بعد تنامي ظاهرة الإفلات من العقاب في ظل الأزمات السياسية والنزاعات المسلحة في بلدان كثيرة، بينها دول عربية عدة، بات الصحافيون أكثر عرضة لانتهاكات قد تصل الى حد القتل في بعض الحالات، في حين تراجعت حرية الإعلام في العالم خلال العام الماضي إلى أدنى مستوياتها في 12عاماً. وتحتفل الأممالمتحدة بعد غد الاربعاء، في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر)، باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، والذين يعانون من الترهيب والتعذيب والقتل. وبحسب ما ذكرت منظمة «مراسلون بلا حدود» ومنظمات غير حكومية عدة، فإن «منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تبقى المنطقة الأكثر خطورة وصعوبة على الصحافيين، لإمكان استهدافهم من قبل القوى المتنازعة أو التنظيمات الإرهابية»، وخصوصاً في العراق وسورية والسودان وليبيا واليمن، حيث تدور نزاعات دموية. وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها العالمي عن العام 2015 والصادر هذا العام، إن عشرات الصحافيين لا يزالون رهن الاعتقال التعسفي في سورية، فيما أعلن «المركز السوري للحريات الصحافية» مقتل 376 صحافياً سورياً خلال الأعوام الخمسة الماضية، منهم من قضى تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري، ومنهم من مات تحت القصف. أما في اليمن، فيستهدف الحوثيون منتقديهم من الصحافيين، بحسب المنظمة التي أوضحت أنه تم تسجيل هجمات على وسائل إعلامية عدة، إضافة الى تعرض صحافيين للضرب والاعتقال التعسفي. وأفادت "هيومان رايتس ووتش" بأن حكومة إقليم كردستان وقوات الأمن العراقية تستهدف الصحافيين في العراق وتعتقل منتقدين لها وتلاحقهم قضائياً، مشيرة إلى ان أشخاصاً زعموا بأنهم من «الحشد الشعبي» تعرضوا لصحافيين بالضرب، بالإضافة إلى إقدام تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) على إعدام 17 صحافياً العام الماضي، بحسب ما أعلنت الأممالمتحدة. وتستمر الجماعات المسلحة في ليبيا في مضايقة الصحافيين، والاعتداء عليهم وقتلهم. ووثقت «مراسلون بلا حدود»31 هجوماً فردياً ضد صحافيين في العام 2015 في هذا البلد. وفي السودان، قالت المنظمة إن السلطات واصلت فرض قيود على وسائل الإعلام، واعتقلت عدداً من الصحافيين، وصادرت أعداداً مطبوعة من أكثر من 24 صحيفة. وفي سياق متصل، أظهرت إحصاءات أجراها «المعهد الدولي لسلامة الصحافيين» أن البلدان الخمسة الأكثر خطراً على حياة الصحافيين هي أفغانستان يليها العراق ثم المكسيك، فيما تحتل اليمن المركز الرابع تليها غواتيمالا. وأكد المعهد مقتل 74 صحافياً في العالم منذ بداية العام الحالي إما طعناً أو بتفجيرات أو تحت التعذيب أو رمياً بالرصاص، موضحاً أن 22 منهم لقوا حتفهم في أفغانستان، كما قتل 22 آخرون في العراق وسبعة صحافيين في اليمن. وتراجعت حرية الإعلام في العالم العام الماضي الى أدنى مستوياتها خلال 12عاماً، بحسب ما قالت منظمة «فريدوم هاوس» غير الحكومية في تقرير بعنوان «حرية الإعلام» صدر هذه السنة، موضحة أن ذلك يرجع إلى إمعان بعض الأنظمة السياسية وجماعات الجريمة المنظمة والتشكيلات الإرهابية في اسكات صوت الإعلام من أجل ترسيخ سلطتهم. وأوضحت المنظمة أن 13 في المئة فقط من إجمالي سكان العالم يتمتعون بحرية الصحافة، في بلدان يحظى فيها العمل الصحافي ببيئة آمنة ومواتية، بينما يعيش 41 في المئة من سكان العالم في حرية إعلامية جزئية، في حين لا يحصل 46 في المئة منهم على اي حرية إعلامية إطلاقاً. وبحسب التقرير فإن أكثر بلدان العالم التي شهدت تراجعاً في مستوى حرية الإعلام هي بنغلادش وتركيا وبوروندي وفرنسا واليمن ومصر وصربيا ومقدونيا وزيمباوي. واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2013، تاريخ 2 تشرين الثاني، يوماً لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، إحياءاً لذكرى اغتيال صحافيَين فرنسيَين في مالي في العام نفسه.