اتسع نطاق المواجهات في جنوب السودان امس، بين قوات من الجيش موالية للرئيس سلفاكير ميارديت وأخرى تساند خصمه ونائبه السابق رياك مشار الذي دعا الجيش صراحة وللمرة الأولى إلى إسقاط سلفاكير. واعترفت جوبا بسقوط مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي (ومسقط رأس الزعيم الراحل جون قرنق) في أيدي أنصار مشار. وتعرض حقل نفط (تملك الصين غالبية الأسهم فيه) لهجوم «قبلي» أسفر عن مقتل حوالى 16 من العمال فيه وفرار العشرات الذين احتموا بمقر للأمم المتحدة في بانتيو عاصمة ولاية الوحدة. ووصل وسطاء أفارقة إلى العاصمة الجنوبيةجوبا حيث أجروا محادثات مع سلفاكير، تناولت سبل وقف القتال وتفادي انزلاق الدولة الوليدة إلى حرب أهلية. لكن آفاق التسوية بدت مسدودة، مع دعوة مشار الجيش إلى إطاحة سلفاكير. وفي حديث إلى إذاعة فرنسا الدولية (أر أف إي)، قال مشار إنه لا يريد أن يناقش إلا «شروط رحيل» منافسه بعد معارك أسفرت عن مئات القتلى. وأضاف مشار: «أدعو الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحزب الحاكم) وجناحها العسكري (الجيش الشعبي للتحرير) إلى إطاحة سلفاكير». وزاد: «إذا أراد أن يتفاوض على شروط تنحيه عن السلطة فنحن موافقون. لكن عليه أن يرحل، لأنه لا يستطيع أن يحافظ على وحدة شعبنا، خصوصاً عندما يعمد إلى قتل الناس كالذباب ويحاول إشعال حرب إتنية». وامتدت المعارك إلى توريت عاصمة ولاية شرق الاستوائية، وظهر مشار وسط أعداد ضخمة من قواته المدججة بالسلاح في منطقة البيبور في ولاية جونقلي، عقب سقوط ثكنات عسكرية في اربع مناطق هي: بور ومقير ومنقلا وأكوبو في أيدي القائد العسكري بيتر قديت المتحدر من قبيلة النوير التي ينتمي إليها النائب السابق للرئيس، ما يشير الى «حرب مفتوحة على أساس عرقي» مع قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها سلفاكير. وأبدت الأممالمتحدة مخاوفها من تمدد الحرب إلى ولاية الوحدة المتاخمة للسودان، حيث غالبية حقول النفط. وأكدت أنها استقبلت في أحد مقارها حوالى 200 من العمال الفارين من الحقول في ولاية جونقلي القريبة، إضافة إلى فارين من حقل في ولاية الوحدة حيث غالبية السكان من النوير. وتواصل امس الهدوء في جوبا، حيث أمر رئيس جنوب السودان قواته بالانسحاب إلى ثكناتها، ودعا المواطنين إلى مزاولة أعمالهم والنازحين إلى العودة لمنازلهم، ما يشير إلى سيطرته على العاصمة. وقال سلفاكير للصحافيين في جوبا، إن مشار «فار مع القوات الموالية له». وأضاف: «لا يمكن أحداً أن يتفرد بتحقيق العدالة، والذين قرروا ذلك اعتقلوا وسجنوا»، في تلميح إلى توقيف 10 شخصيات سياسية وعسكرية في النظام. وكان سلفاكير يتحدث بعد لقائه عدداً من وزراء خارجية دول «مجموعة التنمية في شرق أفريقيا» (إيغاد) الذين وصلوا إلى جوبا في أول مسعى خارجي لإنهاء القتال منذ تفجر الصراع الأحد. وأعلنت كمبالا أن الأممالمتحدة طلبت من الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني الوساطة في جنوب السودان، وسينضم وزير أوغندي إلى الوفد الأفريقي في جوبا. وبدأت الولاياتالمتحدة إجلاء مواطنيها من جنوب السودان، فيما أعلنت بريطانيا أنها تجلي بعض العاملين في سفارتها وتجمع أسماء الرعايا الراغبين بالمغادرة، كما نصحت فرنسا رعاياها في جنوب السودان بالمغادرة. وأعلن تحالف المعارضة في السودان أمس، عزمه على إرسال وفد إلى جوبا لتقديم مبادرة تهدف لنزع فتيل الأزمة في الجنوب، فيما أبدت الخرطوم خشيتها من أن يؤثر الصراع هناك، على تدفق النفط عبر الأراضي السودانية.