أدلى الناخبون في رومانيا بأصواتهم امس، في استفتاء حاسم حول اقالة الرئيس اليميني ترايان باشيسكو التي تطالب بها الغالبية اليسارية، بعد ثلاثة اشهر من ازمة سياسية حادة في هذا البلد الشيوعي السابق أثارت قلق الاتحاد الاوروبي. ويراقب الاتحاد الاوروبي عن كثب الاستفتاء ونتيجته، بعدما عبّر منتصفَ تموز (يوليو) الجاري عن قلقه من الوسائل التي استخدمها تحالف يسار الوسط الاتحاد الاشتراكي الليبرالي، لتسهيل اقالة الرئيس. ومصير باشيسكو، الذي يحكم البلاد منذ ثماني سنوات وعُلِّقت مهامه أخيراً، مرتبط الى حد كبير بنسبة المشاركة، إذ إن نتيجة الاستفتاء لن تعتبر صالحة ما لم يدلِ اكثر من نصف الناخبين المسجلين البالغ عددهم 18.3 مليون بأصواتهم. وبعد ثلاث ساعات من بدء التصويت، بلغت نسبة المشاركة تسعة في المئة، وهي النسبة نفسها التي سجلت في الانتخابات المحلية التي جرت في حزيران (يونيو) الماضي وبلغت نسبة المشاركة النهائية فيها 56.39 في المئة. وكان باشيسكو نجا من استفتاء لإقالته في 2007. وشهدت شعبيته تراجعاً جديداً منذ ذلك الحين بسبب اجراءات تقشفية قاسية أمر بها في 2010. ولم يوفر تحالف اليسار الوسط بقيادة الاشتراكي الديموقراطي فكتور بونتا والليبيرالي كرين انطونيسكو الرئيس الانتقالي حالياً، ايَّ جهد لتعبئة الناخبين لإزاحة خصمهما. وقال انطونيسكو أمس: «آمل من كل قلبي ان نعرف ما هي رغبة غالبية الرومانيين لنتمكن من تنفيذها بعد ذلك». وكان انطونيسكو دعا في آخر خطاب له الى التصويت بكثافة، معتبراً انها الطريقة الوحيدة «لإقامة ديموقراطية متينة». أما باشيسكو، فذكر الحجج نفسها، لكنه دعا الناخبين الى البقاء في بيوتهم، بينما طلب مؤيدوه من الرومانيين مقاطعة الاقتراع، معتبرين انه «مهزلة انتخابية» لإضفاء الشرعية على ما يرون انه «إنقلاب». في اجواء الاستقطاب الشديد هذه، عبَّر الصحافيون الرومانيون عن خيارات واضحة، وقد نشر مقال بعنوان: «لماذا سأصوت؟»، وآخر بعنوان: «لماذا لن أصوت؟»، وكتبت صحيفة «غاندول» في افتتاحية، أن «الرومانيين ستكون لديهم للمرة الاولى فرصة لإنقاذ البلاد». اما صحيفة «رومانيا ليبيرا»، فكتبت ان رومانيا لا تحترم القواعد الديموقراطية قد تتحول الى «منطقة عازلة (...) مهمشة في الاتحاد الاوروبي يتجنبها المستثمرون الاجانب». وباشيسكو كان قبطاناً في البحرية التجارية، وانتخب رئيسا للمرة الاولى في 2004. وكانت المفوضية الاوروبية اتهمت الحكومة الرومانية برئاسة بونتا، بأنها أساءت «في شكل منهجي» الى دولة القانون، وخصوصاً عبر مهاجمة المحكمة الدستورية وقضاتها وإقالة وسيط لتسهيل تنحي خصمها. ويشكل هذا الاستفتاء مرحلة لا بد منها في محاولة لإنهاء ازمة سياسية يشهدها احد أفقر البلدان في الاتحاد الاوروبي. وفي حال لم تبلغ المشاركة النسبة المطلوبة، سيكمل باشيسكو ولايته حتى 2014، رغم التعايش الصعب مع الاتحاد الاشتراكي - الليبيرالي. اما اذا تحققت النسبة المطلوبة وأيدت غالبية الرومانيين تنحّي باشيسكو، كما تتوقع استطلاعات الرأي، فسيتم اجراء انتخابات رئاسية ضمن مهلة تسعين يوماً. وستعرف النتائج الرسمية الاولية اليوم.