تتسارع التطورات السياسية الداخلية في إسرائيل في ظل انزياح الشارع إلى مزيد من التطرف، على نحو يصبح فيه ما اعتبر حتى الأمس القريب من مشاريع تستهدف فلسطينيي عام 1948 مجرد ضرب من الهذيان، كما كان يحلو لقباطنة الدولة وصفه، «مشروعاً شرعياً» يجدر بحثه وتبّنيه، كما هو الحال الآن مع مشروع زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني التطرف الذي يتزعمه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان القاضي ب «تبادل سكان وأراض» مع السلطة الفلسطينية يتيح لإسرائيل «التخلص» من نحو نصف مليون فلسطيني، سكان البلاد الأصليين، في موازاة ضم عدد مماثل من المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى تخوم إسرائيل، فتتعزز بذلك الغالبية اليهودية في إسرائيل التي تعيش منذ سنوات كثيرة مهووسة باختلال الميزان الديموغرافي. ويبدو أن مشروع ليبرمان هذا غدا «مشروعاً رسمياً» جاهزاً في درج حكومة إسرائيل، وفي مركز أجندة مؤسستها الأمنية، وتتحين الفرصة لتنفيذه، وتعطي أوامرها لأذرع الأمن للتدرب على تنفيذه، إذ كشفت الإذاعة العامة أمس أن هذه الأذرع أنهت أول من أمس تدريباً واسع النطاق حاكى سيناريوات مختلفة لتظاهرات عارمة وغاضبة في البلدات العربية في أنحاء إسرائيل تعقب اتفاقاً مع السلطة الفلسطينية بنقل بلدات عربية داخل إسرائيل مع سكانها إلى حدود الدولة الفلسطينية (في مقابل ضم إسرائيل الأراضي المقامة عليها مئات المستوطنات في محيط القدس والضفة الغربية مع مئات آلاف المستوطنين فيها). وكان لافتاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لم يتنصل الأسبوع الماضي من أقوال ليبرمان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي التي طرح فيها على الملأ مشروع «تبادل السكان والأرض»، واكتفى في بيان أصدره بالقول إن ليبرمان لم ينسق معه المواقف التي صرح بها في نيويورك. وأفادت الإذاعة أن التدريبات حاكت أيضاً احتمال قيام حركة «حماس» بتنفيذ عمليات تفجير داخل إسرائيل احتجاجاً على الاتفاق. كما شملت سيناريوات تتعلق باحتمال قيام «حماس» بالسيطرة على الحكم في الضفة المحتلة. وتابعت أن التدريب حاكى إقامة معسكر اعتقال في أحد مفترقات الطرق الرئيسة شمال مدينة الناصرة لزج معتقلين من المتظاهرين العرب في إسرائيل، كما تناول إخلاء سبيل معتقلين فلسطينيين من أراضي عام 1967 زج بهم في السجن باعتبارهم «مقيمين غير شرعيين» (نحو 1500 سجين)، وذلك بهدف توفير أمكنة لمعتقلين سيتم اعتقالهم أثناء التظاهرات. وذكرت المراسلة العسكرية للإذاعة كرميلا منشي أن سلطة السجون الإسرائيلية هي التي أشرفت على التدريب وشاركت فيه قوات كبيرة من الشرطة والشرطة العسكرية وقوات الإطفاء وغيرها من أجهزة الأمن الإسرائيلية. وفي موازاة هذا التدريب، تم التدرب أيضاً على مواجهة محاولات من «حماس» للسيطرة على الضفة على غرار سيطرتها على قطاع غزة قبل أكثر من أربعة أعوام، واستئناف العمليات التفجيرية وانتفاضة داخل السجون الإسرائيلية واحتمال تعرض هذه السجون إلى قصف صاروخي من القطاع. كما حاكى التدريب احتمال محاولة أسرى جنائيين الهرب من السجون وملاحقة مروحيات الشرطة لهم لاعتقالهم، وشمل التدريب سيناريوات خطف سجّانين واحتجاز رهائن.