شن مسلحون تابعون لتنظيمي «سرايا الدفاع عن بنغازي» و «مجلس شورى أجدابيا» مدعومين من قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس أمس، هجوماً على بلدة بن جواد، المدخل الغربي للموانئ النفطية وسط البلاد، في محاولة للتقدم نحو ميناء السدرة واستعادة المنطقة التي خسروها في أيلول (سبتمبر) الماضي. وتصدت قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر للهجوم، وأجبرت المسلحين على الانسحاب إلى تخوم البلدة. ومهد المهاجمون لتقدمهم بقصف من صواريخ «غراد» استهدف موانئ النفط، قبل أن يتدخل سلاح الجو التابع ل «الجيش الوطني» بسلسلة غارات على مواقعهم ترافقت مع هجوم مضاد شنته عناصر حرس المنشآت الموالية لحفتر، ما أجبر المهاجمين على الانسحاب من بن جواد إلى منطقة النوفلية القريبة، في محاولة لإعادة تجميع صفوفهم. واعتبر مراقبون هذه التطورات مؤشراً لاندلاع حرب ثالثة في منطقة «الهلال النفطي»، في ظل إصرار حكومة الوفاق على استعادة السيطرة على المنطقة إثر تحرير قوات موالية لها مدينة سرت من مسلحي تنظيم «داعش»، نتيجة عملية عسكرية استمرت ستة أشهر. وأبلغ شهود في منطقة المواجهات «الحياة»، أن ضباطاً محسوبين على حكومة الوفاق التي شُكلت برعاية الأممالمتحدة العام الماضي، كانوا يقودون الهجوم، وفي مقدمهم العقيد مهدي البرغثي، وشوهد هؤلاء في المنطقة يستقلون شاحنات بيضاء من طراز «تويوتا» كتبت عليها عبارة «وزارة الدفاع». ونقلت وكالة «رويترز» عن قائد حرس المنشآت النفطية في المنطقة مفتاح المقريف التابع ل «الجيش الوطني»، أن «جماعات إرهابية شنت هجمات صاروخية أثناء تقدمها في اتجاه موانئ النفط، لكن القوات المرابطة في المنطقة الشرقية نجحت في صدها». وأبلغ «الحياة» محمد الصادق، الناطق باسم حرس المنشآت، أن «كل موانئ النفط وبلدة بن جواد تحت سيطرة الجيش» الذي «أجبر المهاجمين على الانسحاب وأسر عدداً منهم وغنم أسلحة وآليات». ولم يُصدر أي طرف حصيلة عن خسائر بشرية، لكن مصادر محلية تحدثت عن إصابات طفيفة في صفوف المدنيين وبعض العسكريين نتيجة القصف. وأفادت مصادر محلية باشتباكات متقطعة دارت لاحقاً على مشارف بن جواد، استخدم المهاجمون خلالها الصواريخ لاستهدف منطقة «الهلال النفطي»، لكن لم يسجل أي أضرار في المنشآت. وأصدرت «مؤسسة النفط» الليبية بياناً أشارت فيه إلى أنها أجلت «بعض الموظفين غير الأساسيين» بعد الاشتباكات، لكنها لم توقف أي شحنات. وأبلغ «الحياة» المهندس علي العريبي من «شركة رأس لانوف» للنفط، أن «الوضع في موانئ النفط هادئ والعمل فيها يسير بصورة طبيعية»، مشيراً إلى أن الاشتباكات جرت في منطقة بعيدة. واعتبر العريبي أن التوترات الأمنية في منطقة «الهلال النفطي»، ناجمة عن «تجاذبات سياسية ومشاحنات بين المتنافسين على النفوذ». وأكدت تقارير في طرابلس، تورط تنظيمي «سرايا الدفاع عن بنغازي» و «مجلس شورى أجدابيا» وفصائل متشددة أخرى، في الهجوم على منطقة «الهلال النفطي» أمس. وقالت ل «الحياة» مصادر في طرابلس إن «سرايا الدفاع» و «مجلس الشورى» معروفان بتبعيتهما لمفتي طرابلس الصادق الغرياني وتحالفهما مع تنظيم «القاعدة» و «الجماعة المقاتلة» المنحلة. وأضافت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن تحالفاً نشأ على ما يبدو بين هذه التنظيمات والعقيد البرغثي الذي يتولى حقيبة الدفاع في حكومة الوفاق، إذ جمع بينهما العداء لحفتر.