تنطلق حالة الرعب في رمضان، ويبدأ الناس في تغيير عجلات سياراتهم استعداداً له، ويتم تنظيف «شنطة» السيارة لاستقبال المؤونات وتحميلها لاستيعاب أكبر قدر ممكن، حتى يكتمل مسلسل السرعة والأكل! إن كنت حريصاً على حياتك عزيزي القارئ، فالزم منزلك بقدر ما تستطيع من قوة وصبر، ولا تخرج إلا لحاجة ملحة وشديدة ومهمة، وقبل أن تخرج استودع زوجتك وأطفالك، واتصل على أحبائك وأخبرهم بأنك تحبهم، وإذا كانت لك عداوة مع شخص، أو خصام معه، فاطلب السماح منه، وأذهب البغضاء بينك وبينه، واحرص على ربط حزام الأمان، واستذكر الله، واطلب منه العفو والغفران عن ذنبك الذي اقترفته، لأنك لا تعلم عزيزي هل ستعود إلى بيتك، أم ستمر المستشفى، أو تذهب مباشرة إلى قبرك! نصيحة لك من أخ صائم رأى حادثة مرورية قبيل أذان المغرب، وكان في المسار الأوسط للطريق السريع، وللمرة الأولى في الرياض، وفي المملكة لم يقف المتفرجون، ولم أرَ جوالاتهم تخرج لتلتقط هذا المنظر الغريب، بالنسبة لهم، وحتى لم يبطئ أحدهم سرعته كي لا يكمل الناقص لهذه الحادثة، ويلحق على طعامه الذي هو أهم من حياته وحياة البشر. لا تخرج قبل أذان المغرب والفجر بساعة، حتى لو كلفك ثمناً غالياً، فقطعة من «الكنافة»، أو عصير «الكوكتيل» ليست أغلى من حياتك. وما إن يتبقى ساعة على الأذان، حتى يبدأ يسيل لعاب المتحولين إلى وحوش بشرية، ويبدأ ماراثون اللحاق على أكل التمرة، من دون مبالاة لما خلفه من رعب على المستأمنين، فأخينا الصائم كان أغلب صومه غاط في نوم عميق، فيقوم من سباته، ليستجيب لنداء الطبيعة، وكأن الإفطار على الأذان شرط من شروط الصوم، إذا لم تبدأ عنده مباشرة فصومك باطل، حتى وإن كنت مضطراً لذلك، على رغم انتشار الشباب المتطوعين عند المخارج والتقاطعات، فلا تخف، ستأكل وتروي عطشك وتسكت معدتك. وما إن يفطر، ويملأ معدته بما لذ وطاب من الطعام، ولا يستطيع الوقوف على قدميه، حتى يعود حملاً وديعاً لبضع ساعات فقط، ويتحول إلى مخلوق شبه لطيف، وتعود الكرّة مرة أخرى، ويعود إلى الوحش البشري قبل أذان الفجر بساعة، ليزيد معدته الممتلئة، ويتم تخزين الطعام فيها حتى يرقد مرتاح الكرش.