أحبَّ سعيد الخضري مشروب السوبيا الرمضاني، فبدأ صناعتها هاوياً، إلى أن عرف بين المقربين منه بإجادته، فقرر أن يفتح أول محل متخصص في بيع السوبيا، واختار حارته وسط مكةالمكرمة ومسقط رأسه، لتكون بداية قصة نجاح استمرت لعقود، ربطت اسمه بهذا المشروب الرمضاني. ولد الخضري في حارة «الشبيكة» في قلب مكةالمكرمة، وكان هناك منزل والده، ونشأ بها، حتى فتح محلاً لبيع «السوبيا» في الحي نفسه. يقول أكبر أبنائه فيصل الخضري ل«الحياة»: «بدأ أبي صنع السوبيا منذ الصغر هواية، وأصبحت مع مرور الوقت إبداعاً ذاتياً». وأضاف فيصل: «في محل صغير بالشبيكة، أمام الحرم المكي، لا يتجاوز بضع مترات، يتم تجهيز السوبيا بطريقة خاصة، ثم بيعها، وتتميز السوبيا التي كان يصنعها الوالد بمذاقها اللذيذ، ونكهتها الكامنة المميزة، فاختارها عشاقها على غيرها، فمن ذاقها عرفها، ومن عرفها غرفها». وأردف: «مذاقها جعلها تتفوق وتتغلب على كل سوبيات مكة، وعرفت واشتهرت بذلك، حتى انتشرت بسرعة فائقة، إذ أجاد أبي صناعتها، وأدخل عليها بخلطته السرية تطوراً خاصاً، حتى اكتسحت أي شراب آخر، ولكثرة الطلب عليها في شهر رمضان المبارك كان يضعها في أزيار صغيرة الحجم، تصنع من الفخار خصيصاً لبيع السوبيا، ومع التطور استبدلت بالأكياس البلاستيكية». واستطرد: «تم تأسيس أول محل في عام 1375ه في الشبيكة، بالقرب من المسجد الحرام، أمام مسجد المحبوب، بين السوق الصغير ومدارس الفلاح، وزادت شهرته، حتى أصبح مرور العاصمة المقدسة يضع دورية أمام المحل في شهر رمضان، لتنظيم حركة السير وفض الازدحام، إلى أن انتقل المحل إلى جبل الكعبة، ثم الحفائر ثم شارع المنصور، والآن في الرصيفة». وبيّن أن «السوبيا» مشروب رمضاني عرف بين أهالي الحجاز، خصوصاً في مكةالمكرمة، «وعموما كان وما زال هذا المشروب جزءاً من أجزاء رمضان، ومعظم العائلات منذ القدم يعملون السوبيا في بيوتهم مشروباً رمضانياً، يوضع على مائدة الإفطار حتى يرووا ظمأهم من شدة الحر». ويرى فيصل أن والده «عراب السوبيا»، «لأنه تاريخها، وهو الذي جعلها واقعاً يعيشه عشاقها». وقال: «أبي أنجزها، وحافظ عليها وكأنها أمانة طوال حياته، واعتبرها جزءاً من روحه، فدخول التاريخ ليس ما تصنعه الصدف، لكنه ما يصنعه الشخص وينجزه لخدمة من حوله، وكان يردد ويقول: السوبيا خدمة إنسانية». وكشف أن هنالك من انتحل شخصية والده، وأطلق اسم «الخضري» على «سوبيته»، وزاد: «لا يوجد لدينا فروع غير فرعنا في الرصيفة، ويوجد محلان لنا باسم الخضري، علماً أن الوالد لم يعطِ سر السوبيا لأحد، لا من قريب ولا من بعيد».