انهار وقف النار الذي أعلنه رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار بعد ساعات من سريانه أمس، وشهدت جوبا اشتباكات قرب المطار، وقصف الجيش قاعدة المعارضة الرئيسية، بينما بدأت منظمات دولية بإجلاء موظفيها. وأقرّ اجتماع أفريقي طارئ توسيع مهام قوات حفظ السلام الدولية وزيادة عديدها، لتكون قوة تدخل دولية. وقال شهود وموظفو إغاثة أن الاشتباكات تجددت أمس، رغم سريان وقف النار، وسُمع إطلاق نار قرب المطار الذي تقرر فتحه أمام طائرات الأممالمتحدة لإجلاء كبار الموظفين ونقل مدنيين للعلاج في دول مجاورة. وسيفتح اليوم للطائرات المدنية لإجلاء رعايا الدول الراغبين في مغادرة جوبا. وشوهدت أعمدة الدخان تنبعث من قاعدة المعارضة في جبل كجور الذي يتحصن فيه مشار بعد قصف بالمدفعية والأسلحة الثقيلة، وردت عناصر المعارضة على نيران الجيش الحكومي ما أوقع ضحايا من الطرفين. وحذرت الأممالمتحدة من تزايد مضطرد في أعداد النازحين في جوبا، حيث غادر حوالى 40 ألفاً منازلهم بسبب المعارك واحتموا في الكنائس والمجمعات التابعة للمنظمات الإنسانية، فيما تشهد العاصمة نقصاً في الغذاء والماء الصالح للشرب. في المقابل، صرح الناطق باسم الرئاسة في جنوب السودان أتينغ ويك أتينغ، بأن الأوضاع عادت إلى الاستقرار والهدوء، وأن كل الجنود عادوا إلى ثكناتهم. وكشف أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة الهيئة الحكومية لتنمية شرق افريقيا «إيغاد» سيصلون الى جوبا لمقابلة سلفاكير ومشار، لتهدئة الأوضاع. وأقر اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول «إيغاد»، توسيع مهام قوات حفظ السلام الدولية في جنوب السودان وزيادة عديدها. كما أقر الوزراء وقفاً فورياً لإطلاق النار، وفتح مطار جوبا أمام حركة المسافرين، وعودة كل القوات المتحاربة إلى الثكنات فوراً، وفتح ممرات إنسانية لمرور الإغاثة، وتوقيف المتسببين بخرق القانون ومحاسبتهم. ودعا الوزراء إلى مراجعة ميثاق قوات الأممالمتحدة المنتشرة في جنوب السودان «لتصبح قوة دولية للتدخل وزيادة عددها». وينتشر حوالى 10 آلاف جندي دولي في البلاد. وشارك في الاجتماع الطارئ وزراء خارجية السودان وكينيا، وإثيوبيا، وأوغندا، والصومال، نائب وزير خارجية جنوب السودان، وسفيرة جيبوتي في نيروبي ورئيس آلية مراقبة السلام في جنوب السودان، الى جانب ممثل «الترويكا» الغربية السفير الأميركي في العاصمة الكينية وسفير الاتحاد الأوروبي في نيروبي. واجتمع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بمساعديه أمس، بعد طلبه من مجلس الأمن اتخاذ 3 إجراءات عاجلة بخصوص جنوب السودان هي حظر تصدير السلاح لجوبا وتوسيع العقوبات ودعم بعثة الأممالمتحدة فيه. واعتبر وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان مايكل مكواي أن «بان بنى مطالبته بفرض حظر على الجنوب، في غياب تام للحقائق»، مؤكداً رفض بلاده، دخول أية قوة دولية جديدة، قائلاً: «لن نسمح بزيادة جندي واحد لقوات الأممالمتحدة في الجنوب، باعتبار أن ذلك يُعدّ احتلالاً، ونحن غير مستعدين تماماً لتلك الخطوة». ووصف مكواي، بان كي مون، ب «الشخص الموهوم الذي لا يعرف ماذا يفعل، ويردد إملاءات البعض، والذين ظلوا يعملون طيلة الفترة الماضية لفرض ذاك الحظر على جوبا». وأضاف: «عليهم أن يفرضوا حظراً على أميركا أولاً، للجرائم التي ترتكبها»، معتبراً أن «في المجلس عقلاء وواعين، ولن يسمحوا بتمرير مثل ذلك القرار». من جهة أخرى، أعلنت الخرطوم أمس، أنها تدرس خيارات لإجلاء السودانيين من جنوب السودان، بعد أن أبدى 3 آلاف من رعاياها هناك رغبتهم في مغادرة جوبا. وعقدت خلية أزمة كلفتها الحكومة لمتابعة أوضاع السودانيين في جنوب السودان، أول اجتماعاتها برئاسة الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين في الخارج السفير حاج ماجد سوار. وطبقاً لتعميم أصدره الجهاز، فإن اللجنة طلبت من الرئيس عمر البشير إصدار قرار بإجلاء السودانيين من دولة الجنوب «لأن عملية الإجلاء تعد قراراً رئاسياً من الدرجة الأولى، أسوة بما تم من عمليات إجلاء للسودانيين من اليمن وليبيا وأفريقيا الوسطى».