تسعى القوات العراقية إلى تطويق «داعش» داخل الموصل، وسجلت في اليوم الأول لمعركة استعادة المدينة تقدماً على مختلف الجبهات، مؤكدة سيطرتها على 200 كيلومتر مربع، ووصولها إلى حي الحمدانية، وسط تكهنات متضاربة عن إمكان اختيار التنظيم الانسحاب باتجاه الصحراء. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن العملية «تحقق أهدافها». إلى ذلك، بدت مواقف الأطراف العراقية المشاركة في المعركة متطابقة، إذ أعلن رئيس إقليم كردستان أن «التنسيق مع الجيش رائع»، وقال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن الحملة العسكرية لاستعادة المدينة «توحد العراقيين»، فيما جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأكيده أن قواته الموجودة في سهل نينوى ستشارك في المعركة، وأرسل وفداً إلى بغداد، لكن رئيس الوزراء حيدر العبادي رد عليه خلال اجتماعه أمس مع السفراء العرب في بغداد، ودعاه إلى سحب هذه القوات «لأن العراق ليس خاضعاً» لأنقرة وانتشارها في أراضيه «ليس نزهة». وأعلنت قيادة البيشمركة امس «إنه بعد بضع ساعات من انطلاق الهجوم، تمت السيطرة على تسع قرى في محور الخازر شرق الموصل، وهي، باصخرة، وترجلة، وبازكرتان، وشيخ أمير، وبدنة الكبرى، وبدنة الصغرى وكبرلي وشاقولي، مشيرين إلى بلوغ مشارف قضاء الحمدانية وناحية برطلة في سهل نينوى، على بعد نحو 12 كلم شرق مركز الموصل». وأكدت القوات العراقية أن الفرقة المدرعة التاسعة تمكنت من تحرير قرى إبراهيم الخليل والعدلة وجهارة وكبيلة والحميدية وجديدة وبلاوات وكاني حرامي وتوقفت اليوم عند آخر قرية هي قرية الشهيد صبحي في ناحية النمرود، جنوب شرقي المدينة. وقال بارزاني خلال مؤتمر صحافي عقده في الجبهة إن «المعارك تجري وفق المخطط، وحققنا نجاحاً، بعدما تمكنت البيشمركة التي تختلط دماؤها، للمرة الأولى، بدماء القوات العراقية، من تحرير مساحة تقدر بنحو 200 كلم مربع في أقل من 24 ساعة». وكان العبادي أعلن بعد منتصف ليلة أول من أمس انطلاق معركة الموصل، وفور الإعلان شنت القوات المشتركة وطائرات التحالف الدولي غارات وعمليات قصف أرضية باتجاه مواقع «داعش». وبدا لافتاً تأكيد العبادي أن الجيش والشرطة العراقيين هما فقط من سيدخل الموصل، مطمئناً بذلك الخائفين من «مشاركة الحشد الشعبي»، وأفادت معلومات بأن تلك القوات أسند إليها دور في منطقة تلعفر، إلى الغرب من المدينة، والوصول إلى هذه المنطقة يحتاج إلى المزيد من الوقت. ويقول عسكريون أكراد إن «قوات البيشمركة ستسيطر على معظم مناطق شرق نينوى خلال أيام، وستتوقف هناك وتترك للجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب مسؤولية اقتحام الموصل». المسؤولون العسكريون أنفسهم لا يستطيعون تحديد زمن لإكمال تحرير الموصل، بسبب الطبيعة المعقدة لجغرافيا المدينة، وحجم السكان الكبير في أحيائها، ولكن السبب الأهم هو عدم معرفة نيات «داعش»، هل سيختار القتال وسط الأحياء السكنية ما يمكن أن يتسبب بخسائر بشرية كبيرة، أم سينسحب مثلما فعل في تكريت والفلوجة والرمادي والشرقاط من دون مقاومة كبيرة؟ ولن تعرف مخططات التنظيم قبل أيام على الأقل. والخيار الثاني أمام «داعش» مطروح في الأوساط العسكرية والسياسية التي تشير إلى أن خطط المعركة اختارت دفع التنظيم باتجاه الغرب من الموصل في اتجاه صحراء الجزيرة، ومنها إلى الحدود السورية، حيث تتوافر مساحات مفتوحة ومقاتلته هناك، بدلاً من تطويقه وإجباره على القتال داخل الأحياء. سياسياً، أصدر معظم المسؤولين العراقيين بيانات حماسية تحية للجيش وحضّوا أهالي الموصل على التزام منازلهم، فيما أبدت دول مختلفة آمالها بتحرير الموصل من دون إراقة دماء الأهالي. وأعرب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن مخاوفه من دخول ميليشيات إلى المدينة وارتكاب «حمامات دم».