سأل رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» النائب اللبناني وليد جنبلاط عن «قيمة العدالة تجاه (الرئيس السابق للحكومة رفيق) الحريري وسائر الشهداء إذا سال دم على أرض الوطن»، داعياً الحكماء الى «التحكم باللعبة في لبنان»، ومطالباً «حزب الله» ب «عدم النزول مجدداً الى أزقة لبنان». كلام جنبلاط جاء خلال جولة تفقدية قام بها على قرى جرد عاليه بتاتر وشانيه وصوفر وبدغان ومجدلبعنا، في حضور الوزير أكرم شهيب والنائب مروان حمادة. وقال جنبلاط: «تُطل على البلاد غيوم كبيرة، وليس بعيب قول رأينا بكل صراحة ووضوح، عندما نُخطئ نعترف بالخطأ وعندما نرى خطأ الغير ننبهه الى خطئه»، وأضاف: «بعد 14 آذار اتهمنا سورية بالاغتيالات بناء على ماذا؟ شاهد ملك على أساسه كتب المحقق الدولي ميليس تقريره الأول. ليتكم ترون عبر الانترنت هذا التقرير كم يحوي من أكاذيب وأضاليل، تبيّن في ما بعد أن الشاهد مزوّر، لكن كنا قد جنحنا بالاتهام الى أن طفح الكيل. منذ عام رأيت انه حفاظاً على الوطن وعروبة الجبل والعشيرة والجغرافيا السياسية لا يمكننا الاستمرار بهذا الاتهام. وقبل عام وتحديداً في آب (اغسطس) قلنا كفى، وعدنا الى الأصول والينابيع والتراث الى الموقع الأساس، سورية الحاضنة القومية والوطنية، وإسرائيل العدو الأساس، العلاقات المميزة بيننا وبين سورية أساس، عدنا لكن غيرنا لم يعد». وتابع جنبلاط: «اليوم، هل العدل تجاه الرئيس رفيق الحريري أن يسيل دم جديد؟ لا أبداً. ما قيمة العدالة تجاه رفيق الحريري وسائر الشهداء إذا سال لا سمح الله دم جديد على أرض الوطن؟ تذهب العدالة هباء. وتذكرون عندما قتل كمال جنبلاط، آنذاك خرج بعض المزايدين في ذاك النهار الأسود وقالوا لي علينا دفن كمال جنبلاط بعد يومين. فقلت لهم، اخرسوا، انتم مجانين وكان الدم البريء يسيل بمذابح عشوائية في كل مكان ذهب ضحيتها آنذاك مئات الشهداء. من هنا التشبيه بمقتل كمال جنبلاط وآنذاك لم نكن بحاجة الى محكمة دولية. أقول اليوم إذا كانت المحكمة الدولية لتجعل الدم يسيل في لبنان فلسنا بحاجة الى محكمة دولية، نعم لسنا بحاجة الى محكمة دولية». وقال: «عندما ذهبنا الى الدول قيل حينها لا بد من تحقيق دولي وسرنا بهذا التحقيق، وأوصلنا التحقيق الى الشاهد الملك الذي جعلنا نتهم زوراً سورية، هذا هو التحقيق الدولي. ومن يقول اليوم بعدما صدر في مجلة «دير شبيغل» وغيرها من صحف عالمية اتهام سيكون بناءً عليه القرار الظني بأن حزب الله هو من اغتال الرئيس رفيق الحريري، ان ليس ثمة أضاليل وأكاذيب أيضاً وشهود زور، الى تقنيات متطورة جعلت منحى التحقيق يأخذ أبعاده من أجل الفتنة في لبنان؟ في أول فرضية ظهر شاهد الزور، لماذا في الفرضية الثانية لن يكون ثمة شاهد زور؟ هذا سؤال جوهري جداً». وطالب جنبلاط ب «كشف حقيقة شهود الزور في قضية المحكمة»، مؤكداً أنه «إذا طُرح موضوع التمويل فسنرى في اللقاء الديموقراطي كيف سنصوّت. هناك طبعاً في اللقاء الديموقراطي نواب أحرار، أما نواب الحزب التقدمي الاشتراكي فيلتزمون تعليمات الحزب ولكل حادث حديث، آخذين في الاعتبار انه إذا ما انقطع تمويل المحكمة من لبنان قد يدعو الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى تمويل خارجي، هذا احتمال، لكن في ما يتعلق بشاهد الزور اعتقد بأنه المدخل الأساس لتخفيف الاحتقان الذي يجري على الساحة اليوم من هنا وهناك». وخاطب الحاضرين قائلاً: «اليوم المطلوب أقصى درجات الهدوء. نحن مع من؟ نحن مع درء الفتنة ووأد الفتنة، نحن مع الجميع لوأد الفتنة وتأكيد العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في لبنان»، وقال: «ندعو من يتكلمون يومياً بخطابات هوجاء الى أن يخرسوا، اتركوا العقلاء يتحكمون باللعبة، لا نستطيع الاستمرار هكذا، علينا الهدوء والاحتكام الى الدولة، والمسيرة طويلة جداً، انها أخطر بكثير من تلك المرحلة التي كانت الدبابة الإسرائيلية غير بعيدة من هنا، انها أخطر بكثير، لكن بالهدوء والانضباط والوعي نستطيع الحفاظ على الذات وعلى الجار أيَّاً كان الجار». وذكر جنبلاط بأنه «في الماضي على أيام الأمير بشير خرج أحدكم من شانيه، قيل عنه آنذاك انه أخوت شانيه، لكن هذا الإنسان بحكمته وبعقله أرشد الأمير بشير الى كيفية ايصال مياه الصفا الى بيت الدين، ومن خلال هذه المياه انتعش قسم كبير جداً من الوادي الذي يمتد من الصفا الى بيت الدين وما بعده. كانت الأمور ربما سهلة وصعبة، لكن من خلال هذا الشخص وصلت المياه وحل الخير والاستقرار ونمت الزراعة». وأضاف: «اليوم سأقول عن نفسي مثل هذا الشخص أخوت شانيه، لكن بحاجة الى مساعدة. اليوم بحاجة الى مساعدتكم في تفهم المرحلة الحالية والتي قد تكون من أخطر المراحل على وجود الوطن ووجودنا والعيش المشترك ومصير الوطن. يجب أن نتدارك هذه المرحلة بالهدوء وبالعقل وبأن نسعى لدى الجميع، سنّة كانوا أم شيعة أم مسيحيين بالهدوء لكي نستطيع أن نخرج من هذا النفق المظلم. اليوم نشق طريقاً شبيهاً بقناة المير بشير لكن أصعب بكثير». وأكد أن «علينا ألا نتحيز، نحن لسنا مع الشيعة ضد السنّة ولسنا مع السنّة ضد الشيعة ولسنا مع أي أحد، نحن مع الوطن مع السلم الأهلي مع العيش المشترك مع الدولة». وجدد قوله: «عندما اغتيل كمال جنبلاط، اتخذت قراراً صعباً ونسيت الموضوع ومحوته ومحوت الاغتيال من أجل المصلحة العليا الكبرى وهكذا صار. اليوم إذا أردنا ان نعدل تجاه رفيق الحريري، فكيف نفعل؟ نعدل تجاهه واتجاه رفاقه من جميع الملل والطوائف (يكون ذلك) بألا يسيل دم جديد على أرض الوطن. إذا سال دم جديد على أرض الوطن وإذا تقاتل أبناء الوطن هنا من أجل العدالة وهناك من أجل الحفاظ على المقاومة، فلا فائدة للمحكمة وللعدالة تجاه رفيق الحريري»، وتابع: «معاً سننجح في هذا الجبل بأن نساعد إخواننا في الوطن بأن يعقلوا لوأد الفتنة وسأعمل جاهداً مع الشيخ سعد الحريري والسيد حسن نصرالله ومع كل القيادات لوأد الفتنة، لأن إذا ما استفحلت الفتنة تدب الفوضى، وإذا ما دبت الفوضى فلن يعود هناك أي لبنان». وزاد جنبلاط: «ليس لها معنى المحكمة إذا سال الدم على الأرض اللبنانية، الصحيح اننا آنذاك طالبنا بالمحكمة الدولية ظناً منا بأن المحكمة ستعطي نتيجة»، مشيراً الى أن «المحكمة صارت خارجاً يحركونها كما يريدون، الآن يبدو انهم يريدون تحريك المحكمة تجاه الفتنة الداخلية، وما أدراكم ما الفتنة الداخلية بين المسلمين». وقال: «نحن يجب أن نكون سعاة خير في هذا الجبل، وتأكيد الوحدة الوطنية والتعايش مع المسلمين والمسيحيين وهذه هي واجباتنا، أي خطوة خارج هذا الإطار، أي حماسة أو توتر أو انفعال لا تؤدي الى شيء يقضي علينا وعلى ما تبقى منا».