسدة التي كانت سائدة قبل سنوات وفرصة الحصول على حكومة تعمل وفق القواعد». والاختبار الأول لإرادة هذه الأحزاب السياسية في احترام أو عدم احترام هذه القواعد سيجري مع تشكيل الحكومة. ويحظر قانون صدر في 2001 على أي شخص دانه القضاء، أن يصبح وزيراً. وهذا القانون يؤثر خصوصاً على زعيم الحزب «الاشتراكي الديموقراطي» ليفيو درانيا الذي حكم عليه في الربيع بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ بتهمة التزوير الانتخابي. وقرر رئيس الدولة استبعاد «كل شخص يواجه مشاكل مع القضاء» من الترشح لرئاسة الحكومة، وأن لم يحاكم بعد، ما سيخرج بونتا أيضاً من اللعبة لأنه أحيل على القضاء بتهمة غسل أموال وتهرب ضريبي. وقال الحزب «الاشتراكي الديموقراطي» إنه سيعلن مرشحه لرئاسة الحكومة لكن بعد تولي البرلمان الجديد مهامه في 19 كانون الأول (ديسمبر) على أقرب حد. وفي هذا البلد المؤيد تقليدياً للتكامل مع أوروبا وحصل على 26 بليون يورو من المساعدات منذ انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي، تشترك الأحزاب في تأييدها لأوروبا. ولكن للمرة الأولى دعا مرشحون بوخارست إلى «التخلص من وصاية» المفوضية الأوروبية من أجل «ترجيح كفة مصالحها الخاصة». ويضم البرلمان الروماني 466 مقعداً وتجري الانتخابات بدورة واحدة على أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 21:00 (19:00 بتوقيت غرينيتش). وستنشر تقديرات أولية بعد انتهاء التصويت بينما ستعلن النتائج الرسمية النهائية غداً.