توصلت الدول المنتجة للنفط الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة «أوبك» أمس في فيينا، إلى أول اتفاق في ما بينها منذ العام 2001، ونص الاتفاق على خفض جماعي للإنتاج للتخفيف من تخمة عالمية في الأسواق أضعفت الأسعار العالمية للنفط لسنتين ونيف ما ضغط على الموازنات العامة في دول كثيرة وتسبب باضطرابات في بعض الدول. وجرى توقيع الاتفاق بعد سنة تقريباً من المناقشات داخل «أوبك» وشكوك متبادلة بين الدول الأعضاء والدول غير الأعضاء، خصوصاً روسيا الدولة المنتجة الكبرى غير العضو، ويرجح أن تركز الأسواق الآن على مدى التزام الموقعين بتعهداتهم. ويتوقع أن تنفذ روسيا التي لم تفِ قبل 15 سنة بوعود بتقليص الإنتاج جنباً إلى جنب مع «أوبك»، تخفيضاً حقيقياً في الإنتاج. لكن محللين يتساءلون ما إذا كان كثر من المنتجين الآخرين من خارج «أوبك» يحاولون تقديم انخفاض طبيعي في إنتاجهم على أنه مساهمة منهم في الاتفاق. وقال الأمين العام ل «أوبك» محمد باركيندو لصحافيين قبيل المحادثات: «هذا اجتماع تاريخي للغاية... سيعزز الاقتصاد العالمي وسيساعد بعضاً من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تحقيق معدلات التضخم المستهدفة». وتضم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معظم الاقتصادات الأغنى في العالم. واتفقت دول «أوبك» الأسبوع الماضي على تقليص الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً اعتباراً من كانون الثاني (يناير) المقبل وبلغ حجم مساهمة السعودية في ذلك التخفيض 486 ألف برميل يومياً. واتفق المنتجون المستقلون أمس على خفض إنتاجهم بواقع 562 ألف برميل يومياً، بما يقل قليلاً عن الحجم الذي كان مستهدفاً في البداية والبالغ 600 ألف برميل يومياً وفق ما قال مصدران في «أوبك». وقال المراقب المخضرم ل «أوبك» مؤسس «بيرا إنرجي للاستشارات» غاري روس: «جميعهم يتمتعون بالأسعار الأعلى والالتزام يميل إلى أن يكون جيداً في المراحل المبكرة. لكن بعد ذلك ومع استمرار ارتفاع الأسعار سيتآكل الامتثال». وأضاف أن المنتجين «غير الأعضاء في أوبك قدموا أكبر مساهمة رأيناها على الإطلاق»، معبراً عن اعتقاده بأن روسيا ستقلص إنتاجها بواقع 300 ألف برميل يومياً بما يتفق مع تعهداتها. وقال إن «أوبك» ستستهدف سعراً للنفط عند 60 دولاراً للبرميل لأن أي سعر فوق ذلك قد يشجع المنافسين على الإنتاج. وساعد هبوط أسعار النفط دون 50 دولاراً للبرميل وأحياناً دون 30 دولاراً من مستويات مرتفعة بلغت 115 دولاراً في منتصف 2014، على الحد من نمو إنتاج النفط الصخري. لكنه أضر بإيرادات اقتصادات معتمدة على النفط من بينها السعودية وروسيا ما اضطر مصدري الخام الكبيرين إلى البدء في أول محادثات للتعاون النفطي في 15 سنة. وإلى جانب روسيا حضر محادثات أمس عدد من المنتجين المستقلين أو قدموا تعليقات أو تعهدات، وشملت القائمة أذربيجان والبحرين وبوليفيا وبروناي وغينيا الاستوائية وكازاخستان وماليزيا والمكسيك وعُمان والسودان وجنوب السودان. وتواجه دول كثيرة من غير الأعضاء في «أوبك» مثل المكسيكوأذربيجان انخفاضاً طبيعياً في إنتاج النفط، وعبّر بعض المحللين عن اشتباههم بأن تلك الانخفاضات الطبيعية ستدخل ضمن تقليص الإنتاج. وقالت مصادر في القطاع إن عُمان وكازاخستان لم تخطرا بعد شركاءهما الأجانب في حقول النفط في شأن خفض الإنتاج المحتمل. وأخطرت السعودية زبائنها في أوروبا والولايات المتحدة الجمعة بأنها ستخفض إمداداتها النفطية اعتباراً من كانون الثاني، في إشارة إلى أنها بدأت بالفعل تنفيذ خطة خفض الإنتاج. وأخطرت الكويت والعراق والإمارات أيضاً مشتري خامها بخطط تقليص الإمدادات.