روسيا تعلن السيطرة على بلدتين جديدتين في أوكرانيا    النيابة العامة السعودية والأردنية توقعان مذكرة تعاون لتعزيز مكافحة الجريمة والإرهاب    القبض على (5) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (90) كجم "قات"    المملكة توزع 724 سلة غذائية و724 حقيبة صحية في مدينة سرمدا بمحافظة إدلب    المسعودي يُوقِّع «الاتصال المؤسسي.. المفهوم والاتجاهات الحديثة» في «كتاب جدة»    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    "مالك الحزين" يتواجد بمحمية الملك سلمان الملكية    صورة الملك تستوقف معتمرا بوسنيا    نائب رئيس نيجيريا يغادر جدة    غداً "رينارد" يعقد مؤتمراً صحفياً عن مواجهة الأخضر والبحرين    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    ولي العهد يجري اتصالاً هاتفياً بملك المغرب للاطمئنان على صحته    الشؤون الإسلامية بجازان تنفذ ورشة عمل بمحافظة صبيا    مدير عام الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد مسجد العباسة الأثري بمحافظة أبي عريش    %20 من المستثمرين شاركوا في الاكتتابات العامة بالمملكة    وزارة التعليم تنظم ورشة عمل "المواءمة مع التغيير والتحول في قطاع الخدمات المشتركة" في جازان    تعرف على قائمة المتوجين بلقب كأس الخليج    لدراسة أجندة المرحلة الانتقالية.. سورية على موعد مع حوار وطني شامل    إمام الحرم المكي: الرسل بعثوا دعاة إلى الخير وهداة للبشر    آل بنونة وآل قاضي يتلقون التعازي في حورية    خطيب المسجد النبوي: أعظم وسام يناله المسلم أن يكون أحبّ الناس إلى الله    الدفاع المدني السوري: «تماس كهربائي» أشعل نيران «ملعب حلب»    البدء بأعمال صيانة جسر تقاطع طريق الأمير نايف مع شارع الملك خالد بالدمام ... غدا السبت    (عيد) أفضل حارس للبطولة الخليجية الأولى والثانية    تراجع أسعار الذهب 2596.89 دولارًا للأوقية    الخطوط السعودية ووزارة الإعلام ترفعان مستوى التنسيق والتعاون المشترك    5 إستراتيجيات لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا    رئيسا «الشورى» والبرلمان الباكستاني يبحثان تعزيز التعاون المشترك    كأس العالم 2034.. السعودية ترسم مستقبل الرياضة والشراكات العالمية    خير جليس يودّع «عروس البحر» بتلويحة «جدّة تقرأ»    الأندية السعودية.. تألق آسيوي في الملعب والمدرجات    رغم المخاوف والشكوك.. «سورية الجديدة» تتحسس الخطى    لسرعة الفصل في النزاعات الطبية.. وزير العدل يوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية    دروس قيادية من الرجل الذي سقى الكلب    الحصبة.. فايروس الصغار والكبار    مدربون يصيبون اللاعبين    تقطير البول .. حقيقة أم وهم !    328 سعودية ينضممن إلى سوق العمل يومياً    استغلال الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي يهدد صحتهم النفسية والاجتماعية    تمارا أبو خضرا: إنجاز جديد في عالم ريادة الأعمال والأزياء    إبراهيم فودة.. الحضور والتأثير    رسائل    السعوديون في هيثرو!    بحضور تركي آل الشيخ ... فيوري وأوسيك يرفعان التحدي قبل النزال التاريخي    النصر ومعسكر الاتحاد!    الإخلاء الطبي يشترط التأمين التعاوني للممارسين الصحيين    25 ألف سعودية يثرين الأسواق الناشئة    «سكن».. خيرٌ مستدام    مشاعل الشميمري: أول مهندسة في هندسة الصواريخ والمركبات الفضائية في الخليج العربي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء ينقذ مراجعاً عانى من انسداد الشرايين التاجية    أدوية إنقاص الوزن قد تساعد في القضاء على السمنة لكن مخاطرها لا تزال قائمة    انفراد العربيّة عن غيرها من لغاتٍ حيّة    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    التجارة تضبط 6 أطنان مواد غذائية منتهية الصلاحية بمستودع في جدة    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    د. هلا التويجري خلال الحوار السعودي- الأوروبي: المملكة عززت حقوق الإنسان تجسيداً لرؤيتها 2030    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران وتركيا والعالم العربي
نشر في الحياة يوم 06 - 08 - 2016

تعتبر إيران وتركيا من أكثر الدول تأثيراً في المشهد السياسي الإقليمي، الأمر الذي جعلهما طرفاً مباشراً في عدد من الأزمات التي تشهدها المنطقة، إلا أن لكل دولة أهدافها ومصالحها ومقاربات سياستها الخارجية الخاصة بها.
هناك في الواقع أكثر من عامل يؤثر تأثيراً واضحاً في السياسة الإقليمية في شكل مستمر: طبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة، الحتمية التاريخية والجغرافية، والاعتبارات الاستراتيجية. فتركيا تتبنى نظاماً ديموقراطياً جعلها أكثر قبولاً على الساحة الدولية وأكثر قدرة على التصالح مع مكوّنها السياسي حتى وإن نحت أخيراً نحو سياسة خارجية توسعية مبنية على ايديولوجية الإسلام السياسي. فيما توظف إيران منهجاً دينياً وسياسة خارجية تحاول من خلالها التوسع وتصدير مبادئها السياسية عبر توظيف المعتقد الديني لأغراض سياسية واستراتيجية واضحة، وإيجاد مناطق نفوذ في دول الجوار لاستخدامها أوراقَ ضغط عند الحاجة. ومع أن عقيدتها الثورية التوسعية قادتها إلى خلافات حادة مع محيطها الجغرافي ومع المجتمع الدولي عموماً، فإن إيران استطاعت بذكاء استراتيجي أن تناور مع المجتمع الدولي حتى توصلت إلى اتفاق حول ملفها النووي استطاعت بموجبه أن تحسن علاقاتها مع القوى الغربية من دون تقديم تنازلات كبيرة حول سياستها التدخلية في الشأن الإقليمي.
وفي ما يتعلق بعامل التاريخ، فإن الإرث السياسي والديني والحضاري يشكل دافعاً ومبرراً للعب دور في الأحداث التي تشهدها المنطقة في شكل أو آخر. فلكل من إيران وتركيا دوافعهما في تحركاتهما السياسية، ودائماً ما كان لهما حضورهما، مهما كان التفاوت في ذلك وبرغم تراجع أهمية الدور من وقت إلى آخر.
إيران عزَّزت نفوذها وحضورها في مناطق مختلفة إقليمياً، وأصبحت عنصراً فاعلاً في معادلة التوازن الإقليمي، فيما تسعى تركيا مجدداً إلى تصفير مشاكلها الإقليمية بعدما أدركت أن محاولة توسيع نفوذها في السنوات القليلة الماضية أفقدت سياستها الخارجية مقداراً كبيراً من المرونة والحركة والتأثير. وتختلف الدولتان في مصادر نفوذهما، فيرتكز الدور التركي في غالبه على التعاون والعلاقات البنَّاءة، لكن ما أن بدأت تركيا التدخل في شؤون دول الجوار حتى راحت تحيط نفسها بمقدار أكبر من المشكلات. بينما نجد أن الدور الإيراني يرتكز على التناقضات والأخطاء السياسية للإمساك بأكبر عدد من أوراق الضغط لاستخدامها في علاقات طهران المتردية مع المجتمع الدولي. ولعل إيران هي الرابح الأكبر من الاحتلال الأنغلو- أميركي للعراق، ما جعلها تكسب حرباً لم تكن طرفاً فيها. وهي حاولت توظيف سياسة الميليشيات العسكرية المبنية على أسس طائفية للتوسع في مناطق مختلفة من العالم العربي، ونجحت أخيراً في التوصل إلى اتفاق مع مجموعة 5+1 حول ملفها النووي، ما مكَّنها من تحقيق اختراق لا يستهان به في علاقاتها مع القوى الغربية.
إسقاطات جغرافية
عامل الجغرافيا له أيضاً إسقاطاته وعلى علاقة وثيقة بالمتغير التاريخي، فالجوار الجغرافي يفرض على الدول نوعاً من الضغوط ويتيح لها بعض الفرص أحياناً. فإيران وتركيا تعتمدان البعد الجغرافي في وضع استراتيجيتهما الخارجية، حيث أصبح العالم العربي جزءاً رئيسياً في التحركات السياسية لهما، مع اختلاف الدوافع والتوجهات. فإيران تنظر إلى الجناح الشرقي من العالم العربي على أنه مسرح الصراع للدفاع عن أمنها وسيادتها وتفوقها الإقليمي. وتاريخياً، هكذا كانت الحال في عهد الدولة الصفوية منذ تكوّنها في بداية القرن السادس عشر ودخولها في صراع مع الدولة العثمانية السنية، وتنافسها مع القوى الغربية في مياه الخليج. أما تركيا، فبنَت سياستها الخارجية على ما سماه وزير خارجيتها السابق داود أوغلو «العمق الاستراتيجي» الذي يشكل العالم العربي أحد نطاقاته المهمة، من خلال علاقات تعاونية مع دول الجوار العربي، والذي يقوم أيضاً على «تصفير المشكلات» عموماً كي تزداد قدرتها على المناورة السياسية في كل الاتجاهات. إلا أن أنقرة بدأت تتخلى في السنوات القليلة الماضية عن ذلك النهج وأصبحت أكثر تدخلاً في الشؤون الإقليمية ما جلَب لها مزيداً من المتاعب في محيطها المباشر، وكذلك مع موسكو بعد إسقاط الطائرة الحربية الروسية في 2015. فالعقوبات التي فرضتها عليها روسيا، وتزايد النزعة الانفصالية الكردية، وتنامي ظاهرة الإرهاب، وتردي علاقاتها مع العراق وسورية اللتين تُعتبران عصباً تجارياً للاقتصاد التركي، قادت القيادة التركية إلى إعادة النظر في سياساتها الخارجية ومحاولة العودة إلى استراتيجية «تصفير المشكلات».
أخيراً، للاعتبارات الاستراتيجية تأثيرها الدائم في صوغ العلاقات الدولية، بل إنها دائماً ما كانت لها الغلبة في هذا الشأن. ويمكن القول إن موازين القوى ونظام الأحلاف والمصالح المتبادلة والتدخل الدولي، تشكل حجر الزاوية في اللعبة السياسية الشرق أوسطية. ولا يتوقف ذلك على تصورات صُنَّاع القرار وأهدافهم، بل يمتد إلى طريقة تشخيصهم الوضع الإقليمي عموماً. فحالة الانكشاف السياسي التي تعاني منها المنطقة العربية في العقدين الماضيين ساهمت في شكل غير مسبوق في زيادة نفوذ الدول الإقليمية الأخرى، بحيث أصبح البعض يتحدث عن ثلاث قوى إقليمية تؤثر في رسم أطر التفاعل الإقليمي، كلها دول غير عربية: إسرائيل، إيران، وتركيا. فهذه الدول تملك من مقومات القوة والنفوذ والإرادة ما جعلها فاعلاً رئيساً في رسم مستقبل المنطقة إلى جانب القوى الدولية، بخاصة أميركا وروسيا.
وما يمكن قوله في هذا الوضع إن الدول العربية لديها من موارد القوة الشيء الكثير، لكنها ليست موظَّفة في شكل جيد، وهذا يجعلها غير فاعلة. كما أن الوضع الدولي المنبثق من نهاية الحرب الباردة لم يساعد الدول العربية، بل ساهم في إضعاف العالم العربي، لا سيما السياسة الخارجية الأميركية التي دفعت الدول العربية ثمناً باهظاً لأخطائها، «توسعية» كما كانت في السابق، أم «رخوة» كما هي عليه الآن. كما أن التعويل على تحالفات أو توازنات إقليمية غير عربية قد يكون مفيداً وطبيعياً لكنه قطعاً غير كافٍ نظراً إلى تعقد السياسة الشرق أوسطية وتقاطع مصالح القوى الإقليمية حيناً وتعارضها حيناً آخر.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.