في هذا اليوم، قررت أمل العبود أن تنجز عملها قبل الأخريات، حتى تنال كلمات إطراء من مديرتها في العمل، فالكلمات التي تسعى أمل لسماعها، ألقتها المديرة بالأمس على موظفة أخرى، نجحت في إنجاز أعمال كثيرة في وقت قياسي، بيد أن سعي العبود خاب، فلم تخصها مديرتها بأي إطراء من أي نوع. ولا تنكر أمل إحساسها بنوع من «الغيرة الإيجابية» على حد تعبيرها، مؤكدة «لستُ الموظفة الوحيدة التي لديها هذا الإحساس، فغالبية الموظفات في بيئة العمل توجد بينهن غيرة مخفية، أرى أنها تصب في صالح العمل من ناحية، ومن ناحية أخرى في صالح المرأة الموظفة، التي تستطيع عبر التنافس مع الأخريات إثبات ذاتها وكفاءتها، واكتساب المزيد من الخبرات»، مشيرة إلى أن «الغيرة النسائية في بيئة العمل، ليست كلها إيجابية، إذ توجد أنواع منها، خلقت شللية بين الموظفات، يبتسمن لبعضهن البعض، وتضمر قلوبهن البغضاء والكره، وقد تكون الأسباب تافهة». وتشهد بيئات العمل النسائية خلافات حادة بين الموظفات، يعود السبب فيها إلى الغيرة بين الموظفات، وبخاصة اللائي يعمل في القسم نفسه، ولا تقتصر الغيرة في الأمور الخاصة بمجال العمل، وإنما تمتد إلى أمور شخصية، لا تغفلها المرأة في المرأة الأخرى، مثل الملبس والإكسسوارات ووسائل الرفاهية. وتعترف أمل أن غالبية النساء تصيبهن الغيرة من تلك الأمور «المرأة تنظر للمرأة مثلها نظرة شاملة، وتقارن بين لبسها ولبس الأخريات، وبين كمية ونوع المجوهرات التي بحوزتها، وبين نظيرتها لدى زميلاتها، وتتواصل المقارنات إلى المنازل، ونوع السيارة الخاصة وجنسية سائقها، وإذا شعرت أنها تقل عنهن، تصاب بالغيرة، وتسعى بشكل أو بآخر أن تتفوق عليهن في جوانب أخرى، وإذا ما فشلت لا تعترف بالفشل، الذي ينقلب إلى غيرة، إما ظاهرة أو مبطنة». وترى الاختصاصية الاجتماعية صفاء محمد، أن «الغيرة ظاهرة مؤكدة في بيئات العمل النسائية»، مشيرة إلى أنها لا تقتصر على النساء، وإنما «تشمل الرجال أيضاً، وإن كانت بنسب متفاوتة إلى حد كبير»، موضحة أن «الغيرة قد تكون طبيعية، إذا لم تتجاوز حدود الفرقة والخصام بين النساء، وقد تكون مدمرة، إذا حدث العكس»، معتبرة أن «المديرات والمسؤولات في بيئة العمل، يقع عليهن دور كبير، في منع أي تجاوزات تتسبها الغيرة النسائية، إذ عليهن اللجوء إلى الحزم والشدة في خلافات الموظفات في ما بينهن، مع استخدام الحكمة والتروي في سماع جميع الأطراف، وعدم الميل نحو طرف دون الآخر». وتوضح صفاء، أن «المديرين الرجال يحققون نسبة فشل كبيرة إذا أقحموا أنفسهم في حكايات وقصص الغيرة النسائية في بيئة العمل، وحاولوا إصلاح الأمور بين موظفاتهن، فقد تفلت منهم مميزات القيادة والسيطرة، أثناء الفصل بين الموظفات، اللائي قد يستغللن أن مديرهن رجل في إطالة عمر الخلافات وتشعبها». وتضيف أن «المسؤولة الذكية، هي التي تستثمر هذه الغيرة الطبيعية في صالح العمل وليس ضده، من طريق تعمد تحفيز بعض الموظفات في الأوقات المناسبة، إما بصرف مكافآت مادية أو عينية، أو بالمديح والإطراء بهدف تحفيز موظفات أخريات على العمل بجد، حتى يحصلن على التحفيز نفسه في المستقبل»، محذرة من وجود نساء مديرات يتعمدن إذكاء نيران الغيرة والخلافات النسائية في بيئة العمل، من أجل التسلية، أو تصفية حسابات شخصية مع بعض الموظفات».