أكد مستشار منظمة الصحة العالمية البروفيسور زهير السباعي أن الدولة ظلت توفر لوزارة الصحة إمكانات كبيرة، لو استثمرت لكنا في مقدم دول العالم في المجال الصحي. واعتبر السباعي خلال لقاء ضمن سلسلة لقاءات «تجربة نجاح»، التي تنظمها غرفة تجارة مكةالمكرمة، أن مشكلة وزارة الصحة إدارية في المقام الأول، وحلها يكمن في «التفكير خارج الصندوق». وحاول الإجابة على عدد من التساؤلات التي طالما ظلت تطوف حول وزارة الصحة وخدماتها لتأثيرها المباشر على الناس، حول تجربته في القطاع الصحي الحكومي والأهلي، وتدني مستوى الخدمات، مؤكداً أن الإمكانات موجودة، لو أحسن استخدامها لكنا اليوم في أفضل حال. وتحدث عن الحلول التي يمكن أن تعالج تلك المشكلات، مشيراً إلى أن أبرز النقاط التي يجب التركيز عليها، هي التخطيط والإدارة، وإعادة النظر في الأهداف، بمعني ما هو الهدف من الرعاية الصحية، إضافة إلى هدر الأموال، وهو معالجة المريض أي بعد حدوث المشكلة، والمفترض أن الاهتمام بالوقاية قبل حدوث المشكلة. واعترف السباعي أنه سبق وأن لجأ إلى طبيب نفسي لمعالجته، من حال اكتئاب عاشها بضعة أشهر، أثناء دراسته للطب في مصر، مشدداً على أنه لابد من إحاطة المبتعثين بالجو العائلي، وخصوصاً في هذا السن. وأشار إلى أن القوى البشرية في القطاع الصحي غير مهيأة لهذا التوجه الشمولي، سواءً كانوا من الأطباء أم الممرضين، أم الإداريين، أم القياديين، موضحاً أن اللامركزية مهمة في العمل الصحي، وتساءل: لماذا لا تخصص موازنة لكل مركز صحي، تصرف وفق آلية معينة؟ وكشف عن وجود قصور في التعليم الطبي، إذ إن الأطباء لم تتم تهيئتهم بشكل كاف، لتطوير مفهوم الوقاية قبل حدوث المرض، ولاسيما أن 60 إلى 70 في المئة، من الأمراض يمكن الوقاية منها، مؤكداً أن 90 في المئة، من الموارد المالية تذهب لعلاج الإنسان بسبب عدم التوعية. وأضاف: «هناك توجه كبير للمستشفيات المعززة للصحة، إذ إن المستشفى لا ينتظر حتى يأتيه المريض، مشدداً على وجود خلل بسبب غياب المسؤولية الاجتماعية، ومطالباً بحضورها بدلاً من الجهود العلاجية». وفي ما يتعلق بوجود منشآت طبية في مكةالمكرمة مستقبلاً، أوضح السباعي أنه تم الحصول على أرض في «بوابة مكة» بمساحة تصل إلى 60 ألف متر، وسيتم فيها إنشاء مستشفى معزز للصحة، إضافة إلى كليه للطب، ومجمع تعليمي للبنات والأولاد، يهدف إلى تربية الإنسان. كما تحدث عن محاولته لتصبح اللغة العربية لغة دراسة الطب في كليات المملكة، مع إلزام الطلاب بتعلم اللغات الأخرى، مشيراً إلى أن موضوع اللغة العربية في دراسة الطب، شغل تفكيره كثيراً لكنه لم ينجح في تطبيقه، والفكرة جاءت في بداية عمله في الجامعة. وقال: «كان لدينا أستاذ جامعي في التشريح (الطب الشرعي)، وكان مؤمن بتدريس طلاب الطب باللغة العربية، إذ إن التعلم بلغة الإنسان أولى وأفضل». وزاد: «بدأت أسال وأبحث في الموضوع، وذهبت إلى سورية في مهمة، وفوجئت بأن الطلاب هناك كانوا يسألون ويحاورون باللغة العربية»، مستغرباً من طلاب الجامعات السعودية، لا يجرؤون على السؤال أو محاورة المحاضر أو المناقشة باللغة الإنكليزية، بل ولا يستطيعون كتابة صفحة واحدة بهذه اللغة، فكيف نعلمهم بلغة يجهلونها!!». ولم يخف مشاكساته واختلافاته الجوهرية، مع رئيسه وكيل وزارة الصحة هاشم عبدالغفار خلال عملهما لأربعة أعوام، مشيراً إلى أنه حاول تغيير أشياء كثيرة، لكنه في كل مرة كان يواجه معاناة كبيرة، موضحاً أنه أورد تلك الاختلافات في إحدى مؤلفاته، التي تحمل بعض ذكرياته في عمله بالقطاع الصحي.