نشر الجيش المصري في اليومين الماضيين أكثر من 20 فيلماً دعائياً عن حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 تناولت خطط الإعداد للحرب وتكتيكاتها وشنها، واحتوت شهادات عن التخطيط للمعركة كُشف عنها النقاب للمرة الأولى لقادة الجيش إبان الحرب بدءاً من وزير الدفاع المشير أحمد إسماعيل، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سعد الدين الشاذلي، ورئيس هيئة العمليات المشير محمد عبدالغني الجمسي، ومدير الاستخبارات الحربية اللواء إبراهيم نصار. الأفلام الدعائية التي أنتجتها إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة ردت بعضها في شكل صريح على بعض التحليلات التي تقول إن مصر حققت في حرب أكتوبر «نصف انتصار»، إذ نقلت شهادات قادة الجيش الإسرائيلي عن تلك الحرب وحجم «الصدمة» التي مُني بها العدو. وشرح فيلم تسجيلي كيف أن «ثغرة الدفرسوار» التي فاخر بها الإسرائيليون أثناء الحرب ما هي إلا «محاولة فاشلة لاستعادة الروح المعنوية بين الجنود وبين الشعب الإسرائيلي». الأفلام التي تُبث على مدار اليوم في مختلف القنوات التلفزيونية المصرية العامة والخاصة، تُظهر في شكل جلي حجم البطولات والتضحيات التي قدمها ضباط وجنود القوات المسلحة لتحرير سيناء، ففيها يروي اللواء عبدالتواب هديب مدير المدفعية بين عامي 1968 و 1980 قصة استشهاد رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق عبدالمنعم رياض في آذار (مارس) من العام 1970 لما أصابته شظية جراء قصف مدفعي إسرائيلي خلال زيارته موقعاً أمامياً في الإسماعيلية بعد نزوله من سيارته بخطوتين فقط، وأحد هذه الأفلام خُصص لشهادات ضباط الجيش الذين حوصروا في «نقطة كبريت»، وهي موقع عسكري متقدم يقع قرب البحيرات المرة شرق قناة السويس، بين شهري تشرين الأول (أكتوبر) 1973 و كانون الثاني (يناير) 1974، وكيف قضوا أياماً بلا إمدادات حتى اضطروا لشرب مياه البحيرات المالحة، التي زادتهم ظمأ، فلجأوا لتقطيرها بأدوات بدائية أملاً في الحصول على رشفة مياه تُخفف قيظ الصحراء. تلك الأفلام الوثائقية ذكرت المصريين بأن التمهيد النيراني في الحرب كان أضخم حشد في تاريخ الحروب نفذه 2000 مدفع ولواء صواريخ أرض - أرض وعدد كبير من الدبابات فتحت نيرانها في وقت واحد على طول الجبهة ضد المواقع الإسرائيلية لمدة 53 دقيقة، وفي هذا اليوم نفذ الجيش المصري أكبر عملية عبور لمانع مائي في التاريخ ل 5 فرق مشاة على طول 170 كيلومتراً ب 1600 قارب مطاطي في 12 موجة عبور متتالية. تلك الدعاية المُكثفة عن «انتصار الجيش وبطولات قادته وضباطه وجنوده» أتت في مرحلة تواجه فيها القوات المسلحة «حملات تشكيك» لدورها في الحياة المدنية، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل نشطاء ومعارضين لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي لا يُخفي اعتماده على الجيش في معاونته لتحقيق خططه التنموية. والقوات المسلحة تُشرف على مشاريع الطرق وأنفاق قناة السويس واستصلاح الأراضي الصحراوية ومشاريع أخرى. وتدخل الجيش أخيراً لتوفير ألبان الأطفال المستوردة في الأسواق بأسعار مُحددة سلفاً، بعد أزمة خانقة عاشتها الأسر المصرية جراء ندرة تلك الألبان دفعت ببعضها إلى التظاهر في قلب القاهرة. وقوبل تحرك الجيش بموجة من الانتقاد والسخرية، على مواقع التواصل الاجتماعي استمرت أياماً عدة، ما استدعى تعليقاً من الرئيس السيسي، الذي انتقد «الهجمة الشرسة على القوات المسلحة وحملات التشكيك». وقال: «قلت للمجلس الأعلى للقوات المسلحة: لا خيار لديكم إلا أن تضعوا يدكم معي في إعادة بناء الدولة المصرية إضافة إلى مهمات الحفاظ على الحدود والأمن القومي». وفاخر قادة الجيش في ذكرى نصر أكتوبر بمستوى التسليح الذي وصلت إليه القوات المسلحة، والذي ظهر جانباً منه في مشهد وصول حاملة الطائرات الفرنسية «أنور السادات» من طراز «ميسترال» إلى المياه الإقليمية المصرية أمس، وهو المشهد الذي اهتم به الإعلام المصري إلى حد كبير. وحاملة الطائرات «أنور السادات» هي الثانية التي تحصل عليها مصر من فرنسا. وفتحت القوات المسلحة أمس المزارات والمتاحف العسكرية أمام الجمهور مجاناً حتى منتصف الشهر بهدف «نشر الوعي والثقافة العسكرية لدى الشباب وتعريفهم بالبطولات والتضحيات التي قدمها الشعب المصري وقواته المسلحة من أجل البلاد»، وفق ما أعلن المتحدث باسم الجيش العميد محمد سمير.