أظهرت دراسة تفيد بوجود اضطرابات تصيب نظر ثلاثة أرباع رواد الفضاء الذين يقيمون لفترات طويلة في الفضاء، بسبب التغير في ضغط السائل الدماغي الشوكي الناتج عن الجاذبية الصغرى. ومع بقاء عدد متزايد من الطواقم لأشهر عدة في محطة الفضاء الدولية، بدأ أطباء "وكالة الفضاء الأميركية" (ناسا) يلاحظون اضطرابات في النظر لدى رواد الفضاء الذين يبقون لفترة طويلة في المدار، إذ كان الرواد يعانون من تشوش في النظر. وأظهرت فحوصات عدة تغيرات بنيوية، من بينها تسطح مقلة العين والتهاب في أطراف الأوتار البصرية. وتعرف هذه الأعراض باسم "اضطراب النظر الناجم عن تغير في الضغط داخل الجمجمة"، حيث كانت موضع عرض خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية الشمالية للتصوير بالأشعة المنعقد خلال الأسبوع الحالي في شيكاغو بولاية ايلينوي. وأوضح أستاذ التصوير بالأشعة والهندسة الطبية الحيوية في كلية الطب بجامعة ميامي، نوام البيرين، أن العلماء كانوا يعتقدون أن مشاكل النظر ناتجة من الطريقة التي يسري فيها الدم بالجسم، في ظل الجاذبية الصغرى مع التركز خصوصاً في الرأس. وقارن العلماء صوراً بالماسح الضوئي لدماغ سبعة رواد أمضوا أشهراً عدة في محطة الفضاء الدولية، بتسعة رواد آخرين كانت إقامتهم قصيرة، فتبين لهم أن الرواد الذين أقاموا لفترة طويلة لديهم كمية أكبر من السائل الدماغي الشوكي في الدماغ. وأشار البيرين إلى أن هذا السائل يحمي الدماغ والنخاع الشوكي، وينقل المغذيات ويسحب المخلفات. أما على الأرض، فيسمح السائل بتكيف الجسم مع وضعيات مختلفة من وقوف وجلوس واستلقاء، إلا أنه في ظل انعدام الجاذبية تتعرض هذه الآلية للاضطراب، بسبب غياب تقلبات الضغط بحسب وضعيات الجسم المختلفة، مشدداً على أنها المرة الأولى التي يقام فيها رابط كمي مباشر بين ضغط السائل الشوكي النخاعي والاضطرابات في النظر. وتجري النمسا أبحاثاً لإيجاد علاج لهذه المشكلة، تحضيراً للمهمات المأهولة الطويلة جداً إلى الفضاء ولا سيما إرسال رواد باتجاه المريخ بحدود العام 2030.