شن تنظيم «داعش» في ليبيا أمس، هجوماً مفاجئاً على منطقة الهلال النفطي (وسط) وسيطر على أجزاء منه قبل أن يضطر إلى الانسحاب بعد اشتباكات عنيفة استمرت ساعات مع عناصر جهاز حرس المنشآت مدعومين بأهالي منطقة أجدابيا المجاورة وسكان محليين وبغطاء جوي لطائرات سلاح الجو الليبي التي أغارت على مواقع المهاجمين انطلاقاً من قاعدة مصراتة الجوية. وشن التنظيم هجومه لمحاولة السيطرة على الهلال النفطي انطلاقاً من مواقعه في سرت، واستعان برتل عسكري كبير قوامه دبابات وعربات تحمل صواريخ «غراد»، كما أبلغ «الحياة» شهود في المنطقة. واخترق مسلحو التنظيم مدينة بن جواد وواصلوا زحفهم شرقاً إلى ميناء السدرة النفطي الذي حاولوا اقتحام الحواجز المحيطة به بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون أجانب. ووزع التنظيم بيانات أعلن فيها سيطرته على بن جواد في عملية سماها «غزوة الشيخ ابن المغيرة القحطاني». ونعى قائد العملية المسمى «أبو معاذ القرعاني» الذي أفادت مصادر أمنية ليبية أنه من جنسية عربية غير محددة. كذلك عرف بين قتلى التنظيم الخمسة في الهجوم، سوداني وآخر تونسي يلقب ب»أبو همام». وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أربعة من عناصر جهاز حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم جضران. كما أسفرت عن اشتعال النار في خزان للنفط في منطقة رأس لانوف، كما أبلغ «الحياة» محمد الحراري الناطق باسم المؤسسة الوطنية للنفط. وسيطر مسلحو التنظيم لبعض الوقت على معسكر استطلاع جنوب غربي المجمع الصناعي لشركة راس لانوف للنفط وأقام حاجزاً للتفتيش أمامه، فيما شنت طائرات من طراز «ميراج أف 1» انطلقت من قاعدة مصراتة الجوية، غارات على مسلحي التنظيم، بالتنسيق مع قيادة حرس المنشآت النفطية. وأصدر حرس المنشآت لاحقاً، بياناً أعلن فيه استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي بالكامل ومطاردة مسلحي «داعش» بعد انسحابهم في اتجاه منطقة النوفلية (جنوب الهلال النفطي). وسجلت اشتباكات بين الجانبين في منطقة وادي كحيلة القريبة. ويأتي هجوم «داعش»، الأعنف من نوعه ضد موانئ النفط المغلقة بمعظمها منذ أكثر من سنة، في وقت تكثر التحذيرات من نقل التنظيم جزءاً أساسياً من كوادره من العراق وسورية إلى ليبيا، مستغلاً حال الفوضى التي تعيشها البلاد. ويسيطر «داعش» على سرت حيث قدر عدد مسلحيه في المدينة بحوالى 1500 عنصر، كما ينشر بضعة مئات من المسلحين في مناطق أخرى. وسبق أن هاجم مسلحو التنظيم عدداً من الحقول النفطية في جنوب ليبيا، لكنهم لم يتمكنوا إلى الآن من السيطرة على أي من منشآت النفط، كما فعلوا في سورية. وعلى رغم أن الهجوم على ميناءي السدرة ورأس لانوف، لا يمكّن التنظيم من الاستفادة من الموارد النفطية في البلاد، كون الميناءين مغلقين ولا يمكن للسفن الوصول إليهما، فإن السيطرة على الهلال النفطي من جانب التنظيم تشكل تهديداً خطير الأبعاد، قد يستدعي تدخل المجتمع الدولي لشن غارات لضرب مواقع «داعش»، ما يبدد الآمال بإمكان استئناف تصدير النفط الليبي قريباً.