حين تباهى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو قبل شهر، في رسالته الى المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيو 1948)، بالعدد الكبير من الأكاديميين، من أطباء وصيادلة ومحامين، أغفل حقيقة أن معظمهم درسوا خارج إسرائيل، بسبب شروط القبول الصعبة التي تضعها الجامعات أمام الطلاب العرب، خصوصاً الراغبين بدراسة الطب، وامتحان الدخول التعجيزي المسمى «علم الأقيِسة السيكولوجية – سيكومِتْري» . ويشكل الأطباء العرب في إسرائيل أكثر من ثلث الأطباء، على رغم أن نسبة العرب لا تتعدى 20 في المئة من عدد السكان، علماً أن هذه النسبة مرشحة للارتفاع مع انتشار آلاف طلاب الطب في جامعات خارج إسرائيل، خصوصاً في الأردن (نحو 4 آلاف) ومولدوفا ورومانيا وأوكرانيا وألمانيا وإيطاليا و...الضفة الغربيةالمحتلة. وتشكل الجامعات الفلسطينية في الضفة «بديلاً» لجامعة ذات إدارة عربية وعدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، العرب في الداخل منذ سنوات طويلة لكنها لم تر النور. وشهدت السنوات الأخيرة قفزة كبيرة في عدد الطلاب الفلسطينيين من الداخل الملتحقين بالجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، مثل جامعة الخليل وجامعتي النجاح وبيرزيت في نابلس ورام الله، لكن تحديداً في الجامعة العربية الأميركية في جنين التي تأسست عام 2000 بالتعاون مع جامعة ولاية كاليفورنيا (California State University) كأول جامعة فلسطينية خاصة تتبع المنهج الأميركي في التعليم، إذ قفز عدد طلاب فلسطينيي الداخل من 252 عام 2011 إلى أكثر من 4 آلاف هذا العام، يشكلون 45 في المئة من عدد طلاب الجامعة. وتدرس غالبية الطلاب في جنين طب الأسنان (20 في المئة) والطب المساعد والتمريض والعلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي والمختبرات والأشعة ومواضيع طبية أخرى، فيما يختار مئات الطلاب جامعة النجاح لدراسة الطب العام. ويعزو الرئيس السابق للجامعة العربية الأميركية في جنين، ومستشار مجلس الإدارة حالياً الدكتور محمود أبو مويس، في حديث ل «الحياة» ارتفاع عدد فلسطينيي الداخل إلى نسبة نجاح خريجي الجامعة في اجتياز امتحان الحصول على شهادة رسمية لمزاولة المهنة من السلطات الإسرائيلية، المعروف ب «امتحان الدولة»، مضيفاً إلى ذلك «الحضن الدافئ» الذي توفره لفلسطينيي الداخل «الذين يتلقون المعاملة والتسهيلات والمنح ذاتها أسوةً بإخوتهم من الشق الآخر لشمال فلسطين»، فضلاً عن انفتاح الجامعة لاحتياجات العرب من الداخل لتخصصات يرغبون في دراستها، ما أدى إلى ارتفاع عدد الكليات في الجامعة إلى سبع. ويشير طلاب إلى أن عقبة «امتحان السيكومتري» التي تضعها الجامعات الإسرائيلية هي العامل الرئيسي في توجههم إلى جنين، فضلاً عن القرب الجغرافي للجامعة من مكان سكناهم في الداخل. فجنين لا تبعد عن بلدات الداخل أكثر من نصف ساعة، ولا يفصل بينها وبين هذه البلدات سوى حواجز الاحتلال. ويقول الطالب في كلية طب الأسنان (سنة رابعة) مارون بحوث، إن السبب الرئيس لالتحاقه بجامعة جنين هو «السمعة الطيبة للجامعات الفلسطينية وفي مقدمها الجامعة العربية الأميركية، إذ إن مستوى التعليم العالي فيها يضاهي المستوى في إسرائيل»، إضافة الى «سهولة التواصل مع العائلة وعدم الشعور بالغربة، إذ نقضي نهاية كل أسبوع في البيت»، فضلاً عن التناغم التام بين الطلاب الفلسطينيين من طرفي «الخط الأخضر».