تحدت كوريا الشمالية أمس، الولاياتالمتحدة بتأكيدها أنها لن ترضخ «للابتزاز» غداة تجربتها النووية الخامسة التي لقيت إدانة دولية واسعة، أهمها من مجلس الأمن الذي قرر بإجماع أعضائه ال15 وبينهم الصين، حليفة كوريا الشمالية، إعداد قرار جديد يفرض عقوبات جديدة على بيونغيانغ، بموجب المادة 41 من ميثاق الأممالمتحدة الذي لا يتضمن استخدام القوة المسلحة. وكتبت صحيفة «رودونغ سينمون» الكورية الشمالية: «ولى زمن ممارسة الولاياتالمتحدة ابتزازاً نووياً أحادي الجانب ضدنا، وهي غاضبة من الإجراءات العسكرية القوية التي اتخذناها تدريجاً». ووصفت الصحيفة الرئيسةَ الكورية الجنوبية بارك غيون هي بأنها «مومس قذرة للقوات الأجنبية»، وهاجمت إدانتها التجارب البالستية الكورية الشمالية خلال لقائها أخيراًَ الرئيس الأميركي باراك اوباما «بهدف تعزيز ردعها النووي لغايات تتعلق بالدفاع الذاتي». وأول من أمس، وصفت بارك التجربة النووية الكورية الشمالية بأنها «تدمير ذاتي» و «عمل استفزازي» سيزيد عزلة هذا البلد. وقالت في بيان: «لن تجلب التجربة النووية الجديدة لنظام كيم جونغ أون إلا مزيداً من العقوبات والعزلة، وسيزيد هذا العمل الاستفزازي سرعة تدميرها الذاتي». وأضافت أن هذه التجربة التي أكدت بيونغ يانغ نجاحها وقالت سيول إنها «الأقوى حتى اليوم»، تدل على «تهور» الزعيم الكوري الشمالي و «هوسه» في بناء ترسانة نووية رغم الانتقادات الشاملة». وصرح وزير الخارجية الكوري الجنوبي يون بيونغ سي، بأن القدرة النووية لبيونغيانغ «تتوسع سريعاً»، خصوصاً بعدما أعلنت أنها أتقنت القدرة على تركيب رأس حربي على صاروخ بالستي، وقال: «أثبتت التجربة أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون غير مستعد لتغيير مساره، وأن هناك حاجة لفرض عقوبات أكثر صرامة وتكثيف الضغط، ما يؤدي إلى ألم لا يحتمل في كوريا الشمالية في شكل لا يترك مجالاً إلا للتغيير». إلى ذلك، انقسمت وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية بين تشديد الرد الدولي أو تغيير الاستراتيجية المتبعة حيال تعنت كوريا الشمالية في شكل جذري. وتظاهر عشرات الكوريين الجنوبيين في سيول، وأحرقوا دمية للزعيم الكوري الشمالي، فيما انقسمت وسائل الإعلام الكورية الجنوبية بين تشديد الرد الدولي أو تغيير الاستراتيجية المتبعة حيال تعنت كوريا الشمالية في شكل جذري. وكتبت صحيفة «شوسون إيلبو» المحافظة: «يجب تطبيق استراتيجية لعزل كيم جونغ أون وزمرته في الداخل وإطاحتهم». أما صحيفة «هانكيوره» التي توصف بأنها يسارية، فرأت أن التجربة النووية الجديدة التي تأتي بعد ثمانية أشهر فقط على الاختبار السابق، «تعكس فشل استراتيجية العقوبات الدولية، والاعتماد على نظرية وهمية تشير الى أن الشمال على وشك الانفجار من الداخل». وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات مالية وتجارية قاسية منذ آذار (مارس) 2015، فُرضت بعد إجرائها تجربتها النووية الرابعة في كانون الثاني (يناير) من العام ذاته. وعملت واشنطنوبكين شهرين لصوغ هذا القرار، علماً أن فرض عقوبات جديدة تضاف أيضاً إلى منع تنفيذها أي نشاط نووي أو بالستي، أو مجرد تطبيق تلك المفروضة أصلاً، يحتم الاعتماد على إرادة بكين، وهو ما أكده وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بقوله إن «بكين تتحمل مسؤولية كبيرة في دفع بيونغيانغ إلى الامتثال». وعارضت الصين التجربة، لكن الناطقة باسم وزارة خارجيتها هوا تشونينغ لم تتطرق إلى احتمال تأييد بكين تشديد العقوبات على جارتها. وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز»: «كوريا الشمالية مخطئة في التفكير في أن تطوير أسلحة نووية سيمنحها مزيداً من الأمن أو المكانة في العالم». وزادت: «امتلاك كوريا الشمالية أسلحة نووية لن يضمن امتلاكها أمناً سياسياً. على العكس، إنه سم يخنق البلاد ببطء». وفي جنيف، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «نزعة المغامرة الخطيرة» لبيونغيانغ، لكنه أكد ضرورة «الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات قد تفاقم التوتر، وتضع المنطقة على شفير مواجهة مسلحة». وشدد على أن الأمر «قد يحتاج لما هو أكثر من عقوبات إضافية لحل الأزمة. ما زال الوقت مبكراً لدفن المحادثات السداسية التي توقفت عام 2008، ويجب أن نبحث سبل السماح باستئنافها»، علماً أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري عرض مرات إجراء محادثات مع كوريا الشمالية شرط أن تقبل بيونغيانغ نزع السلاح النووي، وهو ما ترفضه الأخيرة. وبعدما تحدث هاتفياً مع الرئيسة الكورية الجنوبية ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، قال الرئيس أوباما إنه «سيعمل مع مجلس الأمن والأسرة الدولية لفرض تطبيق القرارات السابقة بقوة، واتخاذ إجراءات إضافية مهمة خصوصاً عقوبات جديدة».