تواجه المدن المحررة أخيراً في محافظة الأنبار أخطاراً كبيرة من جيوب تنظيم «داعش» الذي لا يزال يبسط نفوذه في ضواحي مدن الرمادي والفلوجة وهيت وكبيسة، فيما أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس استعادة السيطرة على قاعدة القيارة الجوية الاستراتيجية، الواقعة جنوب مدينة الموصل. ويشكو مسؤولون محليون وشيوخ عشائر من أن عمليات تحرير المدن في الفترة الأخيرة «غير كاملة»، لأنها ركزت السيطرة على مراكز هذه المدن وأهملت ضواحيها المطلة على صحراء شاسعة تمثل ملاذاً مثالياً لمسلحي «داعش» لشن هجماتهم منها. وقال أحد شيوخ الرمادي، عبدالمجيد الفهداوي، ل «الحياة» أن «الشريط الممتد من قضاء الخالية مروراً بالرمادي ووصولاً إلى هيت وكبيسة، يطل على مناطق صحراوية تحصن فيها مسلحو داعش بعدما خسروا مراكز المدن، ومنها يشنون يومياً هجمات برية أو صاروخية باتت تثير قلق الأهالي والمسؤولين». وأضاف أن «مفتاح الاستقرار في الأنبار يكمن في تطهير منطقة الجزيرة المطلة على ثلاث محافظات، الأنبار شمالاً وصلاح الدين غرباً والموصل جنوباً، وهي مناطق معزولة لم تتم معالجتها منذ سنوات، وكانت القوات الأميركية تقوم بدوريات جوية مستمرة لتأمينها ولكن بعد انسحابهم حصل فراغ أمني كبير فيها». وأقر الفهداوي بصعوبة تنفيذ عملية عسكرية في هذه المنطقة في ظل انشغال قوات الأمن بالسيطرة على المدن المحررة، وطالب طيران التحالف الدولي بتأمين هذه المنطقة عبر الغارات الجوية. وأبلغ شعلان النمراوي، أحد شيوخ عشائر هيت، «الحياة» أن قادة الجيش في الأنبار وعدوا شيوخ العشائر خلال اجتماعات عُقدت أخيراً، بقرب إطلاق عملية عسكرية واسعة لتأمين منطقة الجزيرة. وأوضح أن «قضاء هيت واقع تحت تهديد داعش رغم تحريره قبل شهور، إذ ما زال داعش يتحصن في الأحياء الشمالية، خصوصاً في حي البكر شمالي المدينة، ونفذ محاولات عدة خلال الأسبوعين الماضيين لشن هجمات واسعة بهدف إعادة سيطرته على مركز المدينة، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل». في غضون ذلك، اقتحمت قوات الجيش أمس قاعدة عسكرية استراتيجية في ناحية القيارة جنوب الموصل بعد عملية استمرت أسابيع، فيما لعب طيران التحالف الدولي دوراً بارزاً في السيطرة على القاعدة عبر شن غارات مكثفة على مواقع تحصن «داعش» في القاعدة ما سمح لقوات الأمن على الأرض بدخول القاعدة أمس دون قتال عنيف. وتكمن أهمية هذه القاعدة الجوية، التي تبلغ مساحتها نحو 20 كيلومتراً مربعاً، في كونها منطقة تحشيد مثالية للقوات الأمنية وموطئ قدم لها باتجاه تحرير الموصل. كما أنها تضم مدرجين للطيران ما يعني تأمين خط إمداد ونقل للقوات العراقية التي تتهيأ لاستعادة المدينة، المعقل الرئيس لتنظيم «داعش» في العراق. وقال محافظ نينوى نوفل السلطان ل «الحياة» أن «قوات عراقية مدربة اقتحمت قاعدة القيارة الجوية قادمة من محافظة صلاح الدين»، مضيفاً أن «القوات دخلت القاعدة الجوية، لكنها لم تحرر ناحية القيارة حتى الآن». وقال المحلل العسكري هشام الهاشمي ل «الحياة» أن «أهمية القاعدة تكمن في قربها من الموصل بالإضافة إلى أنها تعد مقراً لقيادة ولاية دجلة، ما يعني أن داعش خسر ولاية جديدة»، مشيراً إلى أن القاعدة الجوية تعرضت إلى «قصف مكثف منذ الأول من حزيران (يونيو)». وتابع أن «القوات اقتحمت الجزء الجنوبي من القاعدة الذي يضم ساحة العرضات والمخازن وهي تسعى لتحرير الجزء الشمالي الذي يضم منازل الضباط». وكانت قاعدة القيارة تشغلها في السابق وحدات مدرعة من الفرقة 15 للجيش قبل أن يسيطر عليها تنظيم «داعش» في حزيران 2014.