طالب أكاديميون شرعيون خلال ندوة «الأمن الفكري والمسؤولية الشرعية» التي نظمها فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة القصيم أمس، خطباء المساجد بالانتباه لطلاب العلم الشرعي، وإتاحة الفرصة أمام الوسطيين وإزاحة الصوت المتطرف من أمام الجمهور. ودعا الأستاذ المشارك في قسم العقيدة في كلية الشريعة التابعة لجامعة القصيم صالح التويجري الخطباء إلى «تفرس طلاب العلم الشرعي ومعرفة نفسياتهم وتفقدهم حتى وإن بدت عليهم مظاهر العلم أو تمسكنوا وأخفوا ما في صدورهم، مشدداً على أن ذلك يجب أن يكون بعيداً عن الهوى وأن يصاحب بصدق في السرية». ووصف من يتنصلون من مظاهر السنن بأنهم «أصحاب شهوات غلفت بشبهات»، وقال: «إن المتنصلين من السنن إما عبثاً بلحاهم أو بثيابهم أو تخليطاً في البيوع والمشتريات أو تجويزاً للمباحات، وتبين لي أن عندهم رقة في الدين وضعفاً في الإيمان والالتزام، ولكن يبحثون عما يوافق أهواءهم من أصول الإرجاء»، مشيراً إلى أن عدداً من المتحولين من الدعاة والناشئة وقعوا في الإرجاء بعد أن «فتنوا بالمال أو الإغراء أو ضلوا الطريق». وذكر أن الإرهابيين ركبوا صهوة الخروج والتفجير والكلمات الرنانة الانفعالية، وتبين أن أرضيتهم نشاز ولديهم استعداد نفسي للخروج وفي داخلهم شهوات. وحذر من الورع الانتقائي: «تجد بعض الناس ورعاً في الأعراض لكنه مخلط في الموال وتجده ورعاً في السنن ولكنه غير متورع مع السلطان وولي الأمر»، عازياً ذلك إلى الانتقائية والمزاجية التي يمارسها، معرفاً الورع الحقيقي بأنه ما شمل على حف الشارب وتقصير الثياب وبر الوالدين وترك الغيبية والنميمة وطاعة ولي الأمر. وحذر التويجري من الكتب المترجمة التي يقرؤها الأبناء من خلال مواقع الانترنت ويتتلمذون عليها، معتبراً أنها أداة تحمل فكر الاعتزال الخارجي. وطالب بتدبر «فقه المآلات» وعدم كسر قاعدة سد الذرائع بدعوى أن المجتمع ناضج ولا يحتاج لمنع واعتبار أن ما أخذه يكفيه من المناعة ليخترقوا بذلك بنية المجتمع وعزله عن العلماء الربانيين. وتطرق إلى أن للانحراف الفكري عوامل ثلاثة تتكون من البيئة التي يعيش في الفرد والطبيعة التي تكون عليها، والمؤثرات التي تعرض لها كفتح الفضاء والانترنت والعمالة الوافدة والسياحة. من جهته، أكد أستاذ الفقه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية عميد الدراسات العليا في جامعة القصيم الدكتور عبدالعزيز الربيش أن مصطلحات الإرهاب والغلو والتطرف تضاد الأمن الفكري، لافتاً إلى أن الوسطية هي السبيل لتحقيق الأمن الفكري من خلال تطبيق مبادئها المتمثلة في الخيرية والعدل ورفع الحرج، مشيراً إلى أن الوسطية تلتزم بالثابت وتراعي المتغير وهي من أخص خصائص المنهج الإسلامي. وقال: «للأمن الفكري دور رائد في الاستقرار والطمأنينة، لا يكون إلا بالتمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وعدم الفتوى إلا بعلم، والتفسير الصحيح لنصوص القران الكريم، وضبط الكلمة، والأفق الواسع، وإدراك مآلات الأمور، والتوازن بين التطبيق النظري والعملي، وعرض الإسلام بطريقة صحيحة، وألا تكون ردود الأفعال عاجلة أو غير منطقية على من يسيء للإسلام». وطالب مدير الندوة عميد شؤون الطلاب في جامعة القصيم الدكتور خالد الشريدة بأن تتاح الفرصة للوسطيين أمام المجتمع وأن يزاح الصوت المتطرف أمام الجمهور حتى يتمكن المجتمع من اختيار الوسطيين، مشدداً على أن الانحراف لا بد أن يضبط بنظام حتى يملأ الفراغ. واستشهد بالقرار الملكي في تقنين الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، واصفاً الجهود التي يقوم بها العلماء والدعاة لتعديل السلوك بالثمينة لكنها غير كافية إذا ما دعمت بنظام.