تحتل أخبار لعبة الواقع الافتراضي «بوكيمون غو» المواقع الإخبارية والترفيهية والاجتماعية والصفحات الأولى في بعض الصحف. ومنذ أن أطلقت «نينتندو» هذه اللعبة رسمياً الأسبوع الماضي في الولاياتالمتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، انتشرت عناوين كثيرة مرتبطة باللعبة القديمة الجديدة، منها ما تناول سلبياتها المتمثلة بحوادث السير على الطرق العامة والذهاب للعثور على «بوكيمونات» في أماكن خطرة ما يعرّض اللاعب لأخطار كثيرة أبرزها السرقة. ومنها تحدّث عن إيجابيات اللعبة المتمثلة بتحريك الجسم نظراً إلى أننا أصبحنا معتادين على قلة الحركة. ويعود النجاح الكبير ل «بوكيمون غو» إلى عوامل عدة أبرزها أن شخصيات هذه اللعبة أبصرت النور قبل 20 سنة وتآلف معها مستخدمو الهواتف الذكية اليوم وباتوا ينظرون إليها بحنين إلى الماضي. كما ان تقنية الواقع المعزّز التي تدمج عناصر افتراضية في العالم الواقعي تجعل من اللعبة جسراً بين عالمين تجري فيه لقاءات غريبة ومسلية. ولجميع الأشخاص الذين لم يلعبوها بعد، هنا تلخيص للعبة: تقوم «بوكيمون غو» على البحث عن الشخصيات الافتراضية لهذه السلسلة الكرتونية في الشوارع والمتنزهات والساحات العامة والمستشفيات ومحطات القطارات والمقاهي والأراضي الواسعة... وهي تستخدم خاصية تحديد الموقع الجغرافي (جي بي اس) للسماح لمستخدميها بالعثور على هذه الكائنات الصغيرة ذات الأشكال المتعددة والقوى السحرية المتنوعة. طبعاً هذه الكائنات غير موجودة، والفوز يكون بمجرد الوصول إلى النقطة التي يفترض أنهم فيها. انتشرت اللعبة في كل مكان ووصلت إلى البلاد العربية والأوروبية حيث حمّلها «الصيادون» في شكل غير شرعي، وحتى اليوم، أصبح عدد لاعبي «بوكيمون غو» يفوق 7 ملايين مستخدم. وهذا درّ أرباحاً طائلة على منصات تحميل التطبيقات الإلكترونية لمجموعتي «غوغل» وآبل». وهي تصدرت قائمة اكثر التطبيقات تحميلاً عبر متجر «آبل» الإلكتروني وتنافس «تويتر» على صعيد حركة البيانات عبر الإنترنت. أما على مستوى الشركة، فحصدت اللعبة ملايين الدولارات وساهمت في زيادة قيمة سهم «نينتندو» 25 في المئة الإثنين الماضي. كانت لعبة «بوكيمون» في السابق بسيطة ومقتصرة على الأولاد. وبعد لعبة الفيديو أطلقت «نينتندو» منتجات اخرى متعلقة بها منها بطاقات التبديل ومسلسل كرتوني ومجلة وألعاب عادية وكتب. وعلى رغم تعدد المنتجات، بقيت اللعبة بسيطة ولا تعقيد فيها ولا حتى خطر. كانت تجمع الأولاد يومياً ولساعات طويلة في المكان نفسه. أما اليوم، فأصبحت اللعبة المطورة منتشرة بين الكبار أكثر من الصغار، وتعرّضهم من خلال البحث عن كائنات وهمية لدخول أماكن خاصة أو أماكن محظورة أو خطرة أو «محرّمة». ومن المواقف التي حصلت خلال هذا الأسبوع مع بعض «الصيادين المحترفين»، عثور فتاة اميركية على جثة طافية في نهر وحوادث سير أدت إلى إقفال طريق سريع في اميركا ايضاً، ودخول متحف في واشنطن و»تدنيس» بعض الأماكن فيه. عبّر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي عن آرائهم في «بوكيمون غو». وتباينت التغريدات بين إيجابي وسلبي. فكتب الأميركي جورج راسل: «إنها لعبة مذهلة. تنقل إليك عالماً غير موجود»، أما ديانا خالد فغرّدت: «أعادتنا نينتندو إلى أيام الطفولة. شكراًّ!». وفي تغريدة جرى تداولها على نطاق واسع، يظهر «بيكاتشو»، أشهر شخصيات «بوكيمون»، على أنقاض منزل في غزة للإضاءة على الواقع المرير هناك. وعبّر أحد الفلسطينيين الذين يستخدمون «تويتر» عن استيائه بقوله: «هناك بوكيمون في أسفل الطريق في المستوطنة... فكيف لي أن أمسك به؟». «عالم» يتأرجح بين الواقعي والافتراضي والمرير والجميل، دخل الهواتف الذكية وجعل مستخدميها يقتحمون أملاكاً خاصة بحثاً عن كائناتهم الضالة ليضيفوها إلى مجموعتهم ويزدادوا قوة وعظمة. ولا شك في أن «نينتندو» قامت بخطوة ذكية بإطلاقها «بوكيمون غو»، إذ علم القائمون عليها «النقطة الأضعف» لدى الناس، فهدف كل امرئ أن يكون هو الأقوى.