علمت «الحياة» أن التعديلات التي تتجه الحكومة المصرية لإدخالها على قانون تنظيم التظاهر المثير للجدل، لن تعرض على الدورة البرلمانية الحالية التي تنتهي في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ما يعني أن التعديلات على القانون الذي سُجن بموجبه مئات المعارضين لن تصدر قبل نهاية العام. وأوضح ل «الحياة» مسؤول مطلع على عمل لجنة تعديل القانون، أن اللجنة ستبدأ عملها خلال أيام «وستنظر في مشاريع القوانين التي قدمها سياسيون والمجلس القومي لحقوق الإنسان (التابع للدولة)، كما أنها ستنظر في تجارب الدول الغربية في كيفية التعاطي مع تنظيم التظاهر». واستبعد إحالة التعديلات على البرلمان خلال الدورة الجارية، مشيراً إلى أنه «عقب انتهاء اللجنة من إجراء التعديلات، ستُعرض على مجلس الوزراء لمناقشتها والموافقة عليها، قبل إحالتها على مجلس الدولة لمراجعة صياغتها القانونية تمهيداً لعرضها بعد ذلك على البرلمان»، متوقعاً الانتهاء من تلك الإجراءات مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة مطلع العام المقبل. وعن المطالب بإجراء تعديلات معمقة، قال إن «اللجنة ستنظر في تلك المطالب كلها، لكنها أيضاً ستحاول الموازنة بين حرية التظاهر والحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. وفي النهاية ستعرض التعديلات على البرلمان وله الكلمة الفصل، سواء بالموافقة عليها أو تعديلها». وكان سياسيون وحقوقيون رحبوا بتعديل قانون التظاهر، وإن شدد معظمهم على ضرورة أن يكون التعديل «جوهرياً» ويلغي عقوبة السجن على التظاهر السلمي من دون تصريح ويخفف قيمة الغرامة. وقال نائب الرئيس السابق محمد البرادعي عبر حسابه على «تويتر» إن قانون التظاهر الحالي «عار على أي دولة تحترم حقوق الإنسان وسُبة لمفهوم القانون والعدالة... تعديله وما ترتب عليه من آثار مجحفة عودة إلى العقلانية». وثمّن المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة إعلان الحكومة إجراء تعديلات على القانون. وقال رئيس المجلس محمد فايق إن «المجلس حذر مع إصدار القانون في العام 2013 من الانحياز إلى مفهوم الأمن على حساب حقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن «القانون خلط بين تنظيم حق التظاهر السلمي وبين ما تتعرض له البلاد من عنف وتعطيل للمواصلات وقطع الطرق وتخريب المنشآت العامة والخاصة، وما ورد فيه من تجريم لهذه الأفعال وللإضراب الذي ينظمه قانون العمل لا علاقة له بحق التظاهر السلمي، وهذه الأفعال موضع تجريم في قانون العقوبات». وأضاف أن «المجلس أوصي بالاكتفاء بإصدار قانون لتنظيم حق التظاهر السلمي واستبعاد كل المواد والنصوص المقحمة في هذا المشروع والتي تعاقب عليها القوانين القائمة، وتأكيد لحق الشعب في التظاهر السلمي الذي انتزعه الشعب في الثورة، لا سيما أن التجربة أثبتت للمواطنين أنهم لا يحصلون على حقوقهم إلا تحت ضغط جماعي جماهيري ووسيلته الأساسية هي التظاهر السلمي والاعتصام السلمي». ودعا إلى «أن تعتمد التعديلات على أساس المعايير الدولية للتظاهر السلمي». وطالب رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان النائب محمد أنور السادات ب «الأخذ بعين الاعتبار توصيات وملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين، والاستماع إلى الأطراف المعنية كلها للوقوف على آرائها واقتراحاتها كي تخرج تعديلات القانون في الشكل الأمثل». وأكد أن «معادلة التظاهر وحرية التعبير مع الحفاظ على هيبة الدولة وسيادة القانون أمر يجب درسه بعناية حتى يتم إجراء التعديلات على القانون بطريقة صحيحة، وإن كان كثيرون يرون ضرورة عمل قانون جديد وليس مجرد إجراء تعديلات». وأكد «أهمية النظر مجدداً إلى ضحايا قانون التظاهر من الشباب غير المتورطين في أعمال عنف أو تخريب كي يتم الإفراج عنهم، وليس فقط قانون التظاهر وحده. لكن يجب النظر في قوانين أخرى كثيرة مجحفة يدفع آخرون ثمن عدم دراستها والتسرع في وضعها». أما تحالف «التيار الديموقراطي» الذي يضم مجموعة من الأحزاب والتيارات المحسوبة على المعارضة، فاعتبر أن إعلان مجلس الوزراء نيته تعديل قانون التظاهر «يمثل خطوة على الطريق الصحيح لرفع القيود الاستثنائية على الحريات، وفتح المجال العام وتطبيق مبادئ الدستور في ما يتعلق بممارسة الحقوق الديموقراطية بالإخطار». وأضاف في بيان، أنه «سجل في كل المناسبات اعتراضه على قانون التظاهر الذي وفر مظلة للتنكيل بأصحاب الرأي والتضييق على الحريات وتوسيع فجوة الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة». وشدد على أن «هذا الموقف تم تأسيسه على ضوء مجموعة من المبادئ على رأسها أن الأصل في إصدار القانون هو الدستور الذي أقر للمصريين بحق التجمع السلمي والتظاهر السلمي، ويلزم أن يوفر القانون للمصريين هذا الحق، لا أن يعطله وأن القانون الذي ينظم هذا الحق الديموقراطي السلمي لا يجوز أن يتضمن الجرائم الأخرى المنصوص عليها في قانون العقوبات مثل العنف وقطع الطرق وغيرها، مما يندرج في قانون العقوبات متصلاً بأعمال العنف والشغب، ويلزم تطهير القانون الجديد من هذه العقوبات». وطالب بأن تشمل التعديلات «امتناع أجهزة الأمن عن ممارسة حق الفيتو في منع وتعطيل المواكب والتظاهرات السلمية بقرارات منفردة، ويكون لزاماً عليها التوجه إلى القضاء، إذا ما قدرت أن السماح بالتظاهرة وتوفير الحماية لها ينطوي على تهديد خطير للأمن، على أن يكون الفيصل حكم القضاء». ودعا إلى «إلغاء العقوبات الواردة في القانون الحالي والتي تصل إلى السجن لخمس سنوات وغرامة 100 ألف جنيه في جرائم الرأي، والاكتفاء بغرامات محدودة لمخالفي القانون، علاوة على تشديد التعديلات على ضرورة وإجراءات مراعاة أجهزة الأمن لمبدأ التدرج في فض التجمعات والمظاهرات السلمية وتشديد عقوبات مخالفة هذا المبدأ وإصدار قانون بالعفو العام الشامل عن كل سجناء الرأي».