توتّر العلاقات الصينية - الأميركية يتعاظم، والقرينة الأولى هي إلغاء زيارة هوجينتاو، الرئيس الصيني المتوقعة الى واشنطن هذا الخريف. وينتشر أسطولا البلدين البحريان والعسكريان في مياه المحيط الهادئ الغربي الواحد بإزاء الآخر، ويراقبه عن كثب. ومنذ تموز (يوليو) تتوالى المناورات البحرية الأميركية المشتركة مع كوريا الجنوبية، وعلى نحو غير متوقع مع فيتنام. وفي الأثناء ينفذ جيش التحرير الشعبي (الصيني) «مناورات دفاعية» صممت، على وجه التحديد، جواباً عن السيناريوات الهجومية التي توسل بها البنتاغون في نزاع كوسوفو أو في الخليج. وهذا بعيد من سياسة المصافحة التي انتهجها باراك أوباما إبان زيارة الدولة التي قام بها الى بكين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، وأثارت تحفظات نتيجة التغاضي الأميركي عن تناول موضوعات الخلاف التقليدية. ومذ ذاك، تكاثرت المنازعات. فاضطر «غوغل» الى الانسحاب، وباعت واشنطن السلاح الى تايوان، واستقبل أوباما الدالاي لاما. وحين أغرقت كوريا الشمالية، في آذار (مارس) المنصرم، فرقاطة كورية جنوبية وقتلت بحارتها ال 46، رفضت الصين إدانة حليفتها. وردت واشنطن وسيول بإبراز مناوراتهما البحرية المشتركة وتسليط الضوء عليها. و«ازدانت» المناورات، وكان أولها في 25 تموز (يوليو) باشتراك حاملة الطائرات «جورج واشنطن»، استثنائياً، فيها. وعلق جنرالات صينيون متقاعدون في الصحف الرسمية على المناورات بقولهم: «هذه المناورات تجعل مدينتي بكين وتيانجين في مطال هجوم نووي. والاستفزاز لا يحتمل». وعمدت الإدارة الأميركية الى الإثارة، فأعلنت عن إجراء مناورات مشتركة مع فيتنام، عدو الأمس. وكانت هيلاري كلينتون استفزت غضب بكين، قبل شهر، حين أعلنت في ندوة «آسيان» (حلف دول جنوب شرق آسيا) الإقليمية. أن النزاع على بحر الصين الجنوبي بين الدول المشاطئة (ومنها فيتنام) ينبغي الاحتكام في حله الى المعاهدات الدولية وليس من طريق استعمال القوة أو التهديد. والقول يقصد الصين، وهي تطالب بالاعتراف بسيطرتها على البحار هذه كلها، ولا تنزل لجيرانها إلا عن هامش مياه إقليمية ضيق، وتصر على حسم الخلافات في إطار مفاوضات ثنائية. ويلاحظ ديبلوماسي أوروبي أن تصدر فيتنام تمرداً اقليمياً على بكين يبعث هذه على القلق وطوت هانوي صفحة الحرب المدمرة المنصرمة، ودعت واشنطن الى الإسهام في الأمن الإقليمي تفادياً لانفراد الصين بالقرارات الاستراتيجية، وحسمها المسائل المتنازعة على هواها. وصعد ضباط فيتناميون الى سطح «جورج واشنطن»، الراسية قبالة دانانغ، لأول مرة. وهذا الانقلاب خسارة ثقيلة تصيب استراتيجية بكين، وتحالفاتها، وخططها للسيطرة على دائرتها القريبة. * مراسلة، عن «لونوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية 19-25/8/2010، إعداد وضاح شرارة