يستقبل الأتراك شهر رمضان المبارك بمظاهر البهجة والفرح. وتبدأ الاستعدادات للشهر الفضيل قبل اسبوع من اطلالته، ويعتبر السوق المصري من اهم مراكز مدينة اسطنبول لتسوق رمضان بصورة خاصة حيث يعج بالباعة والمشترين من أنواع التمور والزيتون والجبن والحلويات والبسطرمة وغيرها من الاكلات التي تزين موائد الافطار التقليدية في تركيا. مع الإعلان رسميا عن اطلالة الشهر الكريم تضاء مآذن الجوامع في جميع أنحاء تركيا عند صلاة المغرب، وتبقى كذلك حتى فجر اليوم التالي، ويستمر الأمر على هذا المنوال طيلة أيام الشهر الكريم. عندما يحين موعد أذان المغرب تطلق المدافع ايذاناً بالافطار، وبعد الافطار يهرع المواطنون الى المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، والتأخر قد يحرم المصلي من العثور على مكان داخل المسجد. ومع حماس الأتراك الشديد لصلاة التراويح فان من الملاحظ السرعة في أدائها وقراءة الشيء اليسير من القرآن خلالها. ويمكن أن يكون السبب اصابة المواطنين بالارهاق جراء طول ساعات العمل في تركيا التي تبدأ من الثامنة والنصف أو التاسعة صباحاً الى السادسة مساء دون انقطاع واذا أضفنا الوقت الذي يستغرقه الوصول الى المنزل فان هناك الكثيرون لا يستطيعون اللحاق بساعة الافطار الا في اللحظات الأخيرة مما حدا بالبلديات الى تزويد حافلاتها عند اقتراب ساعة الافطار بالتمور والفطائر الصغيرة لتوزيعها على الصائمين من الركاب، علماً بأن الصوم يبدأ هذا العام من الساعة الثالثة والنصف صباحاً وحتى الساعة الثامنة مساء. وشرعت البلديات والجمعيات الخيرية والمحسنين في العقد الأخير باقامة ما يسمى بخيم الطعام أو كما يسميه البعض موائد الرحمن لمن لا يستطيع الوصول الى منزله وقت الافطار وللفقراء والمحتاجين وذوي الدخل المحدود. والى جانب المساجد تنصب خيم كبيرة في الميادين العامة تسع المئات بينها خيمة رمضانية نصبتها احدى بلديات اسطنبول تسع 8 آلاف صائم يومياً. كما يقوم أصحاب العمل باعداد كارتونات تحتوي على مختلف المواد الغذائية هدية رمضان للعاملين عندهم. وعادة يبدأ الاتراك الافطار بالتمر تيمناً بالسنة النبوية الشريفة مع حبات زيتون او قطعة جبن ثم طبق شوربة ساخنة. ومن أبرز مظاهر موائد الافطار خبز خاص بشهر رمضان يسمى بيدا أي الفطير وهو نوع من الخبز المستدير بأحجام مختلفة ويباع بسعر أغلى من سعر الخبز العادي ويصطف المواطنون امام الافران قبيل الافطار لشراء البيدا الساخنة.. ومن أكلات رمضان الدولمة بأنواعها (بذنجان، ورق العنب، القرع، الطماطم) والرز خاصة المملوء بقطع اللحم الصغيرة واللوز وأنواع الكباب والكفتة والمحشي ثم انواع الحلويات الخاصة برمضان واشهرها الغلاج المصنوع من الحليب والقشطة الى جانب البقلاوة والكنافة (العجائن المستديرة التي تحشى بالمكسرات وتسمى بالقطائف). ويقوم قسم من الصائمين بأداء صلاة المغرب أولاً ثم يعود الى المائدة لمواصلة إفطاره فيما يكمل القسم الآخر إفطاره ثم يؤدي صلاة المغرب. وفي السحور يُُؤكل ما تبقى من أصناف الطعام التي أعدت للافطار. ومن العادات المحببة في رمضان ذهاب آلاف العوائل قسم منهم من ولايات بعيدة للإفطار في فناء مسجد الصحابي أبي ايوب الأنصاري وكذلك في جامع السلطان أحمد. ومن العادات الجميلة لدى الشعب التركي اهتمامه بقراءة القرآن طيلة شهر رمضان حيث يقومون بتقسيم سور القرآن الكريم فيما بينهم، على أساس قدرة الشخص في القراءة، وفي الأيام الأخيرة من شهر رمضان تقوم هذه المجموعة أو تلك التي انتهت من ختم القرآن بالذهاب سويًّا إلى أحد الجوامع القريبة للقيام مع الإمام بدعاء جماعي خاص بختم قراءة القرآن.