بدأت معالم تحالف دولي تتشكلّ من منظمات حقوقية وناشطين في حقوق الإنسان للتعجيل بمحاكمة نوري المالكي وعدد من المتورطين معه بتهمة ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد أبناء الشعب العراقي. وتجري حالياً أطراف هذا التحالف اتصالات مكثفة مع المؤسسات القانونية في كندا وأميركا وبريطانيا وبلجيكا وسويسرا وفي بلدان أوروبية أخرى لتهيئة كل المستلزمات الكفيلة باعتقال ومحاكمة نوري المالكي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق شعب العراق من قتل وتهجير وتدمير المدن وإخفاء قسري للمعارضين فضلاً عن سجن وتعذيب الأبرياء في سجون علنية وسرية وأخرها سجن مطار المثنى الرهيب.وإضافة إلى لمالكي تتضمن قائمة المتهمين أسماء أخرى من أبرزها باقر (بيان جبر) صولاغ، وزير المالية الحالي، والوزير السابق لوزارة الداخلية الذي عرف بأنه أول من استخدم أسلوب التعذيب بالدريل الكهربائي في العراق والمنطقة عموماً، وإبراهيم الجعفري، وهادي العامري، وأحمد الجلبي وموفق الربيعي وسعدون الدليمي وعبد القادر العبيدي، ووزراء آخرين وأعضاء برلمانيون وتطول القائمة لتشمل قادة عسكريين وضباط أمن كبار وقادة وضباط ومراتب في جهاز الشرطة. وفي نفس الوقت يسعى التحالف وبالإشتراك مع شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية لحمل المفوضية السامية لحقوق الانسان في الأممالمتحدة لتشكيل لجنة دولية للتحقيق بارتكاب المالكي وأركان نظامه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وصولاً إلى تشكيل محكمة جرائم حرب دولية لمحاكمتهم.وتؤكدّ الخبيرة الحقوقية (مارلين أيزنهايفر) إننا نسعى أيضاً إلى تحقيق دولي كفء ومستقل لأن السلطات العراقية دأبت بصورة متكررة على التعهد بالتحقيق في حوادث التعذيب وغيره من صنوف الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان لكننا لم نرى لحد الآن تقريراً عن أي من هذه التحقيقات ولم نسمع عن معاقبة أي من المرتكبين ولقد أدى ذلك إلى تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب على نطاق واسع. بل إن وزارة حقوق الإنسان، تحاول التقليل من حجم الجرائم التي ترتكب مما يعني اشتراكها في هذا الجرائم وبالتالي يضيف أسم الوزيرة إلى قائمة المتورطين. وعن آليات العمل تقول أطراف في هذا التحالف أنهم سيسلكون كل السبل للقبض على المتهمّين بما في ذلك استدراجهم في زيارات رسمية أو عائلية لدول غربية. وإنه لا يمكن لأي منهم التذرّع بالحصانة فالمتهم في هذه الجرائم لا يملك أي حصانة فضلاً عن وجود قرارات قضائية عراقية لا تأخذ بمبدأ الحصانة في مثل هذه الاتهامات كما جرى أثناء محاكمة رئيس وأركان النظام السابق والتي صدّق عليها المالكي شخصياً. ويأتي هذا التحرّك بعد أسابيع قليلة على آخر فضيحة تهزّ أركان نظام المحاصصة الطائفية الذي أنشأ كنتيجة من نتائج الاحتلال والتي تمثّلت بافتضاح أمر أحد السجون السرّية الذي يرتبط بمكتب المالكي ويعتبر المالكي شخصياً المسؤول الأول عن ما أرتكب فيه من جرائم تعذيب مروعة. وتؤكدّ المنظمات التي تتولى متابعة الموضوع أن ظاهرة السجون السرّية في العراق هي واحدة من أسوأ الانتهاكات التي ترتكب في حق الشعب العراقي وهنالك معلومات عن وجود مئات السجون السرّية، وربما هذا ما يفسرّ اختفاء ألاف الأشخاص خلال السنين الماضية ولم يظهر أي أثر لهم. فالمئات بل الألوف تعرضّوا للموت البطيئ والقتل والإعدامات بدون محاكم، وجرى بيع وتبادل معتقلين بين المليشيات، وحتى بيعت جثامين شهداء التعذيب لذويهم مقابل مبالغ طائلة. وبالتالي فأن هذه الجريمة (الاختفاء القسري) هي إحدى الجرائم التي سيحاكم عليها أركان النظام باعتبارها جريمة حرب، كما أنها جريمة ضد الإنسانية لحدوثها على نطاق واسع ومنتظم. وليس في السجون السرّية فقط، إنما في كل السجون الموجودة الآن، فأن عمليات التعذيب تمارس على نطاق واسع وبصورة منتظمة وهو ما يمثّل جريمة حرب لا تسقط بالتقادم ويمكن المحاكمة عليها في معظم بلدان العالم طبقاً لعالمية الاختصاص القضائي في مثل هذه الجرائم. وهنالك أيضاً جرائم الاغتصاب، وإجبار المعتقلين على اللواط، إضافةً إلى التعذيب أمام الأب أو الابن أو الزوجة أو الأخت أو الزوج أو الأخ للإجبار على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها. وإن المستهدف فيها همّ خيرة أبناء العراق، من ضباط وعلماء وكوادر عالية الكفاءة من كل مدن العراق وقراه، من كل عرق ومذهب ولون،كما تنشط أطراف أخرى من التحالف بتهيئة شهادات عن مختلف الانتهاكات والخروقات وتهيئة ملفات متكاملة تبين فداحة الانتهاكات، وخطورة الجرائم المرتكبة. وفي هذا الصدد عرض خبير سابق في المحكمة الدولية ملفاً يحوي على تفاصيل جريمة الزركة التي ارتكبتها قوة عراقية بأمر من المالكي شخصياً وأدت إلى قتل ما لا يقل عن ألف مدني بينهم نساء وأطفال في غضون دقائق معدودة في مستهل عام 2007، وذلك بعد أسابيع على توقيع المالكي على حكم إعدام الرئيس صدّام حسين بتهمة إعدام أقل من ربع هذا العدد في الدجيل رغم أن ذلك كان بمحاكمة في حين أن ما قام به المالكي كان عملاً حسب ما تؤكدّه وثائق من مكتبه عن سبق إصرار وترصد لهذه المجاميع فجرى اغتيالها في وضح النهار بحجة سيرها باتجاه النجف للقيام بأعمال شغب في حين كان يمكن إيقاف تظاهرتها واعتقال من تريد السلطات اعتقاله. وتقول هيومان رايتس ووتش، ما حدث في المثنى مثال على الانتهاكات المشينة التي يقول قيادات العراق إنهم يريدون أن ينسوها، وكل من تورط في الانتهاكات، من القمة إلى القاعدة، يجب أن يُحاسب. وأكدت "إن المحتجزين في مركز احتجاز سرّي في بغداد تعرضوا للتعليق من أرجلهم وحُرموا من الهواء وتعرضوا للركل والضرب بالسياط والأيدي، والصعق بالكهرباء والاغتصاب. وطالبت بمقاضاة جميع المسؤولين الحكوميين والأمنيين الضالعين في هذه القضية".