يقول المثل القديم «لا دخان بلا نار»، وهو ما ينطبق على هيئة الاستثمار مع الإعلام، فهي تريد أن توهم الناس بأن هناك حملة ضدها، والواقع يقول بأن هناك خللاً ما في آلية عملها يجب تصحيحه بدلاً من المكابرة، خصوصاً أن هذه المكابرة اتخذت أشكالاً بعيدة كل البعد عن المهنية التي يتطلبها عمل جهة لها طابع العالمية. بداية نؤكد لمسؤولي الهيئة بأن كتّاب الصحف لا يمكن بأي حال أن ينتقدوا جهة ما بشكل شبه جماعي من دون سبب مقنع، ولو افترضنا ان أحدهم له قضية مع الهيئة فقد يكتب، ولكن يصعب عليه أن يجرف معه نخبة من حملة القلم للفزعة، فهذا من المحال، كان الأولى بالهيئة أن توضح آلية عملها بشكل لا يقبل اللبس، وأن تفند بعض الإدعاءات التي وردت في مقالات بعض الزملاء، خصوصاً أن هناك أمراً صريحاً يُلزم جميع الجهات بالرد على ما يُكتب عنها، ولكنها بدلاً من ذلك حاولت تكميم أفواه الكتّاب بشكل استثنائي، وعندما أدرك مسؤولوها استحالة ذلك سلكوا طريقاً أبعد ما يكون عن المهنية، فقد أوعزوا لبعض موظفيهم أن يكتبوا عنها، وكان أكثر الأمور غرابة أنهم استعانوا بصديق «مستعجل ومدور عيشه» يكتب في إحدى الصحف وكنا نظنه في ما مضى متمكناً، ولكننا صدمنا ونحن نراه يطفئ الأنوار وينطلق بأقصى سرعة - في مقال ركيك - مدافعاً عن الهيئة بشكل غير علمي ومسفهاً زملاءه الكتاب، كيف فات عليه وعلى الهيئة الموقرة أن صدقية الكاتب تكون في مهب الريح اذا كان هو أو أحد أقربائه من الدرجة الأولى - وضمير المذكر هنا يمكن أن يكون مؤنثاً - يعمل أو يتعاون مع الجهة التي يكتب عنها؟ ألم يكن الأولى بالهيئة أن تتحاشى أن يكتب عنها مادحاً من قضى صيفاً كاملاً في أحد أعرق الجامعات الأوروبية مستفيداً من كرمها اللامحدود؟ إن الاتهامات التي وجهت للهيئة تشمل حرمان المواطن من فرص استثمارية وإعطاءها على طبق من ذهب للأجنبي المقيم بالوطن، ما جعل هذا الأخير يتحول من «عامل وافد» إلى رجل أعمال لا يكتفي باستقدام أقربائه من بلده، وإنما يحول كل ما يحصل عليه من خيرات إلى وطنه الأصلي! ولا ننسى أن المملكة أصبحت موئلاً للأغنياء الأجانب، بحسب التقارير الأخيرة، إذاً وبدلاً من أن تسهم الهيئة في استقطاب الأموال من الخارج لخلق فرص وظيفية للمواطنين، أصبحت تصنع أغنياءً جدداً من الأجانب المقيمين بالوطن، وتزيد على ذلك بأن تمنحهم فرصة الإفادة لمن يعز عليهم من أحبابهم! لا أحد يفهم حتى الآن لماذا تتهرب الهيئة من إصدار بيانات واضحة عن أسماء المستثمرين وجنسياتهم والمجالات التي حصلوا بموجبها على تراخيص لمزاولة النشاط التجاري، خصوصاً أننا صدمنا ببيانات أعلنتها إحدى الأمانات عن استثمارات بمجالات أقل ما يقال عنها إنها مضحكة، وقد تطرق لها أكثر من زميل من كبار الكتاب، ثم إننا نعلم عن رواتب الوزراء وموظفي المراتب العليا من المدنيين والعسكريين، فما المانع من أن يبادر الزملاء في الهيئة إلى إعلان أسماء ورواتب كبار الموظفين فيها، فنحن نعرف وهم يعرفون أن هذا ليس سراً يجب كتمانه، بل إن الإعلان عنه سيزيد من صدقيتها ويلجم كل من اتهمها، ومثله المعلومات المتعلقة بمكاتبها بالخارج – المسؤولة على ما يبدو عن جلب الاستثمارات الأجنبية - وما يقال عن موازنتها ومناسباتها الباذخة. على منسوبي الهيئة أن يدركوا أن الدين لله والوطن للجميع، وأن من يتولى مسؤولية وطنية فإنه معرض للنقد، كما أن عليهم أن يعلموا أن هذه الهيئة ليست شركة خاصة، بل مؤسسة أنشئت لخدمة الوطن والمواطن الذي عندما نكتب فإننا نحاول أن نكون صوتاً له، وواجب المسؤول في هذا الصدد هو التجاوب، لا الاستكبار والتعالي ومحاولة تكميم الأفواه واستئجار الأقلام للدفاع عن ما ترى الغالبية الساحقة أنه خطأ. [email protected]