بدت أمور صناعة أجهزة القارئ الإلكتروني شديدة السهولة لعيني شركة «أمازون. كوم» Amazon.com الشهيرة، ومقرّها مدينة «سياتل» الأميركية. إذ افتقر جمهور الكومبيوتر والإنترنت إلى أداة طيّعة ومتخصّصة لقراءة الكتب، بحيث تحمل مزايا قراءة المطبوعات الورقية، ولا تغرق في التقنيات الرقمية وتفرّعاتها. هكذا جاءت الولادة الأولى للكتاب الإلكتروني «كيندل» Kindle. وبصورة دائمة، حرصت «أمازون» على جعله قريباً من تجربة قراءة الورق، خصوصاً شاشته الكاتمة للضوء، بمعنى أن الضوء لا يوّلد التماعاً عليها، حتى لو كان نور الشمس. غواية الحقوق الفكرية زاد في إغواء السهولة، أن «أمازون» تمتلك حقوق الملكية الفكرية لملايين الكتب، إضافة إلى صلاتها القوية بشبكات صناعته وتوزيعه وحقوقه وغيرها. سرعان ما أصبحت مخزناً رقمياً لبيع الكتب المُعدّة للقراءة على شاشة «كيندل»، مع العلم بأن الكتب التي توضع في ملفات «بي دي أف» pfd تصبح قابلة للقراءة عليها أيضاً. وللوصول إلى هذه الميزة، عقدت «أمازون» اتفاقية شبه حصرية مع شركة «آدوبي» Adobe التي تصنع «بي دي آف» والبرامج التي تتعامل معها. واستباقاً، أدى هذا الأمر إلى إرباك شركة «آبل» عندما أطلقت جهازي «آي باد» و «آي فون» الشهيرين، لأن «آدوبي» رفضت أن تعطيها أذونات باستعمال منتجاتها، ما أفقد هذين الجهازين القدرة على قراءة ملفات «بي دي أف» بصورة سلسلة. ثم احتدمت معارك الكتاب الإلكتروني، خصوصاً بعد أن أطلقت شركة «سوني» جهازاً لقارئة الكتب الإلكترونية»، سمّته «ريدر» Reader. حدث تطوّر مفاجئ مع ظهور «آي باد»، إذ صنعت شركة «آبل» مخزناً إلكترونياً، اسمه «آبس ستور» Apps Store، يحتوي آلاف الكتب القابلة للقراءة على هذا الجهاز، خصوصاً الكتب التي لا تُشكّل حقوق الملكية الفكرية عقبة فيها، كتلك التي يتولاها مشروع «غوتنبرغ» العالمي Guttenberg Project، إضافة إلى أنها نسجت شبكة من العلاقات مع صُنّاع الكتب عالمياً. وبديهي إن هذه الكتب قابلة للقراءة على شاشة «آي فون» أيضاً. زادت الصورة تعقيداً مع مشروع مكتبة إلكترونية شبه خرافية، تحمل اسم «غوغل بوكس» Google Books التي تسعى لوضع ملايين الكتب على هيئة ملفات رقمية متنوّعة، على موقع محرّك البحث الشهير «غوغل». وبذا، صارت الإنترنت ساحة للصراع على الكتاب الإلكتروني، عبر توافر الكتب في مخازن إلكترونية مخصّصة للخليويات الذكية وشاشات الاتصال الواسعة مثل «آبس ستور» و «أوفي ستور» Ovi Store و«ماركت» Market. يملك المخزن الأخير أهمية خاصة لأنه يعتمد تقنية ال «آندرويد» المستعملة في أجهزة ذكية متنوّعة. وصعدت هذه المعركة إلى مستوى أشد احتداماً مع انتشار تقنية «حوسبة السحاب»Cloud computing. إذ تدعو هذه التقنية إلى وضع البيانات والمعلومات والملفات الرقمية كافة، سواء التي يصنعها الجمهور أم التي تملكها الشركات والمؤسسات، على الإنترنت. وانطلقت هذه التقنية بمبادرة من «غوغل»، وهو عملاق محركات البحث على الشبكة الإلكترونية الدولية. وبديهي القول إنها تدعم مشروع مكتبته الرقمية «غوغل بوكس». بقول آخر، باتت «حوسبة السحاب» بُعداً مستجداً في معركة الكتاب الإلكتروني، يرى بعضهم أنه قد يحدّد مصير هذا الكتاب ومستقبله.