يدلي الرومانيون اليوم بأصواتهم لانتخاب برلمانهم في اقتراع يرجّح أن يفضي إلى فوز تحالف يسار الوسط الحاكم، لكن التعايش مع خصمه الرئيس ترايان باسيسكو يثير مخاوف من تقلبات جديدة في واحد من أفقر بلدان أوروبا. ولفت مركز أبحاث المجتمع الأكاديمي الروماني إلى «أن التعايش سيكون أمراً مثيراً للارتياب»، مذكّراً بالمحاولة الفاشلة لإقصاء الرئيس التي قام بها الائتلاف الحاكم، الاتحاد الاشتراكي- الليبرالي، في الصيف المنصرم. وأغرقت تلك المحاولة رومانيا في إحدى أسوأ الأزمات السياسية منذ سقوط الديكتاتورية الشيوعية في عام 1989، كما أثارت انتقادات حادة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة القلقين من انتهاكات دولة القانون من جانب الائتلاف الحاكم. وقد احتفظ باسيسكو بمقعده بصعوبة بسبب مشاركة غير كافية في الاستفتاء، لكن أكثر من 7 ملايين شخص أيدوا رحيله. ومنذ ذلك الحين بقي التوتر على أشده بين حكومة الاتحاد الاشتراكي- الليبرالي برئاسة فيكتور بونتا ورئيس الدولة، الذي تستمر ولايته حتى العام 2014، مع هجمات شخصية عنيفة حجبت المواضيع الأخرى في الحملة. وغذت التوتر تصريحات الرئيس، الذي يلمح فيها إلى أنه قد لا يعين بونتا في منصب رئيس الوزراء حتى في حال فوز الائتلاف، فيما أشار محللون إلى أن الامر يتعلق ب «تجاوز السلطة». ودعا مجلس المستثمرين الأجانب إلى «الاستقرار» بعد أن شهدت السنة الحالية تظاهرات كبيرة وثلاث حكومات وأزمة الصيف، في بلد ينهض بصعوبة كبيرة من انكماش شديد. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الاتحاد الاشتراكي-الليبرالي، الائتلاف الذي يضم الاشتراكيين الديموقراطيين والليبراليين والمحافظين، سينال ما بين 48 و61 في المئة من الأصوات ليحصل بذلك على غالبية واسعة من مقاعد البرلمان ال470. ويلي فريق باسيسكو، الذي ينضوي تحت لواء التحالف من أجل رومانيا يمينية، الائتلاف بفارق كبير مع 15 إلى 23 في المئة من نوايا التصويت. وقد يحدث حزب المقدّم التلفزيوني المليونير الشعبوي الملاحق بتهمة الفساد دان دياكونيسكو، مفاجأة مع حصوله على 15 في المئة من نوايا التصويت. لكن يتوقع أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة بحدود 40 في المئة، بحسب عالم الاجتماع فاسيلي دانكو. ويدفع التحالف «من أجل رومانيا يمينية» الحاكم من 2008 إلى أيار (مايو) الماضي في حكومات متتالية، ثمن اتهامات بالمحسوبية لكن خصوصاً ثمن سياسة التقشف المتشددة التي فرضها في 2010 تحت إشراف صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي لتجنّب خروج العجز والاقتصاد عن السيطرة. وقد جرت اقتطاعات في الرواتب بنسبة 25 في المئة وزيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 2.4 في المئة. ويستفيد الاتحاد الاشتراكي الليبرالي، الذي وصل إلى السلطة في أيار بعد سقوط حكومة اليمين الوسط بموجب مذكرة حجب ثقة، من أجواء الملل إزاء سياسة التقشف حتى وإن كانت صورته تأثرت سلباً بأزمة الصيف والضغوط على القضاء. ولفت جان ميشال دي وايلي الاختصاصي في شؤون رومانيا في الجامعة الحرة في بروكسل، إلى أن «خلافات الأحزاب بعيدة كل البعد من اهتمامات الشعب. وحتى وإن عاود الاقتصاد نموه في شكل خجول العام الماضي، فإن متوسط الأجر يبلغ 350 يورو شهرياً، والنظام الصحي في حالة مزرية مع أكبر نسبة وفيات للاطفال في أوروبا (9 في الألف). وقد هاجر حوالى 3 ملايين روماني بحثاً عن حياة أفضل. وسيتعيّن على الحكومة الجديدة العمل من أجل سد الفجوة التي تفصل البلاد عن الدول الأكثر تقدماً في الاتحاد الأوروبي. وتعوّل رومانيا على 20 بليون يورو من الأموال التي وضعتها بروكسل في تصرفها حتى نهاية 2014، وستبقى تحت مراقبة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الفساد في شكل أفضل.